عرفات: جنيف عملية مستمرة.. والشروط المسبقة ستزول

عرفات: جنيف عملية مستمرة.. والشروط المسبقة ستزول

أجرت إذاعة »ميلودي إف إم»، حواراً مع عضو جبهة التغيير والتحرير، وأمين حزب الإرادة الشعبية، الأستاذ علاء عرفات، يوم الاثنين 18/12/2017، للحديث حول المستجدات السياسية الأخيرة فيما يخص حل الأزمة السورية.. نعرض فيما يلي أبرز ما حمله الحوار من ردود..

«سوتشي» فكرة.. ويجري إنضاجها

لا يجوز القول: إن »سوتشي» ضد جنيف، و»سوتشي» هو جنيف، أي: هما جانبان لعملية واحدة كما يراها الطرف الروسي، وبالتالي المنطق الذي يعول على »سوتشي» على أساس أنه بديل عن جنيف هو منطق غير صحيح، ينبغي التعامل مع العملية بشكلها المتكامل. الحل سيتم عملياً بجنيف، وليس المقصود جنيف بالجغرافيا، جنيف التي ستتعلق بتنفيذ القرار 2254 و»سوتشي» مثله مثل أستانا، أستانا قام بدور مهم فيما يتعلق بموضوع خفض التصعيد، وخفض التوتر ووقف إطلاق النار، و»سوتشي» سيلعب دوراً جدياً في فتح الحوار الوطني بين السوريين الطرف الروسي هو طرف جدي جداً، وعندما يريد التحضير يحضر بشكل جدي وعميق وأريد أن أذكر الإخوة المستمعين، أنه قبل أسبوعين أو ثلاثة صار لقاء في »سوتشي» وحضره بوتين وأردوغان وروحاني، وكانت عملية إدخال الطرف التركي والإيراني إلى العملية، الجديد في القمة الثلاثية، أنه طُرح موضوع »سوتشي» والتحضير المشترك وهذه الدول هي نفسها الدول الراعية والضامنة لأستانا، والآن دخلت على الخط »سوتشي» وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى طروحات مختلفة عما كانت عليه الفكرة في البداية، أي: عندما أقول: أن »سوتشي» هو فكرة ويجري تخميرها وتطويرها، أقصد وقائع على الأرض. في اللحظات الأولى كان هناك شيء اسمه »حميميم» ولم يكن ظاهر فيه لا الإيرانيون ولا الأتراك، الآن أصبحنا في »سوتشي» وموجود فيه الإيرانيون والأتراك، وبالتالي أصبحنا أمام قضية جديدة، حتى الآن ملامحها التفصيلية غير معروفة، وهناك تقديرات للعناوين، والعناوين هي: دستور وانتخابات وغير ذلك. والحديث أن »سوتشي» هو مؤتمر واسع يضم كل الفعاليات السياسية والاجتماعية، وكل التكوينات والتلوينات السورية بمختلف أطيافها، وحتى الآن ليس واضح لا الهيكل ولا جدول العمل ولا المخرجات المطلوبة من هذا المؤتمر، ولكن الحقيقة هو فكرة جيدة جداً، ويمكن أن تساعد عملياً في دفع الأمور باتجاه الحل السياسي في سورية».

