موقف منصة موسكو من لا ورقة مجموعة الخمسة

موقف منصة موسكو من لا ورقة مجموعة الخمسة

تشكل اللاورقة المقدمة من مجموعة الدول الخمسة (الولايات المتحدة بريطانيا فرنسا السعودية الأردن) انتهاكاً مباشراً وخطيراً لحق الشعب السوري في تقرير مصيره، وكذلك انتهاكاً للقرار 2254 في عدة أماكن ونقاط....


أولاً: نقاش مضمون الدستور بالتفاصيل ليس من صلاحية الأمم المتحدة، ولا حتى من صلاحية الأطراف المتفاوضة، بل هو حق حصري للشعب السوري، يمارسه عبر لجنة صياغة دستور تتشكل في بداية المرحلة الانتقالية، ومن ثم عبر الاستفتاء العام. ما ينبغي نقاشه في المفاوضات، هو فقط: العملية الدستورية والمبادئ العامة جداً للدستور، وهذا ما أكدت عليه الأطراف السورية جميعها في المعارضة والنظام، وهذا ما جرى نقاشه في لوزان، حيث لعبت الأمم المتحدة دور الميسر فقط، والنقاش كان بين سوريين. ولكن نقاش تفاصيل المضمون، بل وتدخل الأمم المتحدة في ذلك، هو اعتداء على السيادة السورية، وإصرار على العقلية الاستعمارية الاستعلائية البائدة.
ثانياً: الجدول الزمني للقرار 2254 يضع عملية صياغة الدستور بعد تشكيل جسم الحكم الانتقالي، أي: بعد إنجاز الاتفاق السياسي، والوثيقة تخالف ذلك علناً، بجعل عملية الصياغة متزامنة مع المفاوضات، بل وتسندها للأمم المتحدة بمشاركة ما من السوريين.
ثالثاً: تحدد الوثيقة مسبقاً شكل سورية المستقبلي من حيث طبيعة البرلمان وطبيعة صلاحيات الرئيس وطبيعة المركزية واللامركزية، أي: أن أصحاب الوثيقة ينصبون أنفسهم وصياً على الشعب السوري، ويحددون له مسبقاً شكل دولته المستقبلي في جوانبها الأكثر أساسية: (هل النظام سيكون رئاسياً أم رئاسياً برلمانياً أم برلمانياً، ما هي طبيعة البرلمان، ما هي طبيعة المركزية واللامركزية).
رابعاً: من بين اختيارات أصحاب الورقة، الكلام عن حكومات إقليمية، أي: أنهم قرروا عن السوريين سلفاً أن سورية ستكون فيدرالية، حتى لو لم يقولوا ذلك علناً، وهذا ما يكرس مخاوفنا من نوايا بعض الدول بالعمل على تقسيم سورية.
خامساً: تتجنب اللاورقة، أيُّ حديث عن جسم الحكم الانتقالي، وتستبدله بالحديث عن (البيئة الآمنة والمحايدة)، وهي بذلك تبرز إلى العلن النوايا الأمريكية بالانحراف عن القرار 2254، سعياً وراء تكريس الحرب وإبقاء النظام دون تغيير وصولاً لإنهاء سورية كلياً، عبر استنزافها إلى الحد الأقصى.
سادساً: تمنح الوثيقة الأمم المتحدة صلاحيات انتدابية ضمن العملية الانتخابية، وليس صلاحيات إشراف، فالأمم المتحدة وفق الوثيقة تعيّن الهيئة العليا التي تقود الانتخابات، وتتدخل في عملية صياغة القوانين الانتخابية، ولها دور في اتخاذ القرارات التنفيذية لما أسمته هيئة إدارة الانتخابات، وكذلك إقرار نتائج الانتخابات... إن بعض الصلاحيات المذكورة في الورقة، والخاصة بالعمليات الانتخابية يمكن أن تكون بيد الأمم المتحدة، وربما من الضروري أن تكون بيدها، ولكن وضع كل هذه الصلاحيات بيدها، إضافة إلى كونه اعتداءً على سيادة السوريين، وإلى كونه يتجاوز المستويات الثلاثة المعروفة لدور الأمم المتحدة في أية عملية انتخابية، فإنه يوضح أن ما تريده الورقة هو: أن تكون هذه الـ EMB هي جسم الحكم الانتقالي، دون أن تعلن ذلك صراحة... فحين تتولى الأمم المتحدة (البيئة الآمنة والانتخابات من ألفها إلى يائها وبأدنى قدر من تدخل السوريين) فإنها بالمحصلة أي: الأمم المتحدة، هي من ستصيغ سورية المستقبل وليس الشعب السوري... هذا إن كان هنالك سورية مستقبل ضمن هذه العملية.
الخلاصة:
إن لا ورقة مجموعة الخمسة مناقضة للقرار 2254، ومعادية للحل السياسي، وهي ليست أقل سقفاً مما يستحقه السوريون فقط، بل هي بالضد مما يستحقونه ويطلبونه، ولذلك فإننا في منصة موسكو نرفض أي نقاش لهذه اللا ورقة ونطالب المبعوث الأممي بالالتزام بالقرار 2254 وعدم التطرق إلى هذه اللاورقة أبداً ضمن النقاشات الجارية.

منصة موسكو
26/01/2018