دليقان: الدستور خطوة أساسية نحو التغيير الشامل
أجرت فضائية سوريا حواراً مع الرفيق مهند دليقان أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو وفد منصة موسكو... قاسيون: تنشر أهم المحاور التي تركزت حول الخطوات المقبلة وتشكيل اللجنة الدستورية السورية.
حول موقف النظام من اللجنة الدستورية، أشار دليقان إلى أن النظام قد وافق على الانخراط في تشكيل اللجنة من حيث الشكل في سوتشي، ولكن الآن انطلقنا نحو خطوة عملية تجاه الموافقة.
«انتبهتم جميعاً بعد إقرار البيان الختامي في سوتشي، جرى شدّ وجذب حول مضمون هذا البيان، وحول دور المبعوث الدولي دي مستورا في تشكيلها. وصولاً إلى الحالة الراهنة اليوم، حيث يطبق حرفياً ما جرى الاتفاق عليه في بيان سوتشي، دون أية مقاربات مختلفة من أيّ طرفٍ كان. وعليه فإننا سرنا خطوة إيجابية نحو الأمام، وقد تنشأ تعقيدات عديدة، إذ لا يجوز أن نتخيل أن هذه المسألة تمر دون صعوبات وعراقيل، ولكن المهم أن تبدأ هذه العملية».
لا شيء مؤكد حول التركيبة
أما بما يخص مسألة تركيبة اللجنة الدستورية، وآلية اتخاذ القرارات فيها، قال دليقان: «في مسألة تركيبة اللجنة، يُقال الكثير، حول من سيكون ضمن الأسماء المرشحة، وهل 100 من النظام و50 من المعارضة، أو غير ذلك، وأسئلة حول من يرشح هؤلاء... وأريد أن أؤكد: أنه لا يمكن التأكد من صحة هذا الكلام إذا لا شيء ثابت حتى الآن».
ورداً على سؤال حول القائمة المسربة للجنة الإصلاح الدستوري، وتشكيلها بـ «ثلث للمعارضة، وثلث للنظام، وثلث لمستقلين، سيتم تعيينهم من قبل دي مستورا» قال عضو وفد منصة موسكو:
«نحن ميالون لهذا الرأي، لأنه أفضل عملياً بأن يكون الأعضاء 50 للنظام و50 للمعارضة و50 خبراء ومستقلون يجري التوافق عليهم، ولكن لا أعتقد أن التركيب العددي أمر محسوم. وبكل الأحوال، ينبغي ألّا نحوّل هذه المسألة إلى مشكلة تعيق الذهاب باتجاه اللجنة، لأن المطلوب فعلياً التركيز على آلية العمل ضمن اللجنة، وهي آلية التوافق، وليس التصويت. فصياغة الدستور ينبغي أن تكون مسألة توافقية، لأنها أمرٌ يخص السوريين، وحياتهم لعشرات السنين القادمة، ولا يمكن أن يُترك فقط لمجموعة من الأشخاص، سيعينون تعييناً، سواء من النظام أو من المعارضة».
لا إعلان دستوري في 2254
حول موقف منصة موسكو من «هيئة الحكم الانتقالي» ومن ثم الإعلان الدستوري للسير في البلاد للخروج مما هي فيه، أوضح الرفيق مهند:
«هذا الموضوع قد حسمنا أمرنا حوله منذ وقت طويل، ولكن للأسف الإعلام مُصرّ أن يكرر الآراء التي يقولها الائتلاف، وقسم محدد من المعارضة. أولاً: نحن نسميها جسم حكم انتقالي، ترجمةً حرفيةً لما جاء في 2254 بنسخته الإنجليزية، ونقول: إننا ملتزمون بـ 2254 كاملاً بجميع بنوده، بما فيه ما يتعلق بتشكيل جسم حكم انتقالي بكل صفاته الواردة ضمن القرار. وهناك مسألة أخرى يجري خلط حولها، وهي: الإعلان الدستوري، إذ تنبغي الإشارة إلى أنها ليست واردة، وليست جزءاً من القرار الدولي. ولكن للأسف هنالك جزءاً من المعارضة بدأ بخلط الأوراق بين 2254 وبين رؤيته الخاصة، بحيث أنه يقول ما يقول، ويسنده إلى 2254! لا يوجد شيء في القرار الدولي حول الإعلان الدستوري، وليرينا من يدّعون ذلك موضع ورودها في النص!»
