المطلوب حلول سياسية توقف سفك الدماء
بعد أن دخلت البلاد مرحلة أخرى من حيث تفاقم الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، يزداد الخطر على سورية من الخارج والداخل في آن معاً أكثر من أي وقت مضى..
بعد أن دخلت البلاد مرحلة أخرى من حيث تفاقم الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، يزداد الخطر على سورية من الخارج والداخل في آن معاً أكثر من أي وقت مضى..
حوّل المتنفّذون المتضررون من أية عملية إصلاح، تحويل الإعلان عن رفع حالة الطوارئ في سورية على خلفية التظاهرات الاحتجاجية، إلى مجرد مناورة إعلامية- قانونية في أحسن الأحوال، وما زالت قوى الفساد تناور واهمة أن في استطاعتها «إيقاف» الحركة الشعبية، وأن تمنع التظاهر، لذلك تم إرفاق قانون إيقاف العمل بحالة الطوارئ بقانون ينظم التظاهر ولا يسمح به إلا بعد الحصول على إذن من وزارة الداخلية، وهذا لدفع الحركة الشعبية في متاهات وأروقة الدولة وجعلها رهينة البيروقراطية والعنف الأمني بحجة «التظاهر غير المرخص» ...
هناك العشرات من جرائم الشرف ترتكب في سورية كل عام، وهو ما يعني أولاً استمرار وقوع ظلم واضح وصريح ومستمر على الأنثى في بلدنا.. وبقاء شرائح واسعة من السوريين رازحين تحت وطأة أعراف أكل الدهر عليها وشرب ثانياً، وعدم قدرة الدولة بأجهزتها وقوانينها وخططها التنموية ومؤسساتها المعنية على تطوير المجتمع أو السير به إلى الأمام..
في ظل الفوضى والفلَتان الذي تشهده البوكمال، مثل كل ساحات الوطن المستباحة، في ظل غياب للمحاسبة والقانون، وتماماً مثلما كانوا قبل ذلك يستغلون القانون ويسخرونه لخدمة مآربهم الخاصة، استشرى الفاسدون والمتنفذون والسماسرة في البلدية بالنهب والاعتداء على أملاك الدولة التي هي أملاك عامة للشعب، وحتى على الشوارع والحدائق، يتم ذلك جهاراً نهاراً، و«على عينك يا تاجر» دون أن يحرك أحد ساكناً.
مع اندلاع الأزمة في سورية، وانتشار العنف، وأخذ الأزمة مساراً مسلحاً، أصبح غياب الأمن وانتشار الخطف والقتل من أهم المشاكل التي يعاني منها المواطن، في ظل تراجع دور قوى الأمن، وانشغالها بمهام أخرى، مما أبعدها عن أداء واجبها الأساسي، و تسليح عدد من المجموعات من جانب جهات غير رسمية بموافقة وبغطاء جهات رسمية، والتي باتت تعرف بـ «اللجان الشعبية»، لتأخذ هي دور رجال الأمن في حماية الأحياء والقرى، إلا أن بعض هذه اللجان قد تجاوز الغاية التي أنشئ من أجلها نتيجة غياب الرقابة والمحاسبة الرسمية، مما جعل بعض الفاسدين من عناصر هذه اللجان يقومون بأعمال الخطف، والنهب، وطلب الفدية، والأتاوات من المواطنين، بالإضافة إلى القيام بردود فعل انتقامية في بعض الأحيان من مواطنين محسوبين على مناطق مخالفة لمناطقهم في التوجه السياسي.
بعد أن كانت بلدة قدسيا من المناطق الآمنة التي تغص بعدد كبير من السكان القاطنين فيها، لكونها مركزاً حيوياً من الناحية العمرانية والاقتصادية والتعليمية، أصبحت الآن «بلدة الأشباح»
مضى عامان على الأزمة الوطنية الشاملة التي تعصف بالبلاد هذه الأزمة التي عبرت عن حالة ثورية وأتت نتيجة للتراكمات التي دامت سنوات عديدة من تراكم الفقر والتهميش وتدني مستوى الحريات السياسية وغيرها من العوامل التي أدت مجتمعة الى توترات اجتماعية كبيرة مما أدى في نهاية المطاف إلى انفجار حتمي في الشارع وما أن نزلت الجماهير إلى الشارع للمطالبة بأبسط حقوقها في حياة كريمة إلى أن تجمع عليها جميع أعداء الشعب لإبعادها عن مسارها الصحيح وتحريفها وقسمها عمودياً ووهمياً بعيداً عن الإصطفافات الطبقية الحقيقية.
عامان كاملان انقضيا على انطلاق الموجة الأولى من الحراك الشعبي السلمي الجديد في سورية، والذي سرعان ما تلاه سريعاً، وبشكل مقصود ومنهجي تصعيد العنف ضدّه وضدّ كلّ مكتسبات الشعب التاريخية الماضية، وأسس مكتسباته اللاحقة، من مؤسسات دولة، وعوامل القوة والوحدة الوطنية، وعلى رأسها القطاع العامّ، والجيش العربي السوري، من خلال ممارسات الأعداء الطبقيين من قوى الفساد العالمي الإمبريالي وأتباعها السوريين وغير السوريين، بمختلف مواقعهم الجغرافية والسياسية، في الداخل والخارج، في قوى الفساد الكبير بصفوف النظام، والأندية اللاوطنية في المعارضة.
لعب العنف الذي مارسه متشددو طرفي الصراع في سورية خلال الأزمة دوراً حاسماً في تعميقها وتعقيدها وإيصالها إلى ما وصلت إليه، وإذا كانت الظروف الموضوعية العامة لوقف العنف والمرتكزة أساساً إلى التوازن الدولي وثبات عدم إمكانية «كسر العظم» لمصلحة أي من الطرفين، قد نضجت منذ أشهر عدة، فإن الجديد اليوم هو أن الظروف الذاتية هي الأخرى قطعت مراحل متقدمة في عملية نضجها، والمقصود هو درجة اضطرار القوى المختلفة للتوجه نحو وقف العنف، الأمر الذي تظهر إشاراته واضحةً في الموقف السياسي العام للنظام ومعارضاته السياسية المختلفة من جهة وفي المزاج الشعبي العام، بما فيه بعض المسلحين السوريين الراغبين في وقف العنف، من جهة أخرى، إضافة إلى إحجام معظم القوى الدولية والإقليمية- التي اعتمدت مقارباتها على ترويج العنف سابقاً- عن تأييده علناً اليوم وتوكيل وتوريط بعضها الآخر في مواصلة هذا الدور المتشدد، مثل فرنسا وبريطانيا وقطر، والتي ستكون الخاسر الأكبر مع انطلاق الحل السياسي عبر خروجها من المعادلة السورية إلى حد كبير..
تمضي الوقائع الدولية والداخلية السورية بخطىً ثابتة باتجاه الحل السياسي، وذلك بالرغم من مجمل الانحرافات الثانوية التي تحاول تكريسها قوى التشدد في النظام والمعارضة،