كيف نقرأ الرد الفلسطيني على «اتفاق الإطار» الباريسي؟

كيف نقرأ الرد الفلسطيني على «اتفاق الإطار» الباريسي؟

المعلومات التي باتت متاحة في الفضاء الإعلامي حول «اتفاق الإطار» الذي تمت صياغته في باريس، وكذلك حول رد حماس عليه، إضافةً إلى تأكيدات ومعلومات حصلت عليها «قاسيون» بشكلٍ مباشرٍ من قياديين فلسطينيين، تتركز في مسألتين أساسيتين:

قاسيون - المحرر السياسي

أولاً: صياغة اتفاق الإطار الباريسي تمت بمشاركة نشطة وحاسمة من الكيان، وهو ليس مقترحاً أمريكياً-أوروبياً جرت صياغته بمعزلٍ عن طرفي النزاع، ليتم تقديمه لهما، بل تمت صياغته بالاشتراك والموافقة «الإسرائيلية» ودون وجود الطرف الفلسطيني.

ثانياً: الرد الذي قدمته حماس، تمت دراسته والاتفاق عليه مع كل فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو رد يمثلها جميعها وليس رداً يخص حماس وحدها.

تثبيت هاتين النقطتين، أمرٌ في غاية الأهمية لفهم وقراءة المرحلة التي وصل إليها الصراع، سواء ضمن فلسطين المحتلة، أو على المستوى الإقليمي والدولي...

الاشتراك الفاعل لكل من الكيان وواشنطن في صياغة اتفاق الإطار، يعني إقراراً شبه علنيٍ بالهزيمة، مع محاولةٍ لتقليل الخسائر السياسية قدر الإمكان؛ فاتفاق الإطار نفسه، وبشكله الأولي الذي تمّ تقديمه، هو تراجعٌ صهيوني وأمريكي عن القدر الأكبر من الأهداف المعلنة من قبلهما، ورغم ذلك فهو لا يقدم ترجمة سياسية حقيقية لحجم الخسارة الفعلية على الأرض وفي السياسة، ولذا جاء رد حماس، ورد فصائل المقاومة الفلسطينية حاسماً وواضحاً ومتناسباً مع الأوزان الحقيقية التي أنتجتها المعركة من جهة، ومع الأوزان الحقيقية على المستوى الإقليمي والدولي.

بين أهم العناصر الملفتة للنظر في الرد الفلسطيني، هو المطالبة بأن تكون كل من الأمم المتحدة ومصر وقطر وتركيا وروسيا، ضامنين للاتفاق؛ وهذا تحوّلٌ جدي في طريقة صياغة التموضع الدولي بما يخص القضية الفلسطينية التي حاول الأمريكان عبر عقودٍ الاستئثار بدور الخصم والحكم فيها، كي تبقى دون حل، وكي تحافظ على الدور التخريبي للكيان الصهيوني في فلسطين وفي كل المنطقة.

ما يمكن قراءته ضمن اتفاق الإطار الباريسي وما أحاط به من معلومات واتصالات وجولات أمريكية في المنطقة، أنّ الصهيوني والأمريكي قد وصلوا إلى قناعة بأنهم مهزومون على الأرض في فلسطين، وأنّ عليهم أن يبحثوا عن نصرٍ شكليٍ خارج حدود فلسطين لعلّه يغطّي على الخسارة. وتمّ التركيز، وعبر أشهر، على التطبيع مع السعودية باعتباره جائزة ترضيةٍ تخفف من أعباء الخسارة على الصهيوني.

ضمن هذا السياق، يصبح من المهم جداً التصريح الذي صدر عن الخارجية السعودية يوم أمس، والذي ثبّت أنّه لا تطبيع قبل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية. وهو الأمر الذي ليس ضمن مخططات الأمريكان ولا «الإسرائيليين»، بأي شكل من الأشكال.

المحصلة المباشرة للرد الفلسطيني، ومعه التطورات الأخرى الموازية في الإقليم، بما فيه استمرار وقوع الضربات على رأس الأمريكي وحلفائه، هو أنّ المعسكر الصهيوني تتم محاصرته بشكلٍ أكبر ودفعه نحو التنازل بشكلٍ واضحٍ ولا رجعة فيه، ومع ضمانات.

الرفض الصهيوني للرد الفلسطيني ليس نهاية المطاف، فالمفاوضات ستستمر، ولكن الأكيد هو أنّ محصلتها لن تكون إلا في الصالح الفلسطيني، وفي صالح شعوب المنطقة.

في الأثناء، يتعلّم - ربما يتعلّم - المعوّلون على الأمريكي، وعلى الصهيوني والمطبّعون مع الصهيوني، أنّ معسكرهم خاسرٌ ومهزومٌ، وأنّ ما ظهر من هزائم هذا المعسكر ما يزال أول الغيث فحسب، والقادم أعظم... وضمناً، فإنّ كل مخططات الأمريكي اتجاه المنطقة، بما فيها الفوضى الشاملة الهجينة، وبما فيها مشاريع «خطوة مقابل خطوة» في سورية، كلها سيتم نسفها، وسيخسر المراهنون عليها والمنخرطون فيها أيّ مستقبل سياسيٍ لهم في البلد وفي المنطقة...

وهو الأمر الذي يؤكد مجدداً، أنّ القضية الفلسطينية، والنضال الفلسطيني، قد خدم ويخدم مصلحة شعوب المنطقة، ووحدة دولها، أضعاف ما تدعي الأنظمة أنها قدمته لتلك القضية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000
آخر تعديل على الخميس, 08 شباط/فبراير 2024 12:57