حرامية وطرابيش

حرامية وطرابيش

لم يكن من الصعب إدراك أن العوائق أمام حل الأزمة السورية لن تظل قائمة؛ فالتاريخ لا يمكن إيقافه كما يشتهي اللصوص، بغض النظر عن اصطفافاتهم السابقة. وها نحن اليوم نرى الأفق وقد فُتح أمام حل أزمتنا التي شردت وقتلت وأفقرت السوريين، لكن مسألة حساسة وخطرة تبدو غائبة عن الكثيرين، وهي أن رموز السلطة السابقة الذين راكموا ثروات طائلة من جيوب السوريين كانوا يدركون أن هذا اليوم لا بد قادم، وهم لذلك أعدوا العدة له، ونهبوا خلال السنوات الماضية جهاز الدولة في سورية، وأعادوا ضخ هذه الأموال المنهوبة على شكل استثمارات «شخصية»؛ فقصورهم التي دخلها السوريون لم يكن قد بقي فيها سوى الفتات، أما الباقي فجرى توزيعه على عدد كبير من الأرصدة في الخارج، بل وفي شركات ضخمة داخل البلاد.

اليوم، يستعد اللصوص لتبديل الطرابيش واقتسام كعكة السوريين التي لطالما سال لعابهم عليها، والأخطر من ذلك، أن من سرق الشعب السوري لم يكن في صفوف السلطة السابقة فحسب، بل هناك من غادر السفينة بعد أن تيقن أنها غارقة لا محالة، وهؤلاء جميعهم يستعدون اليوم في الظلام لسرقة فرح السوريين وآمالهم في بناء سورية جديدة يحصلون فيها على ما يحتاجونه ويستحقونه من الثروة التي أنتجوها بسواعدهم لعقود مضت.
إن السبيل الوحيد لضرب الناهبين لا يمكن أن يكون بالبيانات وإعلان المواقف فحسب، بل لا بد من تنظيم الأغلبية الكاسحة من السوريين للدفاع عن لقمة عيشهم، ولذلك هم بحاجة ماسة لتعميم المعرفة، وأن تُكشف أمامهم أساليب النهب السابقة والقادمة كلها، فخلاص السوريين الوحيد لن يكون إلا عبر دراسة معمقة لبنية النظام السياسي القائم، دراسة تكون أساساً لنضال منظمٍ واسع يؤدي للقطع التام مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية السائدة كلها، تلك التي يظن البعض أنّها لا تزال صالحة بعد أن ثبت فشلها لعقود، لا في سورية وحدها بل في دولٍ كثيرة غيرها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1205