!افتتاحية قاسيون 945: الحل السياسي... الواقع والاستحقاق
قدم المبعوث الدولي الخاص لسورية، غير بيدرسون، يوم العشرين من الشهر الجاري، إحاطته الثانية لمجلس الأمن الدولي، حول عمل اللجنة الدستورية السورية.
تضمنت الإحاطة، بما يكفي من الوضوح، ولكن بطبيعة الحال في حدود ما تسمح به اللغة الدبلوماسية، تحميلاً لمسؤولية فشل الجولة الثانية للطرفين السوريين على حد سواء.
أوَّل ما تنبغي ملاحظته في هذا السياق، هو أنّ الفشل الكامل للجولة الثانية، بمقابل ما قيل عن نجاح الأولى، بات يسمح الآن بإعادة تقييم أكثر موضوعية للجولة الأولى نفسها؛ إعادة تقييم جوهرها، أنّ الأطراف المتشددة تعاملت مع الجولة الأولى من باب الانحناء الاضطراري المؤقت للعاصفة، مظهرة بشكل غير صادق بعض النوايا الإيجابية، في حين بقيت محتفظة بآمالها التخريبية التي أظهرتها في الجولة الثانية بشكل أكثر وضوحاً.
إنّ ما ينبغي وضعه في الاعتبار أيضاً، وعلى رأس قائمة الاعتبارات، هما العاملان الأساسيان الآتيان:
أولاً، حجم الكارثة الاقتصادية الداخلية، المحمولة على تكثيف العقوبات الغربية بالتكافل التامّ (المقصود أو غير المقصود) مع السياسات الليبرالية الفاسدة والمتوحشة الممارسة داخلياً ضد الشعب السوري. هذه الكارثة التي بدأت بالتحول بشكل سريع إلى توتر اجتماعي جديد وبدرجات غير مسبوقة طوال عمر الأزمة، بما يحمله ذلك من مخاطر الانزلاق مجدداً نحو توترات أمنية وسياسية تعيد فتح الأبواب أمام أكثر الاحتمالات خطراً على البلاد أرضاً وشعباً ووحدة جغرافية سياسية، بل وتشرعها على مصاريعها وللحد الأقصى.
ثانياً، الدرجة المتقدمة التي وصلها التوازن الدولي الجديد، والذي بات أشد وضوحاً بما يتعلق بالتراجع المتسارع للأمريكي وحلفائه على المستوى العام، وفي سورية بشكل خاص... وذلك بمقابل تقدم سريع أيضاً للدور الروسي الصيني دولياً، ولدور ثلاثي أستانا على المستوى الإقليمي بما يخصّ سورية.
إنّ تفحص هذين العاملين، اللذين يشكلان جانبين حاسمين في الواقع السوري الراهن، يقود نحو استنتاجين عمليين:
أولاً: إنّ قوى الفاشية الجديدة الدولية، تسعى إلى تأخير تغيير منظومة العلاقات الدولية، وتأخير دفن الأحادية القطبية، عبر تركيز جهدها على تفجير سورية مجدداً وصولاً إلى تقسيمها، بل وتفتيتها على النموذج الليبي، وربما اليوغسلافي.
ثانياً: إنّ قوى الفساد الكبير والتشدد من الأطراف السورية، وانطلاقاً من مصالحها الجشعة والأنانية والضيقة، تسير في ركب الاستهدافات الفاشية عبر تعطيلها المستمرِّ للحل السياسي وللتنفيذ الكامل للقرار 2254.
في ضوء هذين الاستنتاجين، يغدو من الواضح تماماً، أنَّ الاستحقاق الوطني في الحفاظ على سورية وشعبها وإنهاء مأساته الإنسانية، بات استحقاقاً واجب الأداء بشكل فوري، ومتمثلاً بتفعيل عمل اللجنة الدستورية بشكل حقيقي، بما في ذلك نقلها إلى دمشق بتوفير الضمانات اللازمة وبإشراف الأمم المتحدة، وبأسرع وقت. وذلك كمفتاح للتطبيق الكامل للقرار 2254، بما يفتح الباب نحو إيقاف الكارثة، وبما يُمهد الطريق للشعب السوري ليقول كلمته، ويقرر مصيره بنفسه.
إنّ هذا الاستحقاق الوطني يعني ضمناً، أنّ المتشددين والمخربين من الأطراف المختلفة، ينبغي تطويعهم وإخضاعهم بشكل فوري بما يخدم سورية والشعب السوري، أو أنَّ مصيرهم المحتوم هو الخروج من العملية السياسية ككل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 945