حوار الطرشان مع الأمريكان

حوار الطرشان مع الأمريكان

من التدخل في الانتخابات الأمريكية إلى قضية سكريبال إلى الدعم الروسي، بل والتورط في الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما تتوالى (الأفلام) الغربية، ويصرخ الغربيون بقوة حتى أنهم لا يسمعون ردود الآخرين على تهمهم بل لا يريدون أن يسمعوا.

اتهم الأمريكيون الروس بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، وتحولت هذه القضية إلى أهم قضايا الإعلام الأمريكي... في مقابلة لقناة NBCالأمريكية مع الرئيس الروسي بوتين، كررت الصحفية لمدة ساعة أسئلة في هذا المحور، وكرر الرئيس الروسي الجواب ذاته، ليقول لها: إن الإعلام الأمريكي يملأ الدنيا صياحاً بينما، رسمياً لم ترسل الولايات المتحدة أية شكوى، وليكرر ما قالته الدبلوماسية الروسية دائماً في هذه القضية: طلبنا من الأمريكيين أن يسلمونا وثائق وأدلةً رسميةً حول تورط مواطنين وشركات روسية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، وأن نوقع اتفاقية مشتركة للمقاضاة عبر البلدين، حتى نستطيع أن نقاضي بل ونسلم هؤلاء (المجرمين) بعد الأدلة إن وجدت، ويستطيع الأمريكيون أن يقاضوها ويسلموا مجرميهم في روسيا كذلك الأمر. ولكن الأمريكيون لم يردوا على هذا المقترح المكتوب، والمعلن على لسان الرئيس ووزير الخارجية الروسيين مرات عديدة.
في قضية سكريبال، كذلك الأمر دعت روسيا بريطانيا مرات عديدة، للعمل على تحقيق مشترك في القضية، وفق الاتفاقية الموقعة بين البلدين لمواجهة الأسلحة الكيميائية، ولكن البريطانيين لم يردوا أيضاً. وطلب الروس من البريطانيين أدلتهم الحاسمة حول التورط الروسي المزعوم، ولكن بريطانيا لم تزود أحداً بالأدلة حتى الآن.
وطلب الروس مؤخراً من الرئيس الفرنسي ماكرون ما سماها (أدلته الجازمة) التي تثبت تورط الحكومة السورية في الهجوم الكيميائي المزعوم على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، ولكنه أيضاً لم يسمع...
وأخيراً، أشار وزير الخارجية الروسي: أن الولايات المتحدة لم تستجب للتأكيد الروسي بأن الحكومة السورية وروسيا ستضمنان دخول لجنة التحقيق الدولية إلى دوما، للتحقيق في الهجوم الكيميائي، وذلك قبل الضربات الأمريكية... بينما زعم البنتاغون عقب الضربة: أن الضربات أتت لأن الحكومة السورية لم تسمح بالتحقيق. وقبلها في خان شيخون وأيضاً في الهجوم الكيميائي المزعوم، فإن روسيا دعت لجنة التحقيق الدولية لتقوم بتحقيق على الأرض، وأعلنت إمكانية ضمان وصولها، بمساعدة تركيا، ولكن لجنة التحقيق الغربية لم تتجاوب، فرفض الروس تمديد آلية التحقيق غير الموضوعية بفيتو محق.
الطرش يصيب الدبلوماسية الغربية إزاء كل المبادرات المشتركة لحل الأزمات المفتعلة، ولكن يضطر الغربيون للتعامل مع الوقائع الفعلية التي تخفض موقعهم في ميزان القوى الدولي، وذلك عندما تستمر روسيا بالنجاح في محاربة الإرهاب، وبفرض الردع العسكري، وبفرض حلول الأمر الواقع السياسية مع الأطراف الدولية الأخرى، التي لن يجد الغرب موضع قدم له فيها إذا ما استعصى (طرشه) واستدام.