افتتاحية قاسيون 1203: لماذا اقترحنا «موسكو 3»؟

افتتاحية قاسيون 1203: لماذا اقترحنا «موسكو 3»؟

أعلنت منصة موسكو للمعارضة السورية يوم الأربعاء الماضي 27 تشرين الثاني، وخلال مؤتمرها الصحفي الذي تلا عملية توسيعها بانضمام قوى جديدة، أعلنت عن مبادرة للقاء بين المعارضة والنظام في العاصمة الروسية موسكو، على غرار لقاءَي «موسكو1» و«موسكو2» اللذين جريا عام 2015... ولحظة إطلاق تلك الدعوة، لم تكن التطورات الميدانية الأخيرة قد بدأت بالظهور بعد، ولكنها مع ذلك كانت متوقعة إلى هذا الحد أو ذاك، وكانت أحد أسباب إطلاق هذه المبادرة...

إن جوهر المسألة يتمثل بالأمور التالية:

أولاً: كنا قد قلنا وحذّرنا مراراً من أن مناطق خفض التصعيد، على أهميتها في حقن الدم السوري، إلا أنها ليست حلاً مستداماً بأي حال من الأحوال، ووظيفتها كانت إيقاف نزيف الدم للاتجاه إلى الحوار والمفاوضات، للوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد توحيد الشعب السوري والأرض السورية عبر تطبيق 2254، وعبر انتقال سياسي حقيقي نحو منظومة سياسية اقتصادية اجتماعية جديدة يقررها الشعب السوري.

ثانياً: مرت سورية خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية بطورٍ من المعارك العنيفة على امتداد مساحة البلاد، تمكنت أستانا من وقفه عبر اتفاقات خفض التصعيد، وصولاً إلى وقف شبه كامل لإطلاق النار منذ أواسط 2019، أي قبل 5 سنوات. وبعد ذلك بدأ الطور الاقتصادي لعمليّة الاستنزاف، والذي تضمّن العقوبات، وتعاظم وتعمق السياسات الليبرالية المتوحشة للحكومات السورية المتعاقبة، والتي أدت مع العقوبات إلى تعميق المأساة السورية بشكل مضاعف، ووضعت الأساس للانفجار اللاحق عبر سحق مناعة المجتمع، ودفعه للبحث عن أيّ حلول كانت، وعلى رأسها الهروب من بلاده إلى الخارج.

تَجدُّد دائرة العنف والمعارك، يعني أن الحل السياسي اليوم ضروري أكثر من أي وقت مضى، وممكن أكثر من أي وقت مضى؛ فليس لأيٍّ من الأطراف المعنية بالجلوس على طاولة الحوار أن يدّعي قدرته على النصر الساحق الماحق للطرف الآخر، وقد تمت تجربة ذلك سنواتٍ طوالاً على حساب دم السوريين وعذاباتهم.

الحلُّ الوحيد الممكن هو الاتجاه مباشرةً، ليس للِقاءٍ تشاوريٍّ فحسب، كما طرحت مبادرة المنصّة قبل أيام، ولكن نحو حوارٍ مباشر لتطبيق 2254 كاملاً، لوقف تجدُّد وتوسُّع دائرة العنف. وبالتوازي، ينبغي استكمال العمل على السير بالتسوية السورية التركية، التي أكّدنا أهمِّيَتها طوال سنوات، وأنّها كانت كفيلةً (لو حدثت في حينه) بأنْ تمنع احتمالات تجدد القتال التي نراها اليوم، وهي ما تزال مهمّةً الآن، لأنّها أحدُ السبل الأساسية في تطويق القتال اليوم، وتقليل خسائر الشعب السوري الذي خسر ما فيه الكفاية وأكثر

التوجُّه مباشرةً إلى الحل السياسي عبر 2254 هو المخرج الوحيد، وتكرارُ أوهام «الحسم العسكري» و«الإسقاط» من جانب الأطراف المتشدّدة، لن يكون كارثيّاً فحسب، كما في المرة السابقة، بل سيهدِّد بقاءَ سورية ووجودَها الجغرافيّ السياسيّ...

 

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1203
آخر تعديل على الأحد, 01 كانون1/ديسمبر 2024 19:27