إضاءات على مشروع النظام الداخلي لحزب الإرادة الشعبية
زهير مشعان زهير مشعان

إضاءات على مشروع النظام الداخلي لحزب الإرادة الشعبية

إن أهمية طرح مشروع النظام الداخلي للنقاش العام والعلني، ومن ثمة بعده مشروع البرنامج، لمناقشته من قبل الرفاق والأصدقاء ولجماهير الحزب، ولمن يحب أن يدلي بدلوه، خطوة لتعميق الوعي، وفي اتجاه استعادة وتعميق العلاقة مع الجماهير، وتطويرها لاستعادة الحزب لدوره الوظيفي، الذي فقده خلال العقود الماضية من تراجع الحركة الثورية العالمية ككل، ومنها الحركة الثورية السورية، وعلى رأسها الحركة الشيوعية السورية، لأسباب موضوعية وذاتية.

إضاءات

اعتادت أساليب النقاش السابقة على التركيز على البرنامج السياسي، والقصور والسلبيات والأخطاء حتى في المفردات، دون الإضاءة على الرؤية التنظيمية وانسجامها مع البرنامج ومناسبتها للواقع، كونها الميكانيزم الذي سيحول البرنامج إلى أداة وسلاح بيد الجماهير، علماً أن الإيجابيات تكون هي الغالبة. فلا يكفي أن يكون التفسير والبرنامج صحيحاً، دون وجود آلية مناسبة وعملية تحقق التغيير الحقيقي.

قبل مناقشة مشروع النظام الداخلي بمقدمته وفصوله، لابد من طرح فكرة التفكير الجديد خارج الصندوق، والنظر إلى القواعد اللينينية في التنظيم بعمق، فقد خاض لينين نقاشات ومعارك مع الكثيرين ومنهم مارتوف، أثناء بناء نظرية الحزب الثوري وقواعد التنظيم التي فرضتها الظروف آنذاك، في مرحلة صعود الحركة الثورية، والتي تتطلب حزماً وانضباطاً طوعياً عالياً عُرف بالديسيبلين الحزبي، ليتمكن من القيام بدوره الوظيفي، ومكّن لينين والحزب من القيام بثورة أكتوبر وقيادتها ونجاحها منذ أكثر من 100 عام ونيّف، لكن ما زال قسم من الشيوعيين يتمسك بها بجمود تحوّل إلى وراثة، رغم تغيّر الظروف الموضوعية والذاتية، نتيجة التراجع العام في الحركة الثورية والشيوعية منذ النصف الثاني من القرن الماضي، وقسم آخر من الشيوعيين أدخل فيها بعض المواد والأفكار تلبية للهجوم عليها من قبل أعداء الشيوعيين كأفكار عبادة الفرد ودور الأمين العام وطغيان المركزية وغيرها من التي عفا عليها الزمن، فأدخل مواد شكلية لكن الأمور بقيت عملياً، وقادت إلى العدمية حتى في التنظيم، كتحديد مدة الأمين العام بدورتين انتخابيتين، التي جرى التلاعب عليها بإحداث منصب رئيس الحزب لبقاء الأمين العام المنتهية ولايته.

إن قسماً كبيراً من القواعد اللينينية في التنظيم ما زالت تحمل عناصر استمراريتها للحاضر والمستقبل، ويرتكز عليها مشروع النظام الداخلي، كتبني المركزية الديمقراطية، وهناك إضافات إبداعية في رؤيته التنظيمية فرضتها الظروف الحالية التي تتسم ببدء موت الفضاء السياسي القديم الذي لم يُدفن بعد، وبدء انغلاق الأفق أمام الرأسمالية وقواها وأدواتها، وبدء ولادة الفضاء السياسي الجديد الذي لم يتبلور بعد وبدء انفتاح الأفق أمام الحركة الثورة والشيوعية، وخاصة أن الصراع القادم هو صراع برامج، وبالتالي العلاقة بين البرنامج والنظام الداخلي علاقة تفاعلية تكاملية، وآلية وصوله ليتحول من قوة معرفية إلى قوة مادية بيد الجماهير لتحقيق التغيير الحقيقي، وإلاّ تتحول أحسن البرامج إلى هباء منثور، ولحزب الإرادة الشعبية دور مهم في ذلك وقد أثبتته الوقائع منذ 2003 كتيار قاسيون ثم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وحالياً حزب الإرادة الشعبية، من خلال رؤيته الفكرية والسياسية ومنصته المعرفية ومواقفه قبل وأثناء الأزمة، وانفجار الحراك الشعبي وإلى الآن في رؤيته لإنهاء الأزمة والحل السياسي لتحقيق التغيير الحقيقي الذي يستحقه الشعب السوري، والذي سنُبينه في نقاش تفاصيل مقدمة مشروع النظام الداخلي وفصوله.

في مقدمة المشروع

تشكل المقدمة المكثفة بأفكارها هوية الحزب الفكرية والسياسية ورؤيته التنظيمية

في الفقرة الأولى: تأكيد الحزب على أنه حزب الطبقة العاملة وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم ويناضل لتحقيق مصالحهم الوطنية والطبقية من خلال تطبيق برنامجه السياسي الوطني والاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي، وبناء مجتمع اشتراكي. وهو هنا ليس يحدد هويته فقط، بل يؤكد على فكرة مهمة، وهي: تلازم المهام الثلاث الوطنية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، وهي فكرة ينفرد بها الحزب وتفتقدها القوى السياسية السورية.