الخروج من جنيف غير ممكن

وحول جنيف، وإمكانية خروج الحكومة السورية من هذه العملية، أكّد عرفات: »جنيف هو مؤتمر دولي يسعى لتنفيذ القرار الدولي رقم 2254 ومجلس الأمن فوّض مبعوثه دي مستورا للإشراف على هذه العملية، وما عُقد قبل أيام، كان هو الجولة الثامنة من جنيف، وحضرها الوفد الحكومي بشكل رسمي، رغم كل ما طُرح في حينه من تعقيدات، ورغم تأخره بضعة أيام عن العملية، وهذه ربما تكتيكات تفاوضية، أما الخروج من جنيف، أو عدم الاعتراف به، أعتقد أنه غير وارد، وهجمات الطرفين تتعلق بالصراع القائم. بكل الأحوال، برأينا أن الأمور ذاهبة باتجاه أن مثل هذه التصريحات لن تكون موجودة في المستقبل القريب، أي لا شروط مسبقة ولا هجمات، والتشكيك الوارد من الطرفين، النظام والمعارضة، بأن الطرف الآخر لا يمثل شيئاً، هذا كلام سيصبح خلفنا في الفترة المقبلة، وخاصةً إذا بدأت عملية المفاوضات الفعلية، وهو ما يقترب أكثر فأكثر». وتابع عرفات: »الشيء الواضح بموضوع جنيف أننا اقتربنا كثيراً من تنفيذ القرار 2254، واقتربنا كثيراً من الذهاب إلى التفاوض. كان مطروح التفاوض المباشر في الجولة الثامنة، ولم ينجح ذلك، وكان سابقاً هناك ثلاث منصات، الآن أصبح لدينا وفد واحد للمعارضة، ونحن جزء منه، وهذا كان شرطاً ضرورياً للبدء بالمفاوضات المباشرة، ولم تبدأ المفاوضات المباشرة لأسباب أصبحت معروفة للجميع، تتعلق ببيان الرياض، وما ورد فيه من شرط مسبق، واتخاذ وفد الحكومة لهذا الطرح الموجود اليوم كذريعة، لعدم البدء بالمفاوضات، ما أدى إلى عدم الوصول بالجولة إلى ما هو مطلوب.

منصة موسكو ذاهبة للتفاوض وليس لتعطيله

وأوضح عرفات: »لا يمكن تشكيل وفد موحد، ويمكن تشكيل وفد واحد، لأنه لا يمكن أن يتم توحيد الآراء بشكل كامل، ولا داعي لتوحيد الآراء بشكلٍ كاملٍ، ينبغي توحيد الآراء فقط حول 2254 وهو ما يجري الآن، يجري النقاش حوله، والذي يتابع يرى أن وفد المعارضة في آخر ثلاثةِ أيام من الجولة أصدر بياناً من المكتب الإعلامي، وكان البيان جيداً ولكن تبين أنه غير كافٍ لسحب الذريعة من يد الوفد الحكومي. نحن وفد واحد ولكننا ملتزمون بتوضيح مواقفنا عندما تختلف عن مواقف الوفد، لذلك نحن كنا نقول: إن الوفد واحد وليس موحداً، وموضوع الشروط المسبقة نحن غير موافقين عليه، وعبرنا عن هذا الكلام قبل تشكيل الوفد، وبعد تشكيل الوفد وسنبقى نعبر عنه، نحن لسنا في سلة واحدة، نحن جزء من الوفد الذاهب للتفاوض، وليس لتعطيل التفاوض، وعندما يعطل الوفد التفاوض سوف ندين ذلك، ونقول: أنتم من تعطلون المفاوضات: ونعمل من أجل إلغاء العوامل والعناصر، التي تؤدي إلى تعطيل التفاوض وهذا واجبنا».

وحول الدور الروسي في المنطقة، بيّن عرفات: »منذ فترة غير قليلة، الدور الروسي أصبح أكبر ويزداد بشكلٍ يومي، وهناك خروج أمريكي من المنطقة، وهذا يلزمه انتباه، لأننا سنذهب إلى حالة لا يوجد فيها توازن روسي أميركي في المنطقة، بل إلى حالة فيها خروج أميركي من المنطقة، أمريكا تخرج من المنطقة بأشكال مختلفة، والذي يراقب السلوك الأميركي فهو تحضير وتمهيد عمليٌ لعمليات الخروج، والخروج بأقل الخسائر، وهذا ما يجري. المنطقة هنا، وكما يقال »الشرق الأوسط» هي عملياً خاصرة عند روسيا، لذلك هم من المستحيل أن يسمحوا بأن تكون هذه الخاصرة رخوة، أو ضعيفة، لذلك هم حريصون على أن تكون علاقتهم بهذه المنطقة علاقة قوية».

