افتتاحية قاسيون 932: أستانا تقود الحل دولياً!

افتتاحية قاسيون 932: أستانا تقود الحل دولياً!

عبّرت القمة الخامسة لرؤساء ثلاثي أستانا، والتي عقدت في أنقرة يوم الاثنين الماضي، عن مستوى جديد من التوافق البيني؛ مستوى دفع المتشددين، الناطقين في نهاية المطاف باسم المصالح الغربية، إلى توصيف العلاقة الثلاثية بأنها علاقة «تحالف»، وهي باتت كذلك فعلاً...

إنّ حجم المشتركات بين هذه الدول، وعلى رأسها الوقوف في وجه «النوايا الخبيثة» لواشنطن، كما عبّر الرئيس الإيراني خلال المؤتمر الصحفي للقمة، قد وضعت أساساً موضوعياً كافياً لتقارب هذه الدول، وجرى تدعيم هذا الأساس والبناء عليه عبر عمل روسي وصيني مركز، امتد لسنوات عديدة قبل أن تصلنا ثماره التي باتت الآن أكثر نضجاً ووضوحاً.

يمكننا إجمال ما وصلت إليه القمة بالنقاط الأساسية التالية:
-    تشكيل اللجنة الدستورية من حيث المبدأ، وانتزاع ورقة تعطيل من يد المتشددين في الأطراف المختلفة، ومن يد واشنطن بالدرجة الأولى، والهدف أولاً وأخيراً هو التنفيذ الكامل للقرار 2254، الذي تحولت اللجنة خلال الفترة الماضية، من مفتاحٍ للوصول إليه كما أرادت لها أستانا أن تكون، إلى أسوارٍ صينية في وجهه، وهو الأمر الذي سيجري تجاوزه بهذه الطريقة أو تلك.
-    الاتفاق الكامل على مسألة إدلب وإنهاء الوجود الإرهابي فيها، وبآليات ملموسة، سرعان ما ستظهر على أرض الواقع.
-    الموقف الموحد تجاه ملف الشمال الشرقي، والقائم على حماية وحدة سورية واستقلالها عبر الضغط المشترك لإخراج الأمريكي منها، بالتوازي مع إعادة القوى المعولة عليه إلى صوابها.

رغم أهمية هذه الملفات الثلاثة، والتي تبدو من حيث الشكل أنها هي معيقات الوصول إلى حل سياسي شامل، فإنّ ما هو أهم وأكثر جوهرية ضمن اتفاقات أستانا في القمة الأخيرة، التأكيد المشترك على الدور الريادي لعملية أستانا، والذي يعني قبل أي شيء آخر أنّ التوازنات الدولية باتت تتطلب حلاً سريعاً للأزمة السورية، وأكثر من ذلك فإنّ التوازنات نفسها تعني أنّ الحل سيتم وفقاً للقرار 2254 وبرعاية ثلاثي أستانا سواء شاء الغرب الاشتراك الإيجابي في ذلك أم رفض وأراد التعطيل.

بكلام آخر، فإنّ المرحلة الطويلة التي كان من الضروري فيها البحث عن توافق في إطار الصراع مع الغرب، توافق يسمح بإنهاء الأزمة وإطفاء بؤرة اشتعال تهدد المنطقة بأسرها، إنّ هذه المرحلة الطويلة باتت في أشهرها وأسابيعها الأخيرة، فإما أن يكف الغرب عن تعطيله للحل، ليشترك فيه من موقع ثانوي، أو أن يخرج من عملية الحل بأسرها، الحل الذي سيجري بكل الأحوال.

إنّ المتشددين الذين يحاولون العمل ضد الحل السياسي، وضمناً ضد اتفاقات أستانا، وضد تنفيذ القرار 2254، وتحت أية ذريعة كانت، إنما يضعون أنفسهم، وعلى رؤوس الأشهاد، ضدّ المصلحة الوطنية السورية وضد مصلحة الشعب السوري، وفي المعسكر الغربي المعادي لسورية، ولكن قبل ذلك كله، فإنهم يضعون أنفسهم في المعسكر الخاسر!

معلومات إضافية

العدد رقم:
932
آخر تعديل على الأحد, 22 أيلول/سبتمبر 2019 19:47