في الفقرة الثانية: يشكل الحزب جزءاً من الحركة السياسية الوليدة ومكوناً هاماً من الفضاء السياسي الجديد، ودأبه لاستعادة دوره الوظيفي من خلال عودته إلى الجماهير، وهنا يؤكد الحزب عدم احتكاره للحقيقة والشرعية، كما في الفضاء السياسي الذي يموت، ويعني أن الشرعية تكون مستمدة من الشعب والتعبير عن مصالحه.

في الفقرة الثالثة: الحزب هو ثمرة التاريخ النضالي لآلاف الشيوعيين السوريين والوريث الشرعي للحركة الشيوعية السورية ومنجزاتها الفكرية والمعرفية والسياسية وتطويرها. وهنا لم ينف الحزب الإرث التاريخي للشيوعيين، ولم يتوقف عند ذلك، بل يعمل على تطويرها، وهو ما تحقق فعلياً في الفترة السابقة من خلال الواقع والممارسة.

في الفقرة الرابعة: يتبنى الحزب الاشتراكية العلمية ويسترشد بها ويعمل على تطبيقها وفق ظروف بلادنا وخصائصها، ومستفيداً من تجارب الحركة الثورية العالمية، ويتبنى مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم. وهنا كان يجب الإضافة والتأكيد على تبني الماركسية اللينينية نظرياً، ويعمل على تطبيق الاشتراكية العلمية عملياً.

في الفقرة الأخيرة: يفصل الحزب ماذا يعني تبنيه للاشتراكية العلمية التي تحقق أعلى معدلات نمو وأعمق عدالة اجتماعية، ويؤكد على دور الحريات السياسية والديمقراطية ومشاركة الجماهير في الحياة السياسية، وبالتالي هو يبين أنها كانت وما زالت مهمشة منذ عقود وسبباً مهما لحالة عدم الرضا وانفجار الحراك الشعبي. وفي الفقرة ذاتها يؤكد على التصدي للمخططات (الأمريكية والصهيونية) في المنطقة والعالم، والنضال لتحرير جميع الأراضي المحتلة. وهنا يمكن التساؤل: هل المخططات الأمريكية والصهيونية فقط هي التي تستهدف المنطقة والعالم؟ أليست المراكز الرأسمالية الأخرى تستهدفها أيضاً؟ وأدوات المركز الأمريكي والصهيونية والمراكز الأخرى في المنطقة تستهدف المنطقة أيضاً بتمرير هذه المخططات؟ لذا يمكن استبدال المخططات (الأمريكية) بالإمبريالية والصهيونية. وأخيراً: من المهم الإشارة هنا إلى فكرتين مهمتين في المقدمة، الأولى: دور القوى الصاعدة دولياً وفي المنطقة، والموقف منها عبر تحقيق التبادل المتكافئ. والثانية: كون الحديث عن استهداف المنطقة لابد من الإشارة إلى فكرة الحزب حول اتحاد شعوب الشرق في مواجهة هذه المخططات.

في الفصول

الفصل الأول، العضوية:
ربما هو الفصل الأكثر تطويراً وخاصة في شروط العضوية، والمستندة إلى القواعد اللينينية في التنظيم والشروط ذاتها، مع رؤية عصرية بجعل العضوية على مستويين ناشط تنطبق عليه شروط العضوية اللينينية. ومؤيد، شروطه تأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية والذاتية التي تتسم ببدء موت الفضاء السياسي القديم، الذي لم يدفن بعد، وبدء ولادة الجديد، لذلك وجب عليه الموافقة على برنامج الحزب دون الموافقة على النظام الداخلي، لأن موافقته هذه ستعني استكماله للشرط الثالث الانضمام إلى إحدى هيئات الحزب. والبعض رأى في ذلك تناقضاً وتخلياً عن شروط لينين في العضوية، بل واعتبرها مارتوفية. دون التفكير بالظروف الحالية. وكذلك رأى البعض أن هناك خللاً في التمييز بين حقوق الناشط بالترشح والانتخاب، وحصر المؤيد بالانتخاب فقط ومشاركته بذلك تسمح بصعود أشخاص غير أكفاء، وفق اصطفاف غير مبدئي. ويغيب عنهم: أن الترشح محصور بين الناشطين، وهذا يعني أنهم يمتلكون صفات تؤهلهم لذلك. كما أن إشراك المؤيد في الانتخاب ينسجم مع الفكرة الأساسية بعودة الحزب إلى الجماهير ليتمكن من القيام بدوره الوظيفي. كما أن البعض يعتبر جعل العضوية على مستويين، بالنسبة له فصلاً ميكانيكياً، بينما حسب النظام الداخلي ونقاط تحول المؤيد إلى ناشط والعكس، تعبير عن علاقة جدلية بينهما تقوم على التأثير والتأثر.

في الفصل الثاني، الهيئات المكونة للحزب:
الإضافة الأولى المهمة في الهيئات: هي إحداث هيئة رئاسة وأمناء المجلس المركزي والتكامل بين مهمات هيئة الرئاسة التي تقود عمل الحزب بين اجتماعي المجلس، وإحداث هيئة أمناء المجلس التي تقود العمل اليومي كل أمين حسب مهماته، مما يمنح الحيوية والديناميكية لعمل ونشاط الحزب. والإضافة الثانية هي: إحداث الهيئة الاستشارية العليا، والتي تنتخب من المؤتمر العام، وهذا يعني أن مهماتها وصلاحياتها متابعة ومراقبة عمل رئاسة المجلس، والاستفادة من خبرات الرفاق الكوادر الفكرية والسياسية والتنظيمية، مما يعني توسيع الديمقراطية بإشراك كوادر عديدة من الحزب، وخاصة من الرفاق القدماء، مع الحفاظ على المركزية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
990
آخر تعديل على الإثنين, 02 تشرين2/نوفمبر 2020 17:17