أيضاً وأيضاً: «الهيمنة الغربية تشرف على نهايتها»
تتوالى في الفترة الأخيرة التصريحات الأمريكية والأوروبية التي تؤكد انتهاء مرحلة الهيمنة الغربية على العالم، لينضم مؤخراً معهد «بروكينغز» - أحد أبرز المعاهد التحليلية الأمريكية- إلى قطار المؤكدين على هذه الحقيقة، وذلك عبر دراسة نشرها مؤخراً تحت عنوان «الهيمنة الغربية على الساحة العالمية تشرف على نهايتها – ونحن الآن ندخل عصر النفوذ الصيني».
استعرضت الدراسة عناصر الجذب والترابط والرفض التي ميزت تعامل الصين مع المراكز الغربية على الدوام؛ مؤكدة أن استحداث الصين «للنزعة القومية» جدير باستيعابها ومدى تجذرها في الوعي الشعبي، ماضياً وحاضراً... والتي أضحت نتيجة منطقية ترافق القوة الاقتصادية المكتسبة بمشقة.
وتمضي الدراسة مؤكدة على حتمية «قيام الصين القوية اقتصادياً بترجمة نفوذها وذاتها على العالم، والذي قد يستغرق زمناً قصيراً للتعّود عليه، لكنه سيحدث حتماً». وفي مكان آخر تشير إلى عزم الصين على التوصل «للاكتفاء الذاتي كعنصر أساس لتعزيز حضورها بين الأمم، وتجسيداً لمطالبها باستعادة السيطرة على أراضيها، وعدم العودة مرة أخرة لمرحلة تهديدها بالقوة».
الحرب التجارية
تشير الدراسة إلى أن احتدام التنافس التجاري والسيطرة على الأسواق، بين الأقطاب الاقتصادية الكبرى في مرحلة العولمة دفع بالصين إلى تصدر مكانة الإنتاج الأبرز في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة بشكل رئيس في العقدين الماضيين، وعليه، استنهضت واشنطن كل ما لديها من أسلحة، حربية وناعمة وعدائية عنصرية، لمواجهة وتقليص تغلغل ونفوذ الصين في الأسواق العالمية.
وتتابع: ما شهدناه مؤخراً من تبني واشنطن لتدابير وإجراءات «عقابية» على المنتجات الصينية، تبادل فيه الطرفان ردوداً جوابية أدّت إلى زيادة الرسوم الجمركية على منتجات البلدين، وارتفاع غير مبرر في أسعار السلع والمنتجات لا سيما عند بدء العام الدراسي في الولايات المتحدة، وتحمل المواطن أعباء إضافية لا قدرة للسواد الأعظم عليها.
الكل متضرر
حمّلت يومية الاقتصاد والمال الأمريكية «وول ستريت جورنال» سياسات البيت الأبيض العشوائية مسؤولية التدهور، محذرة من «تفاقم مخاوف الأسواق من أن توقد النزاعات التجارية بين البلدين شرارة ركود في الاقتصاد الأمريكي»، وأوضحت، أن النتائج الأولية الملموسة لتلك السياسات أسهمت في «فقدان الثقة بالشركات الأمريكية الصغيرة- نحو 670 شركة- بسبب رسوم فرضها ترامب، وإعاقة التبادل التجاري بين العمالقة الصناعيين في آسيا، وتضرر نشاط المصانع التي يقوم عملها أساساً على التصدير في الدول الأوروبية»، وأردفت أن «الرسوم الجمركية على السلع المستوردة تزيد من الضغوطات على الشركات متعددة الجنسيات عندما يتعلق الأمر بالتكاليف، وهذا ما يجعلها تبحث عن طرق بديلة لتعويض خسارتها... كما أشارت بعض الدراسات الاستقصائية إلى تراجع الأنشطة الصناعية في اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، مع نتائج متباينة في الصين».
وخلصت الدراسة: يجب أن يتعامل الاقتصاد الأمريكي مع عواقب سلسلة التغيرات، والتي تسببت بها الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين. وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعطاء الأولوية لإعادة التصنيع لاستعادة بعض القدرة التنافسية الحاسمة في الداخل، والتي كانت قد خسرتها من قبل خلال ذروة العولمة الاقتصادية. والاستخدام المُفرط لفرض العُقوبات الاقتصادية يميناً وشِمالاً من الإدارة الأمريكيّة كورقة ضغط لتركيع الكثير من دول العالم لإملاءاتها، وإشعال فتيل الحرب التجارية وفرض رسوم جمركية عالية على الصين، شريكها التجاري الأكبر، هذا الأسلوب الأمريكي الابتزازي سيُعطي نتائج عكسية على المدى البعيد، وسيُؤدّي إلى بروز كتلة عالمية مناوئة له بدأت تتبلور.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 931