افتتاحية قاسيون 1003: ماذا بعد الجولة الخامسة؟

افتتاحية قاسيون 1003: ماذا بعد الجولة الخامسة؟

انتهت منذ أيام الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، كما كان متوقعاً، دون أية نتائج. وبات من الواضح تماماً، وبالتجربة، ما سبق أن أكدنا عليه مراراً، وهو أنّ اللجنة الدستورية مجرد مفتاحٍ للعملية السياسية، أيْ مفتاحٌ لتطبيق القرار 2254، ولا يمكنها أن تصل إلى نتائج نهائية دون تحقيق أمرين:

الأول: هو نقل أعمالها إلى دمشق مع تأمين الضمانات الأممية اللازمة للأعضاء، بحيث تجتمع بشكل يومي ومتواصل، على أن تكون اجتماعاتها متلفزة ليعرف الشعب السوري ماذا يقول من يدّعون تمثيله من الأطراف المختلفة... بهذه الطريقة لن يبقى مكانٌ لذرائع التعطيل، وأولئك من المعارضة الذين يرفضون النقل إلى دمشق حتى بوجود الضمانات، يمارسون السلوك التعطيلي نفسه الذي يمارسه متشددو النظام عبر تجاهل مقترح النقل إلى دمشق بل ورفضه ضمنياً...

الثاني: هو المباشرة بتفاوض مباشر حول السلة الأولى من السلال الأربع للقرار 2254، أيْ: السلة المعنية بالمرحلة الانتقالية، والتي بات من الواضح بالتجربة أنّه لا يمكن السير باتجاه حل الأزمة حلاً شاملاً دونها، وأنّ كل تأخير في توافق السوريين الوطنيين فيما بينهم على شكلها وطبيعتها لن يفعل سوى تقليل دورهم ووزنهم فيها.

إنّ كل العمليات التاريخية لها في نهاية المطاف فترة صلاحية تنتهي بانتهائها. كذلك الأمر بما يخص الحل السياسي؛ فاستمرار البلاد زمناً طويلاً دون حل لن يبعد الحل السياسي كما يحلم البعض فحسب، بل سيؤدي إلى انهيار البلد بأسره؛ بشعبه وبكيانه الجغرافي السياسي، وبالسلطات المتعددة الموجودة على مساحته.

وفقاً للفهم نفسه، فإنّ ما جرى إنجازه بالمعنى العسكري ابتداءً من نهاية 2015 أيْ عبر الدخول الروسي، ضد قوى الإرهاب الدولي وعلى رأسها داعش والنصرة، هذا الإنجاز نفسه لا يمكنه أن يبقى ثابتاً باستمرار الأزمة، خاصة مع انتقال الأزمة إلى طورٍ متقدم جداً من الحرب الاقتصادية المتوحِّشة التي يمارسها الغرب بعقوباته، يداً بيد مع اللصوص وتُجّار الحرب والفاسدين الكبار الداخليين، المدعومين بالسياسات الحكومية الليبرالية... وارتفاعُ نشاط داعش خلال الشهرين الأخيرين ليس سوى مؤشر أوَّلي على صحة هذه القانونية؛ باستمرار الأزمة دون حل سياسي شامل يؤسس لتغيير وطني ديمقراطي جذري وعميق، فإنّ الإرهاب سيكون قادراً على العودة دائماً.

وإذا كنا نكرر دائماً أنّ الوقت السوري هو وقتُ تطبيق القرار 2254 كاملاً، والذي ينبغي أن يكون على طاولة العمل الوطني السوري، فإنّ تكرار الفشل والتعطيل في اللجنة الدستورية، يعيد التأكيد الآن ليس أنّ 2254 يجب أن يكون على طاولة التنفيذ فحسب، بل وبالتحديد السلة الأولى بموضوعاتها المتعددة وعلى رأسها: «إقامة حُكم ذي مصداقية وشامل للجميع ولا يقوم على أسسٍ طائفية».

لتحميل النسخة الالكترونية من العدد 1003

معلومات إضافية

العدد رقم:
1003
آخر تعديل على الثلاثاء, 02 شباط/فبراير 2021 18:16