أما آن الأوان ليطالب السوريون بصوتٍ واحد برفع العقوبات؟
شهد الملف السوري تطورات كبيرة خلال الأيام الماضية، والتي رافقها، وبشكل متصاعد، تصريحات واستعراضات وخطابات من قبل كل من تم تصنيفهم تحت عنوان «المعارضة» خلال السنوات الماضية. وانطلق عملياً طوفان من الكلام والخطابات حول جوانب الوضع السوري كافة، إلا موضوع العقوبات التي ما زالت مفروضة على الدولة السورية والشعب السوري. وبشكل عام، وباستثناءات قليلة، يكاد لا يتحدث أحد عن الجانب الاقتصادي للأمور، وبعض من يتطرق إلى الأمر، ما زال يتطرق له في سياق الكلام العام حول ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي، دون طرح أي خطوات عملية وسريعة. في الوقت ذاته، ما زالت الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها الشعب السوري قائمة، وتحتاج عملاً كبيراً ليس على مستوى التفاصيل الخدمية فحسب، بل وعلى مستوى الرؤية الاقتصادية ككل.
وسط هذا المشهد، يستمر الغرب وبالأخص الولايات المتحدة بفرض عقوباتهم ذات الأثر الكارثي على الشعب السوري، دون أي إشارة تُذكر إلى التفكير في رفع أو تخفيف هذه العقوبات، بل إنه هنالك من لا يزال يتكلم فرحاً، بالأخص ضمن أوساط الجالية السورية في أمريكا، وكذلك ضمن أوساط محددة في المعارضة، حول تجديد «قانون قيصر»، والذي وفق ما ورد فيه، فإن العمل به من المفترض أن ينتهي بعد أيام، ولكن العمل من قبل الجهات المذكورة ما زال جارياً للدفع باتجاه تجديده عند مناقشة واعتماد قانون إقرار الدفاع الوطني الأمريكي للعام المقبل... وبما يسمح للأمريكي عملياً بأن يبقى متسلطاً وضاغطاً على الشعب السوري كله، في محاولة للتحكم بخياراته المستقبلية بما يتناسب مع المصالح والرغبات والمشاريع الأمريكية.
وللتذكير، فإنه وفق الترويج الذي يقوم به الغرب، ولكن بالأخص الأمريكان ومن يدور في فلكهم من «السوريين»، فإن العقوبات تم فرضها بسبب وجود النظام السابق في الحكم في سورية، وأن العقوبات سوف تنتهي مع زواله. طبعاً للتذكير، نصوص القوانين التي تم بموجبها فرض هذه العقوبات، وبالأخص «قانون قيصر»، تعطي المجال للاستمرار في فرضها حتى بعد زوال النظام، وأوضحها ما ورد في مقدمته، «سياسة الولايات المتحدة هي أنه يجب استخدام الوسائل الاقتصادية الدبلوماسية والقسرية لإجبار حكومة بشار الأسد على وقف هجماتها القاتلة على الشعب السوري، ودعم الانتقال إلى حكومة في سورية تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان، والتعايش السلمي مع جيرانها»، ويمكن لأي شخص أن يفهم بالضبط من المقصود بـ «الجيران» والذين من المطلوب «التعايش السلمي معهم»، الأمر الذي تحدثت عنه قاسيون سابقاً في عدة مواد، منها: مادة بعنوان «عليكم بالتطبيع... وإلّا!».
يمكن العودة هنا إلى مادة سابقة نشرتها قاسيون بعنوان «متى سترفع الولايات المتحدة عقوباتها عن سورية؟» للتذكير بما قلناه سابقاً حول سياسة أمريكا في فرض عقوباتها، وتكلمنا فيها عن عدد من الأمثلة لعقوبات فرضتها، وما زالت تفرضها أمريكا على عدد من الدول، رغم زوال الأسباب الشكلية لفرض تلك العقوبات... على سبيل المثال: المقال، ما تزال العقوبات الأمريكية على العراق مستمرة رغم مرور 21 عاماً على احتلاله، وإنهاء حكم صدام حسين، الذي من المفترض أن العقوبات تم فرضها على نظامه! إضافة إلى ذلك، هناك ما يكفي من الأدلة ليعرف أي متابع بأن الأهداف الحقيقية لهذه العقوبات تكمن في إضعاف الدول ومؤسساتها إلى حد الانهيار وإفقار الشعوب، ضمن محاولاتها لتحقيق مصالح سياسية معينة، وفي الحالة السورية أبرز هدف هو الدفع باتجاه التطبيع مع الكيان، إضافة إلى إضعاف البلاد ككل، وصولاً إلى تقسيمها إنْ استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وهو هدف ما يزالون يعملون عليه بشكلٍ حثيث.
قاسيون، وعلى مدى سنوات وضعت مقترحات عملية وواقعية حول كيفية التعامل مع العقوبات الاقتصادية، والتي ما زالت صالحة، ويمكن تنفيذها من قبل أي حكومة، بغض النظر عن تسميتها أو توصيفها، إذا كانت تريد حقاً الأفضل للشعب السوري وتحسين الوضع الاقتصادي.
لكن ما يجب القيام به من قبل أي جهة تصف نفسها بالوطنية والمعنية بتحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوري، هو وبشكل عاجل – والذي إذا حصل اليوم، فهو متأخر– المطالبة وبشكل فوري وغير مشروط برفع العقوبات الغربية، وبالأخص الأمريكية، وعلى رأسها «قانون قيصر»، وعلى الرغم من توقعنا بأن ذلك لن يحصل بالأخص من قبل أمريكا، وبمساعدة مواليها ضمن المعارضة... ولكن المعني الأول برفع الصوت اليوم ضد العقوبات، هو الشعب السوري، قبل أي جهات سياسية سورية...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1205