الحسكة القامشلي.. المطلوب تثبيت الاتفاق
بعد أيام من التوتر تم التوصل إلى اتفاق بين السلطات الرسمية السورية والإدارة الذاتية بإزالة مظاهر التوتر في مدينتي القامشلي والحسكة، التي كادت أن تتحول إلى توتر عسكري وأمني بين الطرفين.
وحسب تصريح أصدرته الأسايش بتاريخ 2/2/2021، أعلنت إنهاء الحصار الذي كان قائماً على بعض المراكز والمواقع الخاضعة للسلطات الرسمية، بعد تدخل الطرف الروسي كوسيط. والحال هذه، فإن المهمة الأولى على جدول الأعمال باتت ترسيخ التفاهم الجديد، والارتقاء به إلى مستويات جديدة، تمنع تكرار ما حدث مرة أخرى.
دروس هامة
الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من التفاهم هو: إن إمكانية التفاهم بين السوريين وفي أحرج الأوقات، كانت وما زالت قائمة، خصوصاً إذا توفر طرف محايد ونزيه يسعى فعلاً إلى وضع حد للكارثة السورية، أي: إن هذا الاتفاق أسقط ذرائع وحجج قوى التشدد التي تتحدث كُلٌّ من طرفها، باستحالة التفاهم مع هذا الطرف أو ذاك، كونه كذا وكذا... بغية تبرير سلوكها في استمرار الحرب.
الدرس الثاني: درجة الوعي العالي التي عَبّر عنها السوريون اتجاه احتمال وقوع كارثة من هذا النوع، سواء من خلال الموقف الشعبي العام، بما في ذلك قطاع واسع من أنصار الطرفين، والتي تم التعبير عنها بأشكال مختلفة، أو عبر موقف قوى سياسية سورية تم التعبير عنه من خلال البيان المشترك الذي أصدره كل من حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي، وحزب الإرادة الشعبية، بتاريخ 1/2/2021 ليشكل بذلك سابقة في الحركة السياسية السورية، بالدعوة إلى إيقاف التصعيد بين طرفين سوريين، ودعوة المبعوث الدولي في التسريع بالعملية السياسية، والذي لاقى تفاعلاً وتأييداً واسعاً كما تبين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على أقل تقدير.
في معنى التوتير أو الحرب
كي نعرف أهمية الاتفاق بين الطرفين، يجب معرفة خطورة السير في الاتجاه المعاكس أي: استمرار التوتر والوقوع في المحظور، ومعنى ذلك ونتائجه، سواء على الصعيد السوري العام، أو على صعيد مناطق الشمال الشرقي، أو حتى بالنسبة للمسألة الكردية في سورية.
توسيع دائرة الفوضى، وترسيخ الأساس المادي لتقسيم الأمر الواقع القائم، خصوصاً في ظل وجود قوى عسكرية لخمس دول في هذه المناطق، الأمر الذي يعني استدامة الأزمة السورية أكثر فأكثر، بكل ما يعنيه ذلك من تدمير العالم المادي والروحي للإنسان السوري؛ فكل يوم من الأزمة يكلف السوريين دماً وفقراً وعوزاً ومرضاً وفاقة.
موجات نزوح جديدة، وهجرة واسعة، يمكن أن تؤدي- من جملة ما ستؤدي إليه- إلى تصفية الحامل المادي للمسألة الكردية في سورية، أي الكرد السوريين... بعد عمليات النزوح والهجرة الواسعة خلال سنوات التراجيديا السورية.
استمرار البروباغندا
هي ليست المرة الأولى التي يبادر فيها الطرف الروسي إلى التدخل لتهدئة التوتر بين الطرفين، كما كان قد منع محاولات التوغل التركي مؤخراً في عين عيسى، ناهيك عن التدخل مراراً لحل مشكلة مصادر المياه التي تغذي مدينة الحسكة وريفها (محطة علوك)، ناهيك عن التأكيد المستمر على ضرورة الإسراع في تنفيذ القرار 2254 وضرورة توافق الأطراف السورية، والتواصل مع كل الأطراف السورية من أجل ذلك. وعلى الرغم من كل هذا، لم يبادر أي من الطرفين لا النظام ولا الإدارة الذاتية إلى لفت الانتباه لهذا الدور البنّاء الذي قام ويقوم به الطرف الروسي، فالجهات الرسمية السورية نأت بنفسها عن الاتفاق، زاعمة بأن الاتفاق تم بين الطرف الروسي والإدارة الذاتية، كما نشرت مواقع إلكترونية على لسان محافظ الحسكة، الذي تحدث بذات الخطاب الاستعلائي الاتهامي والتخويني ضد الطرف الآخر. في حين أن الإدارة الذاتية التي التي يطرب البعض ضمنها مع أي تصريح أمريكي، حتى لو كان لموظف من الدرجة العاشرة في البيت الأبيض، لم يكن عندها سوى تكليف موظف من الدرجة العاشرة للحديث عن دور الطرف الروسي في الاتفاق.
وما يؤسف له، أن الاتهامات الإعلامية المتبادلة ما زالت مستمرة بين الطرفين، وهذا ما يعني بأن مخاطر التوتر والتصعيد ما زالت قائمة، وهو ما يلقي على كاهل الوطنيين السوريين مهمة استمرار السعي إلى منع الانزلاق نحو أية مواجهات تنطوي على مخاطر كبرى، وكوارث جديدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1004