افتتاحية قاسيون 1001: «السّعار الصهيوني» بشارة خير!

افتتاحية قاسيون 1001: «السّعار الصهيوني» بشارة خير!

تبدو الأمور في ظاهرها، وكأنّ الأزمة السورية ستستمر بعدُ لسنواتٍ طويلةٍ قادمة. وبطبيعة الحال، لا يمكن لوم عموم السوريين الذين يصدّقون هذا الإيحاء، لأسباب عديدة بينها:

أولاً: استطالة الأزمة تدفع الناس إلى التعامل معها بوصفها أمراً دائماً وثابتاً، وذلك لكي تتمكن من التعامل مع عمرها وحياتها الشخصية التي تتعرض للطحن والسحق مع كل يوم جديد.

ثانياً: السلوك الواضح والوقح للمتشددين في النظام والمعارضة، والذي يصب دائماً في تعقيد الأزمة وإطالتها. وأكثر من ذلك، فإن السياسات الليبرالية العابرة للحكومات باتت ضالعةً بـ«وهن عزيمة الأمة» عبر إحباط السوريين وإضعافهم وإفقارهم وصولاً إلى الإعياء، بحيثُ يقبلون أيّ شيء وكل شيء...

ثالثاً: السلوك الغربي، والأمريكي خاصة، والذي يقدم لنا جيمس جيفري تعبيراً مكثفاً عنه، والذي وصل به الأمر في آخر مقال نشره أنْ قال إنّ الاستنزاف الطويل الأمد هو بالضبط الأمر المطلوب، لأنّ «هذا ما نجح في هزيمة السوفييت في أفغانستان»!

يجري تحويل هذه العوامل الواقعية، وغيرها، إلى ستارٍ دخانيٍ كثيف، غرضه تغطية الحركة الحقيقية الجارية، لا بما يخص سورية وحدها، بل والإقليم والعالم بأسره. وإذا كانت كلمة السّر الأساسية في مجمل الحركة العالمية الجارية، هي الأزمة الرأسمالية العميقة والشاملة، والتي تنفجر الآن في المركز الأمريكي، فإنّ تداعيات هذا الانفجار وحجمه وآثاره ستصل إلى كل بيتٍ في كل مكان في العالم بما في ذلك في سورية، بل وربما بدايةً بسورية.

أول من تأثر وسيتأثر بعمق بما يجري في الولايات المتحدة، هو الكيان الصهيوني الذي تحدثت مراكز دراساته عن التراجع الأمريكي والغربي منذ سنوات عديدة، وبدأت بطرح سيناريوهات للتعامل معه منذ ذلك الحين... ولكن الواقع أكبر من مختلف السيناريوهات، والمتضرر الأكبر مما يجري في الولايات المتحدة سيكون الكيان الصهيوني نفسه، وكذا الأنظمة الفاسدة والتابعة تاريخياً للغرب...

ما ينبغي أن يكون واضحاً، هو أنّ «صفقة القرن»، ومجمل «صفقات التطبيع» التي قام بها الكيان مع دول عربية، إنما تأتي في إطار التحضير لعملية الانكفاء الأمريكي الإجباري عن المنطقة، والتي بدأت بالفعل وستتسارع باستمرار. وربما لا نبالغ إن قلنا إنّ أحد أهم أهداف هذه الصفقات هو التحضير لمحاولة فرض صفقة على سورية تحرف الحل السياسي عن مساره الصحيح المنصوص عليه في 2254...

ما ينبغي أن يكون أكثر وضوحاً، هو أنّ الألاعيب الصهيونية المختلفة، سواء عبر شخصيات سورية، أو عبر دول عربية بعينها، أو غيرها من الألاعيب، هي كلّها ألعاب وأحلام مكشوفة وواضحة، ولن يكون لدى «إسرائيل» القوة الكافية لتمرير أيٍّ منها، وأنّ استرجاع السيادة السورية الكاملة على الجولان السوري المحتل، هي جزء أساسي من الحل السياسي القادم، ومن التطبيق الكامل للقرار 2254، ولن يكون بمقدور أحدٍ أن يمنح الصهيوني أي شيءٍ ينتقص من تلك السيادة...

الحالة المسعورة التي يعيشها الكيان الصهيوني، عبر بعض عملائه، هي بحد ذاتها مؤشر على استشعار الصهيوني احتمالات اقتراب التغيير ضمن معادلات الأزمة السورية باتجاه الحل...

لتحميل النسخة الإلكترونية للعدد 1001 من جريدة قاسيون إضغط هنا

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1001
آخر تعديل على الأحد, 17 كانون2/يناير 2021 20:22