(مهمات برنامجية)
في الأزمة الوطنية: بعد مرور أكثر من عام على انطلاق الأحداث النوعية الهامة والخطرة في وطننا سورية على خلفية تراكمات لعوامل داخلية بامتياز ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي، واستغلال هذه الأحداث من قوى خارجية عديدة، يمكننا التأكيد أن الأمور قد تحولت إلى أزمة وطنية شاملة، وهي وضعية من الاستعصاء في التناقضات والصراعات والاستراتيجيات المتطرفة والمتشددة من النظام وفعاليات في الحراك وقوى في المعارضة وظواهر أخرى تستغل هذه الظروف، واستخدام أكثر الوسائل تدميراً وتخريباً، وضعية من الصراع العنيف المفتوح بدون آفاق زمنية محددة، مفتوح على المزيد من التكاليف والأثمان الباهظة، بدون أية حسابات من الأطراف الأساسية المشتركة في الصراع داخلياً وخارجياً. في هذه الحالة يصبح المطلوب سريعاً وقبل كل شيء البحث والعمل الجاد للخروج من الأزمة بما يضمن وحدة البلاد والحفاظ على السلم الأهلي وتحقيق التغيير الديمقراطي السلمي الآمن الجذري والشامل، في هذه الحالة تطرح الثقافة والقيم والأخلاق والفكر والسياسات الخاصة بالأزمة الوطنية عند الشعوب والنخب التي تمثلها، ونعتقد أن المنهجية العقلانية، والأخلاقية، عدا عن الضرورات السياسية تفترض الانطلاق (أساساً) وفوراً من مستوى المخاطر التي أفرزتها الأزمة والتكاليف واحتمالاتها المستقبلية، ومن ثم تأتي بقية الاعتبارات.
المخاطر التي أفرزتها الأزمة :
1- العنف الداخلي المتبادل، عنف السلطة من جهة، وعنف فعاليات متعددة داخل صفوف الحراك الشعبي من جهة أخرى، إذ حافظت السلطة على طبيعتها، ونهجها ووسائلها الأساسية باستخدام الخيار الأمني لمعالجة الأزمة، كما تمكنت قوى خارجية وداخلية متطرفة من أخذ فاعليات هامة من الحراك الشعبي إلى العنف، على أرضية البنية المجتمعية والسياسية السورية، وحجة الدفاع عن النفس، وهكذا ابتلع العنف إلى درجة كبيرة الأهمية السياسية والأخلاقية للبدايات التي انطلق منها الحراك.
2- اشتداد الاقتتال الداخلي واتساع رقعته، وتقدم أشكال الحرب الأهلية، بما فيها الطائفية منها، انتشار القتل والخطف وطلب الفدية، وانتشار الفوضى في عدة مناطق وتقطع الطرق وغياب الأمان، ما أثر على دورات الإنتاج الزراعية والصناعية والحرفية وتدهور الحالة المعيشية للمواطنين.
3- المستوى العالي والمتعدد الوجوه للتدخل الخارجي، السياسي منه وغرف العمليات السياسية والإصرار الدبلوماسي على انتزاع قرار دولي يشرعن التدخل العسكري المباشر، العقوبات والحصار الاقتصادي الذي خلق مشاكل خطرة جدا للشعب السوري والاقتصاد السوري، التدخل الإعلامي الممول ودوره السلبي والمشبوه وقدراته الكبيرة في حرف الوعي وإجراء انزياحات فيه، التدخل العسكري المتنوع جدا من الدعم اللوجستي إلى فتح المعسكرات وتجميع المقاتلين من كل مكان والسماح لهم بالدخول والخروج، وتهريب السلاح، والتدخل الأمني المعلوماتي، الدعوات والتصريحات العربية وغير العربية على تسليح المعارضة والشعب السوري؟! السخاء المفتوح بالتدخل المالي (المال السياسي) كل ذلك مع المسائل الأخرى يعمل على تدمير الوضع الداخلي ريثما يتحقق شرط التدخل العسكري المباشر، وكل هذا ليس بعيداً إن لم يكن في قلب المشروع الأميركي للمنطقة.
4- المستوى الخطر للتفكك الوطني والاجتماعي، تراجع الوحدة الوطنية وتقدم العصبيات المتخلفة، تزايد الشحن الطائفي وتقدم ثقافة المكونات التفتيتية.
5- الانتشار الخطر والمستهتر لثقافة استدعاء العامل الخارجي للتدخل والتحكم بمصير الوطن باسم الحمايات الإنسانية، أو الدفاع عن النفس، خاصة وأن النظام قد فشل كليا في قضية التحصين الداخلي بحكم نهجه وسياساته وممارساته.
6- خطر الانزلاق لتفكيك وتدمير الدولة، وظائفها، والمؤسسات التي تحميها كالجيش، وخطر عدم الفصل بين السلطة والدولة، وعدم الاهتمام بالمخاطر الناجمة عن ذلك، خاصة في تقدم واستفحال أشكال الحرب الأهلية، وامتدادها طويلاً، وكذلك في المزيد من المشاكل الاقتصادية والمعيشية والتنقل، وغياب الشعور بالأمان، والمزيد من تفكك اللحمة الوطنية والمجتمعية.
