العسكر الأمريكي في سورية... على صفيح ساخن!
عماد طحان عماد طحان

العسكر الأمريكي في سورية... على صفيح ساخن!

يمكن القول: إنه منذ قمة طهران لثلاثي أستانا، في تموز من العام الماضي، بدأت عملية تسخينٍ مستمرة في التصاعد حتى اللحظة، سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً وإعلامياً وإلخ.. بهدف رفع الضغط على الأمريكان إلى أقصى حدٍ ممكن، بهدف طردهم من سورية.

تمثّل ذلك في جملة من الأمور الواضحة، على رأسها الموقف السياسي الموحد لكل من روسيا وتركيا وإيران، والمُطالب بخروج العسكر الأمريكي من سورية. ولكن إضافة إلى ذلك، هنالك عمليات الاستهداف المستمرة «المجهولة المصدر» لنقاط التمركز الأمريكية في سورية، التي لا ترقى أيٌّ منها أساساً لأن توصف بأنها قاعدة عسكرية بمعنى الكلمة.

التصاعد مستمر

يمكن لنا أنْ نحصي خلال الشهر الماضي فقط، جملة من الأحداث المرتبطة بالضغط نحو طرد الأمريكان من سورية.
بين ذلك، ما يلي:
عمليات القصف المتكررة لمواقع للعسكر الأمريكي أدت إلى مقتل أحد العساكر المتعاقدين، وجرح آخرين وفق ما أعلنه الأمريكان، وربما تكون الأرقام أكبر، خاصة بعد عملية قصف أخرى من ثمانية إلى عشرة صواريخ. (وهنا ينبغي الانتباه إلى أنّ عمليات الرد والرد على الرد ضمن هذه الوتائر وبهذه الدرجة من الحزم والإصرار، لم تحصل سابقاً، ولكن ينبغي التوقع أنها ستحصل بشكل ثابت ومتصاعد في قادم الأيام، وهذا انعكاس للتحولات المستمرة في الموازين الدولية والإقليمية، وخاصة بعد الاتفاق السعودي الإيراني).
الطلعات الجوية الروسية المكثفة فوق التنف السوري، حيث القاعدة العسكرية الأمريكية البريطانية الأساسية في سورية، وهو الأمر الذي كشف عنه المسؤولون الأمريكان مؤخراً، وكشفوا أنه أمر مستجد لم يكن يحصل سابقاً. ووصل عدد هذه الطلعات في شهر واحدٍ وفقاً للمسؤولين الأمريكان إلى 25 طلعة، أي عملياً طلعة كل يوم.
رغم أنه تم رفضه، إلا أنّ مقترحاً في الكونغرس الأمريكي قد تم تقديمه لسحب القوات الأمريكية من سورية. ونتيجة التصويت عليه كانت ملفتة للانتباه؛ حيث تم رفض مشروع القرار من جانب 321 نائباً، بينما وافق عليه 103 نواب، وهو عدد ليس بالقليل، وفوق ذلك موزعٌ بين 47 جمهورياً و56 ديمقراطياً الأمر الملفت للانتباه بحد ذاته، ليس فقط لأن خطوط الفصل في هذه المسألة عابرة للجمهوري والديمقراطي، وبل وأيضاً لأنّ عدد الديمقراطيين المصوتين مع انسحاب العسكر الأمريكي من سورية أكبر من عدد الجمهوريين، الأمر الذي قد يبدو مفاجئاً من حيث الشكل على الأقل، ويحتاج إلى دراسة منفصلة لمحاولة فهمه.
التسريبات التي نشرتها صحيفة بوليتيكا الدنماركية، والقائلة بأنّ الأمريكان قد يسعون لإحلال جنود من القوات الخاصة الدنماركية، ومن بلدان أخرى بدلاً عن جنودهم في سورية. وهو ما قد يُفهم بوصفه خطوة قبل الأخيرة في عملية الانسحاب، حيث إنّ القوات الخاصة الدنماركية، أو ما شابهها من قوات أوروبية أخرى، ربما لن تحتمل أكثر من أيامٍ أو أسابيع من الضغط الذي يمكن أن يفرض عليها في سورية، وحينها سيكون المنسحب ليس الولايات المتحدة بل الأوروبيين، والتحالف الدولي... وربما تكون تخريجة لا بأس بها من وجهة نظر الأمريكان في إطار تخفيض الخسائر.
هذه النقاط بمجموعها، تكشف عن أنّ عملية الضغط باتجاه إخراج الأمريكي، قد دخلت مرحلة أشد نشاطاً من السابق، وربما لن يطول الوقت حتى نشهد نتائج فعلية وملموسة لعملية الضغط هذه، التي يعزز احتمال نجاحها عدد كبير من الظروف المواتية، بينها بشكل خاص، الاتفاق الإيراني السعودي، وتعمق الاتفاقات ضمن ثلاثي أستانا، إضافة إلى الحالة المتهلهلة التي تعيشها الولايات المتحدة وأداتها «إسرائيل» على الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1115