بين الحوار والتبعية
في استعراض الإجابات عن سؤال هل نجح منتدى موسكو؟؟ أود أن أطرح رأيي كمواطن، وأرى أن منتدى موسكو نجح في تحقيق الهدف الذي وضع له: خلق مناخ وبيئة مناسبة لحوار سوري – سوري.
ويبدو أن الروس تعمّدوا أن تكون الطاولة التي جلس حولها المتحاورون ضيقة ولا تتسع للمتحاورين إلا إن كانوا متلاصقين وهذا خلق تواصلاً أولياً،.. وما تابعناه من صور كان يدل على هدوء المتحاورين وارتياحهم وانسجامهم. طبعاً هذا لا يعني عدم وجود اختلافات بالرأي، ولكن تصريحات رئيس وفد الحكومة د. بشار الجعفري في مؤتمره الصحفي، وصفت المعارضات السورية بألفاظ تحترمها وتتعاطى معها كشريك محترم. كما أن رموز المعارضة في مؤتمرهم الصحفي وصفوا ما جرى على أنه عملية حوار جديّة، وإشارتهم للوفد الحكومي المفاوض كانت بعبارات تحترم الوفد وتقدّره مع الاختلاف معه، وكان المعارض سمير العيطة يخاطب د. الجعفري بوصف (سعادة السفير).. باختصار لا يخفى على أحد أن منتدى موسكو خلق بيئة حوار، وكرّس مناخاً للتحاور بين السوريين، وهذا وحده إنجاز يفتح الباب على مسار تشاوري يتسع لأطراف أكثر من المعارضة، ليعمل الجميع ويتشاوروا للوصول إلى حوار وطني للحل.
الوفد الحكومي على لسان رئيسه د. بشار الجعفري اعتبر الحوار التشاوري في موسكو خطوة إيجابية، وأعلن أن الجميع متفقون على لقاء آخر سيحدد موعده لاحقاً. والمعارضة أو المعارضات التي حضرت أعلنت تقريرها للحوار وأبدت موافقتها على الاستمرار فيه، البعض كان لديه ملاحظات لكنها ملاحظات لإغناء الحوار وتصب في تبنّيه واستمراره ولا تتعارض معه. والكل شكر الروس على جهودهم.
مُيسّر الحوار المستعرب فيتالي نعومكن دعا جميع المشاركين إلى استثمار الوقت ودراسة ما طرح في الحوار وتحويله إلى منتوج يمكن أن يخلق توافقاً أكبر في الجولة الثانية من منتدى موسكو، وأعلنت موسكو أنها ستعمل على توسيع مشاركة المعارضة عبر تكرار دعوة الجميع وخاصة أن مصلحة الشعب السوري هي الهدف.
أما ائتلاف الدوحة المعارض، فهو منذ تلقّيه الدعوة إلى حوار موسكو، عمل على نسفه بشروطه المسبقة، وبظنّه أن امتناعه عن المشاركة سيفشل المنتدى، علماً أن غياب الائتلاف كان له دور كبير في نجاح حوار موسكو كما يؤكد كثيرون، وبعد صدمة الائتلاف بنجاح منتدى موسكو، وبدفع من المخابرات القطرية يعمل الائتلاف على تنظيم اجتماع للمعارضة هدفه نسف اجتماع القاهرة، وإبادة ما تحقق في موسكو، ويبدو أن الائتلاف باستمرار تبعيته لقطر وتركيا يسير بخطى حثيثة إلى فنائه النهائي، وهذا حال من يخدم أعداء شعبه، التسريبات تقول: إن اجتماع موسكو التشاوري الثاني سيتم خلال شهر، ترى هل سينتقل المشاركون فيه إلى الإجابة عن أسئلة الناس القائلة: ما هي خطوتكم القادمة في موسكو؟؟ هل ستحملون هموم الناس أكثر؟؟ هل ستكونون أكثر استقلالية عن الأجندات الإقليمية والدولية؟؟ هل ستتحضرون للحوار القادم بعيداً عن المحفوظات السياسية، وقريباً من تحقيق الحلول التي تصب في مصلحة الشعب؟؟ هل ستستفيدون من الأجواء التفاعلية التي جرت في حوار الجولة الأولى من حوار موسكو؟؟
بالمناسبة لا يمكن للمتابع إلا أن يسجل للمعارضة التي شاركت في موسكو تفاعلها وحرصها على الوصول إلى نتائج إيجابية، ويأمل الشعب السوري من هذه المعارضة أن تكون أكثر تفاعلاً وفعلاً باتجاه الحلول الممكنة والعملية التي تحقق مصلحة الشعب، ولابد لنا ونحن نسجل للوفد الحكومي وللدكتور بشار الجعفري تعاطيه العقلاني الحكيم الوطني أثناء حوار موسكو، إلا أننا نسجل للمعارضة وبعض رموزها الحاضرة تعاطيهم العقلاني المتفاعل وطنياً، أمثال قدري جميل وفاتح جاموس وسمير العيطة. وعندما تتفق المعارضة على سيادة واستقلال سورية ووحدة أرضها وشعبها، ورفض التدخل الخارجي والإصرار على تحرير الجولان ومحاربة الإرهاب والعمل سوياً لرفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب السوري، عندما يتفقون في موسكو على كل ذلك، يشعر السوريون بالارتياح، لأن عقلاءهم متمسكون بالثوابت الوطنية ويتحاورون لإيجاد حل سياسي، يدعم الجيش والدولة في حربها ضد الإرهاب لتحقيق الاستقرار الذي يسمح لنا بالنهوض والتقدّم في كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية... عقلاء سورية في حوار موسكو كشفوا هَبَل وعمى أذناب قطر وتركيا و«إسرائيل... طبعاً».
المصدر: SNS ـ تشرين