لماذا «الإصلاح الدستوري»؟
فيما يتعلق بالسجال الدائر حول تسمية اللجنة، ووظيفتها بصياغة دستور جديد، أو تعديل الدستور الحالي أشار عضو وفد منصة موسكو: «سُميت اللجنة بهذا الاسم، كمحاولة من الجهات التي تريد حلاً للتقريب بين الأطراف المتشددة من السوريين، والمتمترسين عند مواقف محددة. بمعنى: كلمة الإصلاح الدستوري تسمح بالتعديل وتسمح بالتغيير، وسُميت الإصلاح الدستوري لتسمح بالتعديل أو بالوصول إلى تغيير وفق ما ترتئيه اللجنة حين تجتمع وحين تبدأ بالعمل. نريد أن نجلب هذين الطرفين اللذين يتعاملان بمنطق كل طرف يريد أن ينهي الآخر، ويفرض رأيه عليه، ومنطق الفرض، لا يمكن أن يستقيم مع مسألة الدستور»
كما ذكّر دليقان بمرحلة صياغة دستور 2012: «كان الكلام في البداية عن تعديل دستوري وليس عن دستور جديد، ولكن أدى إلغاء المادة الثامنة القديمة المتعلقة بحزب البعث كحزبٍ قائد، وبشكل آلي إلى تغيير ما بين 30 و40 مادة ضمن دستور 2012، فتحول التعديل إلى تغيير! لذلك علينا ألا نتمسك بالشكليات والتوقف كثيراً عند التبارز الإعلامي بين المعارضة والنظام، فخلال مرحلة الأزمة تبارى الطرفان مثلاً على مسألة أيهما أولاً: محاربة الإرهاب أم الانتقال السياسي؟ والآن الاثنان يقولان فلنعمل بالتوازي، محاربة الإرهاب، وانتقال سياسي معاً، بمعنى الدخول إلى الحل السياسي، مع أن هذا الرأي هو الرأي العقلاني منذ اللحظة الأولى عندما كانوا يرفضونه».
منطق الكل أو لا شيء غير صحيح
حول التشكيك بأهمية تشكيل اللجنة، وضمانات تطبيق هذا الدستور، قال الرفيق مهند:
«أنا لست مع التعامل مع المسألة السورية على مبدأ الكل أو لا شيء، فيريد البعض إما أن يتحقق كل شيء في لحظة واحدة، أو لا يتحقق شيء! وهو منطق يؤدي للتقليل من أهمية أية خطوة، واعتبارها لن تنتج شيئاً ما دام النظام قائماً، كما يقول البعض. ولكن في الحقيقة، إذا قمنا بعملية تغيير للدستور، أو مضينا جدّياً في المسألة الدستورية، نكون قد بدأنا بعملية تغيير النظام، وصحيح أن تغيير الدستور لن يكون حلاً كاملاً للأزمة، ولن ينقلنا إلى نظام سياسي جديد بالكامل، ولكنه أيضاً مسألة أساسية جداً للانتقال باتجاه نظام سياسي جديد، وهو جزء من 2254. وبالتالي ينبغي التعامل بحكمة، لأن التركيز فقط على مسألة السلطة، وتحديداً فكرة جسم الحكم الانتقالي، كنقطة انطلاق، واعتبار أنه لا يصح البدء إلا منها، هو أمر مجرّب. فخلال المرحلة السابقة وقبل أن يُصاغ 2254، كان الحديث يتركز فقط حول مسألة السلطة ومن سيمسكها... وقد أصبح واضحاً أن هذا ليس مخرجاً تجاه الحل».
لماذا التأكيد على
الاقتصادي- الاجتماعي؟
أشار أمين حزب الإرادة الشعبية إلى أسباب التركيز على البعد الاقتصادي الاجتماعي، بالقول: «نحن نركز على هذه القضية، لأن هنالك من يحاول التعتيم عليها، وتشويه وعي الشعب السوري عبر قسمه شكلياً بين طرفين مؤيد ومعارض، في حين أن الشعب السوري فعلياً متضرر من الجهتين! والتركيز على هذا الجانب هو خروج عن السائد من الكلام السياسي الذي إما أن يخدم النظام أو يخدم حكومات الدول الأخرى، ولكنه لا يخدم الشعب السوري. الشعب السوري فعلياً مصلحته في حل سياسي يؤدي إلى تغير شامل اقتصادي_ اجتماعي وسياسي وديمقراطي، وبكل الاتجاهات. يمكن أن نُحدِث تغييراً سياسياً شكلياً دون أيّ تغيير اقتصادي_ اجتماعي، أي يمكن أن نغير طرابيش، ويمكن الوصول إلى شكل ما من أشكال توزيع السلطات والصلاحيات، دون أن نغير وضع الناس المعيشي، ومسألة النهب الموجودة في البلد! وكل هذا تغيير غير حقيقي، لأن التغيير الحقيقي ينبغي أن يكون اقتصادياً حقيقياً، ولا يمكن أن يحصل دون تغيير سياسي جذري وشامل. ولكن التركيز على التغيير السياسي وحده لن يكون ضماناً كاملاً للتغيير الاقتصادي_ الاجتماعي.