تصريحات أردوغان ظاهرة صوتية

فيما يخص تصريحات أردوغان الأخيرة حول عملية تمشيط عسكري في عفرين بيّن عرفات: »لا اعتقد أن ذلك سيتم، أعتقد أن هذه ظاهرة صوتية، ولا أعتقد أن هناك معركة ستحدث، لأنه إذا قام الجيش التركي بمعركة سيصطدم مباشرة ليس فقط بوحدات الحماية، بل سيصطدم بالجيش السوري وسيصطدم بالقوات الروسية أيضاً، لذلك هذا كلام وتهديد. وهذه التهديدات يطلقها أوردغان منذ زمن. 

وتابع عرفات: «الآن تركيا تسير في مسار مختلف عمّا كانت عليه في السنوات الماضية، الاستدارة التركية تتطور، لم تكتمل بعد علاقتهم مع روسيا وإيران، هي تتحسن، هذا الشيء مؤكد، والعلاقة بالنظام السوري ليس لدي معلومة حولها، ولا اعتقد كذلك بوجود علاقة حالياً. بالنسبة للموضوع التركي، يجب أن ننتبه لدقة التصريح، عادة الأتراك يتكلمون التصريح وعكسه، وبالتالي هذا يعكس إما وجهات نظر مختلفة ضمن الإدارة التركية، أو نوع من التخبط التركي الآني».

أمريكا فقدت دورها الراعي للقضية الفلسطينية

وحول قرار ترامب الأخير فيما يخص القدس، قال عرفات: »في الحقيقة نحن نرى في هذا القرار الإعلان الرسمي لخروج الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة. كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقدم نفسها كطرف راعٍ بالمفاوضات بين الصهاينة والفلسطينيين، في هذا الموقف عملياً نفت عن نفسها صفة الطرف الراعي، لا يمكن لأحد اليوم أن يقول: أن أمريكا تلعب دور الراعي والمحايد، وبالتالي أمريكا سارت خطوة باتجاه الخروج من الدور الذي كانوا يلعبونه بموضوع حل الدولتين. لا يوجد لديهم خيارات، إذا اعترفوا مشكلة، وإن لم يعترفوا مشكلة، هم خارجون خارجون. لذلك رموا هذه القضية لعل وعسى أن تثير الكثير من الغبار، وتعقد الأمور باعتبارهم خارجين لأن عادةً من ينسحب يحرق الجسور ويهد الطرق، الأمريكان الآن يقومون بذلك. خروج الولايات المتحدة الأمريكية سيترك فراغاً، وهذا الفراغ يمكن أن يصبح صراعاً بين الدول الإقليمية مع الطرف الروسي، الذي يمكن أن يكون الطرف الطبيعي الذي سيأتي للعب الدور في الموضوع الفلسطيني، أما عن القمة الإسلامية، إن الأتراك يريدون الدخول على هذا الملف، والإمساك به وبعض الدول الإقليمية الأخرى، وبالتالي خروج أمريكا، والخطوة التي فعلوها هي نوع من »الشوشرة» التي يمكن أن تؤدي لزيادة التناقضات بين الأطراف الإقليمية برأيهم، وهو موضوع مطلوب لدى الأمريكان، ويمكن أن يعرقل ويعيق عملياً، الدخول الروسي على الملفات المختلفة بما فيها الملف الفلسطيني، لذلك الخطوة تدخل في هذا السياق، الأمريكان يعلمون أنهم خارجون، ويعلمون بمساوئ هذه الخطوة، ولكن كانوا يراهنون في بعض القضايا التي يمكن أن يستفيدوا منها. الوقائع على الأرض الآن تقول أنهم لم يستفيدوا شيئاً، بالعكس تعقدت الأمور أكثر فأكثر، وهذا يصبح بين الأطراف المتراجعة عادةً، وأية خطوة يفعلها تقلب بالعكس. الأمريكان وزنهم هبط إلى حدٍ بعيدٍ، والفلسطينيون غير قابلين في التعامل مع الطرف الأمريكي، توجد هبة شعبية في الأراضي الفلسطينية، كانوا متوقعين أن تكون يومين أو ثلاثة، ولكنها مازالت مستمرة وتتصاعد أكثر فأكثر. الخلافات بينهم وبين الأوربيين ازدادت إلخ.. هذه الخطوة فعلت خسائر أكثر بكثير مما كان متوقعاً لديهم.