حتى أنت يا أوباما!
يستمر النحيب الأمريكي بالتعالي. فبعد جون برينان زعيم الـ CIA الذي أعلن منذ أيام «عدم ثقته بمستقبل سورية موحدة»، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم أمس الأربعاء «إحباطه» من المسألة السورية..
إنّ ما قلناه في مقال سابق عن «عدم ثقة» برينان، يمكننا قوله اليوم عن «إحباط» أوباما، ولكن مع بعض الإضافات:
أشرنا في المقال السابق إلى أنّ من عادة القوم في أمريكا، أن يوزعوا الأدوار فيما بينهم، فيكون للدبلوماسيين خطابهم الخاص ولغتهم الناعمة اللاذعة التي لا تقول من الحقائق إلّا شذرات متفرقة، في حين يكون من شأن «مراكز الأبحاث» و«المفكرين» وتالياً «الاستخبارات»، أن تقول الأمور بشكلها الوقح.. فمشاريع الشرق الأوسط بتسمياته المتعددة وبمضامينه التفتيتية والتدميرية، وأساسات هذا المشروع وما يشابهه بالمعنى الفكري كالقول بصراع الحضارات وغيرها من نظريات، خرجت إلى العلن على ألسنة هذه الفئة من «المفكرين» والزعماء «الاستخباريين» من أمثال وأسلاف برينان..
في السنتين الماضيتين، بدأت تعبيرات الخيبة والإحباط والهزيمة تظهر في كتابات وكلام الفئة ذاتها، وعلى رأسها بريجنسكي الذي عبّر غير مرة عن خطورة المستقبل الذي ينتظر الولايات المتحدة. هذه التعبيرات بمجملها، كانت تأتي مصحوبة بما يشبه «خطط طوارئ» يقترحها هؤلاء المفكرون لإنقاذ واشنطن من المصير الأسود.. ولكن الجديد في القضية مسألتان:
أولاً: الخيبة هذه المرة ثقيلة ومرة، فهي ليست انعكاساً لتهديد عابر لموقع واشنطن، بل لتهديد واقعي يستند إلى توازن القوى الدولي الجديد الذي تنوء واشنطن تحت وقع خطوه السريع.
ثانياً: هذه الخيبة لم تعد شأن «المفكرين» وفئتهم وحدها، بل باتت شأناً أمريكياً عاماً.. فحتى أوباما بدأ يعترف، لا بأنه أخطأ هنا أو هناك كما فعل غير مرة خلال السنوات الماضية، بل بأن المسألة كلها باتت بلا آفاق.. فهذه المرة لا وجود لـ«خطط طوارئ»، والمنافذ مغلقة، والواقع «الأليم» لا يسمح بشيء سوى بالتكيف معه..
وأما تلك القوى المحلية التي لا تزال متعلقة بأذيال الأمريكي، فحالها هو حال ميشيل كيلو الذي أعلن منذ فترة خيبته هو الآخر.. بكل الأحوال فخيبة أعداء الشعوب مسرة للشعوب إن تمكنت من تنظيم قواها للاستفادة منها، وهذا ما يعول عليه في نهاية المطاف.