شرق الفرات: سيناريو كوميدي للقراءة فقط!
لا تكف السيناريوهات الافتراضية الخاصة بشرق الفرات والانسحاب الأمريكي عن التوالد، ولكن بين أكثرها «إبداعاً» سيناريو شديد التعقيد روجت له منابر خليجية متعددة على رأسها صحيفة «الشرق الأوسط» عبر سلسلة من المقالات.
إذا نحينا جانباً اللغو الذي تضمنه هذا السيناريو بنسخه المتلاحقة، وحاولنا الوقوف على مضمونه الأساسي، سنجد أمامنا اللوحة التالية لشرق الفرات:
قوات قسد تبتعد عن الحدود لمسافة تزيد عن 32 كم، وربما ينبغي أن تخفض من تعدادها.
تدخل قوات «بيشمركة» من العراق، مدربة ومدعومة من إقليم كردستان، لتنتشر على الحدود مشكّلة قوات فصل بين الأتراك وبين قسد
تنتشر أيضاً قوات من «عشائر عربية»، والمقصود ما يسمى قوات النخبة، في مناطق بين بيشمركة وبين قسد بوصفها قوات فصل بين الاثنتين (أي قوات فصل ثانية بين قوات الفصل الأولى وبين قسد.
يستمر إلى أمد غير قصير وجود الأمريكيين وإن بشكل رمزي .
يستمر أيضاً وجود الحكومة السورية في القامشلي.
يمكن أن تدخل أيضاً قوات عربية كقوات فصل ثالثة بين قوات الفصل الأولى، وقوات الفصل الثانية.
إذا «صغرنا عقولنا» وتعاملنا مع السيناريو أعلاه على أنه ربما، قابل للتحقق؛ فعلينا أن نسأل سؤالاً بسيطاً: من سيوافق على هكذا سيناريو عدا من يطرحونه (ومن خلفهم الأمريكان)؟
روسيا لن توافق، تركيا لن توافق، الحكومة السورية لن توافق، إقليم كردستان لا مصلحة له بورطة من هذا النوع، قسد لن توافق... أي: أنّ السيناريو مجرد هراء..
مع ذلك، فإنّ السيناريو المطروح ليس كوميديا محضة، بل كوميديا هادفة؛ لأنّ المتابع الفطن ينبغي أن يخرج باستنتاج وحكمة من هكذا سيناريو:
تقول الحكمة: إنّ الولايات المتحدة التي اعتادت على خلق خطط وهمية هدفها ضرب الجميع بالجميع، عبر وضع حد أدنى من المنطق ضمن خططها، حد أدنى يسمح للمعنيين بتصديق أن الخطة يمكن أن تكون واقعاً، هذه الولايات المتحدة ذاتها، وفي إطار وَهنِها وتراجعها، لم تعد قادرة على إنتاج ذلك الحد الأدنى من المنطق.
بكلام آخر، هذا السيناريو وما يشابهه، يؤكد حقيقة أساسية: لم يعد بمقدور الأمريكان «تعليق الناس مع بعضها»، وحتى أكثر الناس تبعية للأمريكان لم يعد بمقدورهم تجميل سيناريوهات أمريكا، أو إسباغ أي قدر من المنطق عليها...