حول خطة عمل ومهمات طريق الانتقال السلمي:
1- تأكيد استمرار خيارنا المعارض للنظام ولكل المظاهر السلبية في الحراك، عبر استراتيجية التغيير الديمقراطي السلمي، كخطة عمل أساسية، ونهج وثقافة، وتكتيكات ووسائل نشاط ودعاوى وإعلام، كانت ولا تزال طريق الانتقال الآمن، والآن طريق الخروج من الأزمة والإنقاذ، طريق التكاليف الأدنى بما لا يقاس على الصعيد الإنساني والوطني.
2- التوجه إلى الكتلة المجتمعية والشعبية التي لم تستقطب أو تنضم إلى أي من طرفي الصراع العنيف، رفضت وترفض استراتيجية كل منهما ووسائله ونهجه، وهي بحالة تزايد من فعاليات الحراك التي رفضت وترفض العنف والاقتتال الداخلي والتدخل الخارجي، وكذلك من الموالاة التي ترفض استمرار وسائل النظام بإدارة الأزمة، هذه الكتلة ليست صامتة أو خرساء، وليست حيادية، بل تنتظر من يعبر عنها سياسياً وإعلامياً، ويجب العمل على تحويلها إلى قوة فاعلة على الأرض، بكل الوسائل السلمية.
3- تبني مبدأ الحوار مع أطراف الأزمة الوطنية على أساس رفض التدخل العسكري الخارجي ورفض الإقصاء من أي طرف. حوار الطاولة المستديرة هو الوسيلة الحاسمة إن لم نقل الوحيدة للخروج من الأزمة، لرسم خطوات وتفاصيل مرحلة التغيير والانتقال الديمقراطي الآمن، وأخذ مصالح كل الأطراف بعين الاعتبار.
4- قبول أية مبادرة تمهد الطريق للدخول في حل سياسي سلمي.
5 ـ إطلاق سراح معتقلي الرأي والسجناء السياسيين والموقوفين على خلفية الأحداث الذين لم يرتكبوا جرائم بحق الوطن والشعب.
6- إيقاف الحلول الأمنية وفتح المجال لتقدم الحلول السياسية، والتأكيد على وحدة الجيش ودوره في ضمان السلم الأهلي وسيادة الوطن والدولة أرضا وشعباً.
7- إطلاق المبادرات السياسية بصورة دائمة، وإطلاق صيغ مختلفة في تقريب وجهات النظر وسبل الحوار، وشرح مخاطر الأزمة ومستقبل الوطن المهدد، وخطورة استراتيجيات الحسم العنيف للوصول إلى الأهداف القصوى.
8 ـ إجراء المصالحة الوطنية والكشف عن المفقودين وتعويض المتضررين مادياً ومعنوياً وبشكلٍ فوري.
9- استنهاض دائم لفعاليات التغيير السلمي من أجل التظاهر والاعتصام للتحول إلى قوة فعل وإرادة ضغط حقيقية على طرفي الصراع، وذلك بالاشتراك مع فعاليات الحراك المتمايزة بأنها سلمية، الرافضة للعنف والاقتتال والتدخل الخارجي، وكذلك عبر العمل المستقل مع الغالبية في الشعب السوري الرافضة للاستقطاب.
10- العمل على إطلاق كل أشكال التحرك الديمقراطي الوسيط، خاصة ذلك الذي يساهم في الفصل بين الدولة والسلطة مثل النقابات، الاتحادات، الجمعيات، الأحزاب... الخ.
11- إطلاق كل أشكال العمل الشعبي والأهلي المتعلقة بالأزمة الوطنية والمخاطر التي أفرزتها، لوقف نزيف الدماء، ودرء التفكك، ومنع الاقتتال، وتخفيف آلام العنف المتبادل النفسية والاجتماعية والمادية، وتقديم كل أشكال المساعدات الإنسانية والطبية.
12- العمل على إلغاء خطوات وسياسات الدولة في المجال الاقتصادي، والتي فاقمت الأزمة المعيشية، وضاعفت من آثار العقوبات، واستبدالها بسياسات وبرامج اقتصادية تنموية حقيقية فاعلة تخدم مصالح كل الشعب السوري في كل مناطقه.
13- طرح التصورات البرنامجية والثقافة الديمقراطية الحضارية الخاصة بمستقبل سورية ونظامها السياسي، من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد حول نظام ديمقراطي يقوم على مفاهيم المواطنة، ورفض ربط قيام الأحزاب والبرامج السياسية بالقضايا الدينية والمذهبية.
14- ولأن ائتلاف قوى التغيير السلمي في أهم مرتكزاته، ينطلق من أهمية المُركب الديمقراطي-الوطني في الوجود السوري، يطرح ويتبنى قضية الحفاظ على الثوابت في الانتماء القومي والوطني، والصراع مع الكيان الصهيوني، واسترجاع كل الأراضي السورية المحتلة.