رجعت أسطوانة «الحماية الدولية»؟!
يدعو بعض الناشطين في المجال الإنساني، وبعض السياسيين السوريين لاستجلاب ما يسمونه «حماية دولية» لإيقاف الانتهاكات التي تجري في مناطق متعددة في سورية.
لا شك أن من حق السوريين جميعهم أن يتخوفوا من الانتهاكات التي تجري، والتي يسميها البعض «حالات فردية». ولا شك أن هنالك حاجة لضبط عمليات العدالة كلها ضمن الإطار القانوني، وأمام القضاء، وبما يحافظ على السلم الأهلي وعلى كرامات الناس، بحيث تكون وظيفة العدالة هي تنظيف الجراح وإغلاقها، لإعادة بناء مجتمع متعاون ومتماسك، وليس لفتح جراحات جديدة وآلام جديدة تهدد أمن البلاد ووحدتها، وتفتح الباب أمام أعداء البلاد لمتابعة العمل على تقسيمها وإذلال أهلها.
ولكن الأكيد، أن السبيل نحو حماية الناس وحفظ السلم الأهلي، لن يكون بأي حالٍ من الأحوال عبر ما يسمى «الحماية الدولية»؛ وأولئك الذين يجربون المجرب، كما يقول المثل الشعبي: عقلهم مخرب... ألم ينادي كثيرون عام 2011 وبعده بـ«الحماية الدولية» و«حماية المدنيين»؟ ماذا كانت النتيجة؟ مزيداً من التدخل الخارجي استناداً لهذه الدعوات، وبالتالي مزيداً من الاقتتال والدماء والخراب.
الدعوة نحو «حماية دولية» اليوم، وحتى إن افترضنا حسن النية، هي دعوة لتدويل المسألة السورية مجدداً، وعلى مستوى أعلى من السابق.
المطلوب اليوم، هو الضغط الداخلي من خلال السوريين أنفسهم، عبر تنظيمهم لأنفسهم، وعبر رغبتهم العارمة في طي صفحة الموت والدمار والانتقال لصفحة التعاون والإعمار... ينبغي العمل على الأرض بين السوريين لدفعهم نحو بلورة اجتماعهم السياسي، نحو ضم قواهم السلمية بعضها إلى بعض، عبر لجان السلم الأهلي، وعبر العمل في كل بناية وحارة وشارع ومعمل ومؤسسة وحزب، لكي يتمكنوا من المحافظة على السلم الأهلي، ولكي يتمكنوا من المساهمة بشكل فاعل في بناء بلدهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم.
كذلك فإن على السلطات القائمة أن تكون جاهزة ومرنة للتعامل مع مطالب الناس وتخوفاتها وشكاواها، وألا يغرها موقع السلطة، وأن تتذكر دائماً أن السلطة «مظنة فساد» وأن الطريقة الأساسية لمنع الفساد ومنع الاستكبار، هي التواضع أمام الناس وأمام مطالبها، وتوسيع المشاركة في اتخاذ القرارات، وفي إدارة البلاد، بالتوازي مع التجهيز للاستحقاقات السياسية المختلفة المنتصبة أمام البلاد والعباد...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1209