لماذا يهاجمون عودة سورية؟
يُثير الهجوم الذي تشنه بعض «الشخصيات» في طرفي الأزمة السورية، على عودة العلاقات العربية- السورية، تساؤلات جدية حول نوايا هؤلاء وغاياتهم...
على ضفة النظام، يُطلق بعض المتشددين ألسنة سليطة بأقوال متطرفة تجاه الدول العربية التي أعادت أو تنوي إعادة علاقاتها مع سورية، ويغلفون تصريحاتهم بموقف «أخلاقي» يرفض عودة العلاقات الطبيعية مع دول أجرمت بحق الشعب السوري.
على الضفة الأخرى، وفي توافق ليس نادر الحدوث أبداً بين المتشددين على الضفتين، تقوم شخصيات وكيانات معارضة بمهاجمة الدول المنخرطة في مسار إعادة العلاقات مع سورية، وتغلف هي الأخرى تصريحاتها بموقف «أخلاقي» أيضاً، يرفض عودة العلاقات مع نظامٍ قمعي مارس العنف بشكل ممنهج على مدى سنوات.
إنّ جوهر عودة سورية للمحيط العربي، ليست فقط اعترافاً من تلك الدول التي عادَتها وعادَت شعبها طوال سنوات بأن مواقفها كانت خاطئة، وبأنها مضطرة للتراجع، بل وأنّ مجمل التكوينات السياسية للفضاء السياسي القديم الإقليمي، والجامعة العربية ومجلس دول التعاون الخليجي في هذه المسألة على الخصوص، تجري الآن عملية إعادة ترتيبها بحيث تتأقلم مع التوازن الدولي الجديد.
بكلام آخر، فإنّ عودة سورية للفضاء العربي، تعني بداية تغيير اصطفاف هذا الفضاء نفسه لغير المصلحة الغربية، والصهيونية ضمناً...
إلى جانب ذلك، فإنّ تكريس حالة العداوة والقطيعة على المستوى العربي، وهو ما ينشده المتشددون من الطرفين، إنما يعني تعقيد حل الأزمة السورية، ويعني استمرار التوتر في مجمل المنطقة، وهو البيئة الأنسب لنمو داعش ومثيلاتها، وفي الجوهر لعمل الفاشية الأمريكية والغربية وأدواتها، وفي جوهر الجوهر: الجو المناسب للعدو الصهيوني المستعد لفعل أي شيء من شأنه منع عودة الدور الإقليمي التاريخي لسورية، لأنّ هذا الدور ضمن الإحداثيات الدولية الجديدة لن يكون «ممانعاً» أو «مقاوماً» فحسب، بل سيغدو على عتبة الهجوم الشامل على عنصرية وصهيونية الكيان...
إنّ القوانين التاريخية هي التي تفعل فعلها الذي لا راد له على مسرح التاريخ العالمي، وانطلاقاً من سورية هذه المرة، تلك القوانين التي تقول: إنّ القوى الغربية بأسرها دخلت طور أفول هيمنتها، وهو ما ينطبق أيضاً على المؤسسات الإقليمية التابعة لها، بما فيها الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وعلى الوطنيين السوريين التقاط هذه اللحظة للدفع نحو استعادة الدور الإقليمي لسورية بإحداثياته وأبعاده الجديدة... وكل من يُعيق ذلك بمواقف صبيانية ومتهورة (بافتراض حُسن النية) ينبغي عليه أن يراجع نفسه...!