افتتاحية قاسيون 939: آخر أيام البلطجة الأمريكية!

افتتاحية قاسيون 939: آخر أيام البلطجة الأمريكية!

بالتوازي مع انطلاق أعمال اللجنة الدستورية المصغرة في جنيف، أطلقت واشنطن ثلاثة مواقف حول سورية؛ الأول هو التراجع عن الانسحاب الكلي والبقاء في منطقة حقول النفط السورية. الثاني متعلق بإدلب وبالضغط لمنع إنهاء النصرة فيها. والثالث متعلق بالشمال السوري أيضاً والذي يدفع لإعاقة التفاهم والحوار بين قوى الشمال الشرقي في سورية وبين الحكومة السورية.

إضافة إلى التّخبط والاهتزاز الواضح في المواقف الأمريكية التي باتت أشبه بالسندات المسماة (over night) والتي تُلقى في السوق لتُباع في ظرف 12 ساعة، فإنّ الأمريكي بتخبطه الهائل يعكس فشله المستمر في مختلف الخطط التي يضعها، الكبيرة منها والصغيرة.

منذ إعلان واشنطن انسحابها الجزئي في السادس من تشرين الأول، ثم انسحابها الكامل بعد ذلك بأسبوع، كانت النية الأمريكية الواضحة متمثلة في مسألتين: ضرب ثلاثي أستانا ببعضه بعضاً عبر ملف الشمال الشرقي، واستخدام هذا الأمر بالإضافة إلى إدلب لمنع انطلاق اللجنة الدستورية وبالحد الأدنى لتأخيرها أو إرباكها.

ما جرى فعلياً، وبعد اتفاق 22 تشرين الأول بين الروسي والتركي، وتأييد الإيراني له، وكذلك تأييد الحكومة السورية له، فإنّ الأمريكي قد وجد نفسه وقد أُسقط في يده؛ حيث أدى انسحابه إلى مفعول معاكس كلياً لما أراد، حيث تعزز وتعمق التفاهم بين ثلاثي أستانا، بل وأكثر من ذلك بدأ الدفع باتجاه السير نحو حوارين غير مقبولين من الأمريكي إطلاقاً، الأول داخلي سوري بين القوى في الشمال الشرقي السوري وبين الحكومة السورية. والثاني بين الحكومة السورية والتركية على أساس القانون الدولي. وبذلك وجد الأمريكي نفسه خارج المعادلة بأكملها، وبات وزنه أقرب إلى الصفر في مجمل المسألة السورية.

على هذا الأساس، جرت الانتكاسة خلال الأسبوع الماضي، عبر المواقف المتعلقة بالنفط، وبالقوى في الشمال الشرقي السوري، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تفخيخ الحل ككل، وتأخيره، وربطه بالإرادة الأمريكية.

لا ينبغي أن تسقط من قراءة التصرفات الأمريكية أيضاً، معاني الخطوات الأمريكية، ليس بما يخص سورية وثلاثي أستانا فحسب، بل وبما يخصّ العراق أيضاً؛ فانسحاب أمريكي كامل من سورية، سيفتح الباب نحو انهيار الوجود الأمريكي في العراق ضمن آجال غير بعيدة، وخاصة مع ارتفاع تنظيم الحركة الشعبية في العراق.

إنّ البلطجة الأمريكية التي تضع يدها على الثروات السورية في الشمال الشرقي تحت حجة حمايتها، وعملياً تقوم بسرقتها، لن تكون مقبولة من أي وطني سوري، وسيجد الشعب السوري، وبالتعاون مع حلفائه، وعبر الإصرار ضمناً على الحل السياسي وعلى تنفيذ كامل للقرار 2254، سيجد الطرق المناسبة لإخراج الأمريكي نهائياً من سورية، لأنّ وقائع السنوات الكارثية السابقة، تثبت بشكل يومي، أنّ حلاً حقيقاً للأزمة السورية يمرّ حكماً عبر رفع التفاهم بين السوريين أنفسهم من جهة، وبين ثلاثي أستانا من جهة أخرى، وعبر تخفيض وزن الأمريكي إلى الحدود القصوى وصولاً إلى تصفيره، وهذا ما سيجري في نهاية المطاف، وضمن آجال غير بعيدة إطلاقاً، بعض مؤشراتها الكبرى ستأتي بالضبط من الداخل الأمريكي، على أبواب الكساد العظيم القادم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
939
آخر تعديل على الأحد, 10 تشرين2/نوفمبر 2019 18:37