بعض من نتائج غزة ودروسها
إسقاط حكومة المحتل الصهيوني، ورغم الأهمية الكبيرة لهذه النتيجة، فإنها ليست النتيجة الوحيدة، ولا حتى النتيجة الأهم، للأعمال البطولية والنوعية التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة...
إنّ من بين نتائج أعمال المقاومة، أن محاولات تطويع غزة، عبر سياسة مركبة وطويلة الأمد من «الهدوء العسكري» والحصار، قد وصلت إلى نهايتها، وفشلت. والأهداف التي كان يتوخاها الصهيوني والأمريكي من وراء هذه السياسة هي تعميق الشقاق ضمن الصف الفلسطيني وصولاً إلى تحقيق صفقة مع المحتل، أو الوعد بالوصول إلى صفقة. والهدف من الصفقة أو الوعد بها يتكثف في ثلاث مسائل كبرى:
أولاً: محاولة التفاف أمريكي- صهيوني على حقيقة أنّ الدور الأمريكي انتهى في القضية الفلسطينية أو يكاد، والتوازن الدولي الجديد بات يمهد الطريق أمام حل عادل للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية، ورغماً عن الإرادة الغربية عامة والأمريكية خاصة.
ثانياً: ضمن أجواء تهافت حلفاء الكيان الصهيوني من العرب على التطبيع، وضمن أجواء الحاجة الأمريكية الماسة لخلق تحالف جديد ضمن المنطقة تحت مسمى «ناتو عربي» في وجه إيران، وظيفته حماية «إسرائيل» وتغذية نيران الصراع البيني على أسس طائفية وقومية ضمن المنطقة، للالتفاف على تقدم الحلول السياسية، ونضج تموضعات إقليمية جديدة تتقارب ضمنها دول إقليمية كبرى، لطالما كان العداء بينها أداة للأمريكي في إشعال المنطقة والسيطرة عليها... ضمن هذا الجو، ولهذه الغايات، فإنّ صفقة أو وعداً بها، من شأنه أن يرفع شيئاً من الحرج عن الأنظمة العربية المطبعة في خطواتها نحو إنشاء «الناتو الجديد».
ثالثاً: إنّ التلويح بصفقة، والتهافت نحو إيقاف التصعيد بأسرع ما يمكن، عودة لحالة الحصار و«الهدوء»، يهدف أيضاً، إلى منع المقاومة من دفع تمثيلات سياسية جديدة للشعب الفلسطيني إلى الواجهة؛ أكثر جذرية في عدائها للأمريكي والصهيوني، ليبقى التمثيل السياسي على حاله الراهن الذي أثبت إلى حد بعيد عدم أهليته بتمثيل إرادة الشعب الفلسطيني المقاوم، وأثبت انتماءه إلى فضاء سياسي قديم لم يدرك بعد التوازنات الدولية الجديدة ولذا يرى سقف أهدافه في الحفاظ على الوضع الراهن وتقليل الهزائم والتراجعات، في حين أن الوقائع تقول: أننا دخلنا عملياً حقبة الانتصارات، وإنْ لم تظهر النتائج الكاملة لها حتى الآن.
إنّ من أهم الدروس التي علّمتها غزة ومقاوموها خلال الأيام القليلة الماضية، أنّ الاشتباك المباشر مع العدو يرفع وزن المقاومة كقوى وكخيار شعبي على حساب قوى «الحصار ومفاوضات التركيع»، كما أنّه يخفض حجم التناقضات بين الفصائل الفلسطينية، ويدفع نحو وحدة الصف الوطني الفلسطيني.