افتتاحية قاسيون 957: كورونا تسقط التاج الغربي!
بالتوازي مع حالة الرعب العالمي التي لا تنتشر بسبب الفيروس التاجي (كورونا) وحده، بل وأيضاً لأنَّ الحكومات الغربية تعززها بشكل مقصود. بالتوازي مع ذلك، هنالك شيء كبير، عظيم، وتاريخي، يحدثْ، وإنْ كانت الأضواء لا تلقى عليه بالقدر الكافي حتى اللحظة.
إنّ ما بشّر به حزب الإرادة الشعبية منذ بداياته الأولى مطالع هذا القرن، بات الآن موضع التنفيذ الفعلي: التوازن الدولي الجديد الذي سيطوي صفحة الهيمنة الغربية إلى غير رجعة. الهيمنة الغربية، ليس فقط بما هي سيطرة للغرب بالمعنى السياسي على العالم، بل وأيضاً بوصفها سيطرة منظومة الربح التي تدهس كل قيمة أخلاقية وإنسانية أمام اعتبارات الربح. وفوق ذلك، فهي تستثمر كل أنواع الشعارات، بما فيها أكثر الشعارات نقاءً لتفعيل نهبها لشعوبها ولشعوب الكوكب: وعلى رأس تلك الشعارات، حقوق الإنسان والحريات الفردية وإلخ.
الواقع الذي يعيشه العالم اليوم في مواجهة الفيروس التاجي، وبشكل خاص النموذج المتألق والمتفوق الذي قدمته الصين، والذي رفع إلى المكانة الأسمى حق الإنسان في الحياة وفي التداوي المجاني، رفعه فوق كل اعتبارات الشركات... هذا النموذج أسقط بلا رجعة التاج عن رأس المنظومة الغربية.
ورغم أنّ حديث العالم بأسره في هذه الأثناء يدور في فلك الكورونا، إلّا أنّ حدثاً آخر أضخم بما لا يقاس يهيمن على تطورات العالم، بما فيها تطورات كورونا نفسه، المبالغ بها في كثير من الأحيان؛ نقصد بذلك ما جرى يوم الجمعة 6 آذار يوم أوقفت روسيا العمل باتفاق (أوبك+) لتخفيض إنتاج النفط، الأمر الذي أدّى إلى انهيار البورصات حول العالم ابتداء من الولايات المتحدة، والتي عوضت جزءاً من خسائرها خلال الأيام الماضية عبر تضخيم فقاعة الدين بشكل كارثي وعبر ضخ 1500 مليار دولار إضافية... وهو الأمر الذي سرعان ما سيدخل الاقتصاد العالمي، والغربي بشكل خاص في أزمة لا مخرج منها.
على الضفة الأخرى، في الصين وروسيا، ورغم أنَّ الأزمة ستصل إليهما، لكن النموذج القائم على رفع نسبة إسهام الاقتصاد الحقيقي من صناعة وزراعة وبناء في الناتج الإجمالي، سيشكل درعاً صاداً أمام انفجار الفقاعة، حيث تتجاوز نسبة الإنتاج الحقيقي من الناتج الإجمالي في الصين وروسيا على التوالي: 56% و42,1%. وذلك على النقيض من دول من طراز الولايات المتحدة وبريطانيا: 20,1% و18,8% على التوالي.
إنّ تعفُّن النموذج الغربي بقيمه وأساساته، قد وصل إلى حدوده النهائية، وكذا الأمر بالنسبة لمختلف أشكال الأنظمة السياسية التي بنيت تابعة في جوهرها لهذا النموذج.
ما سنراه على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية خلال السنوات القادمة، هو انهيار شامل لنموذج قديم، وولادة متدرجة لنموذج جديد...
سورية لن تكون استثناءً، عنوان الانتقال في سورية من العالم القديم إلى العالم الجديد، هو تطبيق القرار 2254 تطبيقاً كاملاً... وهو ما سيجري.
تابعوا قناة قاسيون على التلغرام
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 957