ما الذي سيترتب على الارتفاع المستمر لأسعار الغاز في أوروبا؟

ما الذي سيترتب على الارتفاع المستمر لأسعار الغاز في أوروبا؟

تجاوزت أسعار الألف متر مكعب من الغاز الطبيعي في أوروبا 3500 دولار، وكانت طوال سنوات بحدود 250 دولار، أي أنها ارتفعت أكثر من 14 ضعفاً، ومن المتوقع وفقاً لمدفيديف أن يصل السعر إلى 5000 دولار بحلول نهاية الشتاء.

تنبأ وزير العدل التشيكي محقاً، بأنّ: «الارتفاع الكبير والسريع في أسعار الطاقة في أوروبا يهدد وجود الاتحاد الأوروبي، ويعرض النظام السياسي لجمهورية التشيك للخطر»، وحذّر مما أسماه «خطر الثورات القادمة في أوروبا»، وهو محق في هذا الأمر أيضاً.
أسعار الطاقة هي أحد المؤشرات فقط على الوضع في أوروبا، وإلى جانبها مؤشرات التضخم والتضخم الصناعي، صناعة، وانكماش النمو، والدخول الفعلي في الركود، وغيرها من الكوارث... وهذه الأمور بمجملها، وخاصة مسألة الطاقة، تعيد التأكيد بجلاءٍ ما بعده جلاء هذه المرة، على أنّ الثروة الأوروبية قد بنيت من حيث الأساس على معادلة نهب المواد الأولية بأرخص الأسعار، وكذا العقول، مقابل بضائع مصنعة بأعلى الأسعار. وهذه المعادلة اليوم تنهار وينهار معها الرفاه النسبي الذي سمحت به قرون من النهب عبر الاستعمار القديم، وعقود من النهب عبر الاستعمار الجديد الاقتصادي...
وبهذا المعنى، فإنّ أوروبا ليست أمام مجرد أزمة وتمر، بل هي في الواقع أمام أزمة وجودية تضعها أمام أحد ثلاثة سيناريوهات: سيناريو 1789، سيناريو 1848، سيناريو 1870... وهذه السيناريوهات الثلاثة تشترك بالجوهر بكلمة مرعبة لحكومات وأنظمة النهب حول العالم، هي كلمة الثورة، وهذه المرة الثورة الشعبية الحقيقية، وليست الثورات الملونة التي برعوا في تصميمها. الفارق بين السيناريوهات الثلاثة سيكون درجة جذرية هذه الثورة، هل ستكون بحدود 1789، أم بحدود 1848، أم بحدود 1870... الأرجح أنّ السيناريو النهائي قد يختصر هذه السيناريوهات الثلاثة معاً، وإنْ بالتدريج السريع، وسيصنع السيناريو الواقعي الجديد الذي لن يتمظهر بشكله النهائي في القريب العاجل، ولكنه سيشق طريقه إلى التمظهر الكامل خلال الأعوام القليلة القادمة، كجزء من معادلة بناء العالم الجديد، لا عالم التعددية القطبية، بل أبعد وأعمق من ذلك: عالم العدالة الاجتماعية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1085