بين «المصالحة» و«خفض التصعيد»

بين «المصالحة» و«خفض التصعيد»

أجرت فضائية سكاي نيوز بتاريخ 12/10/2017، حواراً مع الرفيق مهند دليقان، رئيس وفد منصة موسكو للمعارضة السورية، أوضح من خلاله موقف المنصة من مناطق خفض التصعيد عموماً، والاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً في القاهرة برعاية مصرية...

تنشر «قاسيون» فيما يلي نص الحوار بالكامل:
ضمانة دولية.. لخفض التوتر
نتحدث عن اتفاق جديد من اتفاقات المصالحة التي حرص النظام منذ بداية الأزمة على ترسيخها وتعززيها وجعلها منصة مهمة من منصات إنهاء هذه الأزمة، بداية إلى أين؟ هل يمكن لهذه الاتفاقات أن تشكل بالفعل نموذجاً لمناطق مختلفة في سورية اليوم؟
أولاً: ينبغي التمييز بين اتفاقات المصالحة التي سميت فقط مصالحة، وبين الاتفاق الذي وقع منذ بضعة أيام، والذي أُعلن عنه اليوم، وكذلك جملة الاتفاقات الأخرى المشغولة في أستانا والتي تسمى مناطق خفض التصعيد.
مسألة اتفاقات المصالحة هي: اتفاقات ذات طابع جزئي موضعي، تجري عملياً بين النظام وفصائل مسلحة بشكل مباشر بينهما، دون وجود ضمانات ذات طابع دولي أو إقليمي، في حين مناطق خفض التوتر تجري على أساس وجود ضمانات، وبشكل أساسي وجود الضمانة الروسية، مع ضمانات أخرى وفقاً للمنطقة، هنالك اتفاقات يوجد فيها التركي والإيراني كضامن، وهناك اتفاقات فيها المصري كضامن وهكذا.
اتفاقات خفض التوتر فعلياً التي تنتمي إلى أستانا من حيث الأساس، جاءت عملياً كمحاولة بعد فشل وقف إطلاق النار الشامل الذي جرى في 2016، حيث كان لابد من إيجاد حل إبداعي لمسألة وقف إطلاق النار بالعموم في الأراضي السورية تمهيداً للحل السياسي، ولوضع الأساس الكافي لفكرة الحل السياسي، ومن هنا جاءت فكرة مناطق خفض التصعيد، بمعنى أن هنالك مناطق مشتعلة ومناطق أقل اشتعالاً، كان المطلوب لتسيير وقف إطلاق نار حقيقي أن نذهب إلى هذه المناطق الأكثر اشتعالاً، لنحاصر النيران الموجودة فيها، للسماح لمناطق الأقل اشتعالاً لتهدئة حقيقية فيها، في حين هذه المناطق شديدة الاشتعال مبدئياً وقف امتداد نيرانها إلى المناطق المجاورة، ومن ثم تهدئة هذه النيران شيئاً فشيئاً باتجاه إطفائها، وهذا فعلياً ما يبدو أنه جديد إلى حد ما في الاتفاق الأخير الموقع كما أشرتم بالتقرير فعلاً، هنالك اتفاق منذ فترة قريبة حول المنطقة نفسها، فما الجديد بهذا المعرض من هذا الاتفاق؟ فعلياً الاتفاق يقترب أكثر من فكرة وقف إطلاق النار بالمعنى الشامل، أكثر من منطق فقط التهدئة بمعنى التصعيد، لأننا وصلنا إلى مرحلة أصبح من الممكن الحديث عن وقف إطلاق نار، ليس فقط جزئياً وإنما أيضاً وقف إطلاق نار شامل، إن كان شكل ظهوره الآن هو شكل جزئي تمهيداً للحل السياسي.
من منطقة عنف..
إلى منطقة مدنية
نتحدث في هذا الاتفاق تحديداً عن ثلاثة فصائل أساسية: جيش الإسلام، جيش الأبابيل، أكناف بيت المقدس، هل هذا يشمل الفصائل الأساسية أو هناك أطراف أساسية أخرى لن تشارك في هذا الاتفاق؟
عملياً قد تكون هذه الفصائل من بين الفصائل الأكثر أساسية الموجودة في الغوطة، ولكن هذا لا يعني أنها تشمل الفصائل كلها، هنالك فصائل يمكن اعتبارها بالمرتبة الثانية من حيث وزنها، لم تشارك في هذا الاتفاق، ولكن عملياً الاتفاق لم ينتهِ بعد، مهمة التوقيع عليه مسألة أساسية، على أن تستكمل النقاط التفصيلية خلال الأسابيع الثلاثة القادمة، عملياً هذا هو الإعلان الضمني ضمن مسألة الاتفاق القائم. فربما خلال التقدم باتجاه هذه الأسابيع الثلاثة يمكن أن نصل إلى توسيع طيف الفصائل المقاتلة التي ستنضوي ضمن الاتفاق نفسه. لكن الأساسي أن الفصائل الأكثر وزناً اشتركت في هذا الاتفاق.
ما الذي يعنيه هذا الاتفاق بالنسبة إلى وجود الفصائل المسلحة، ماذا عن أسلحتها، مواقع تمركزها، تمركز قوات النظام، كيف ينعكس هذا عملياً على أرض الواقع في الميدان؟
كما قلت: بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق الموقع مؤخراً، فإن عموم الاتفاقات التي جرت وفق منظومة خفض التصعيد، قامت على أساس أن تحتفظ الفصائل بأسلحتها وتبقى في مناطقها، ولكن الأهم أنه يجري تدريجياً نقل الحياة في هذه المناطق، من الحياة ذات الطابع القتالي العسكري إلى حياة ذات الطابع المدني، بما في ذلك فتح المعابر والسماح لإدخال المساعدات وتشكيل شكل من أشكال المجالس المدنية التي تدير هذه المناطق، بمعنى أنه ليس شكلاً من أشكال فرض سيطرة سياسية لطرف هو النظام على هذه المناطق، وإنما هو شكل استعادة الحياة الطبيعية، أو بمعنى آخر غير القتالية وغير العنيفة مع بقاء سيطرة سياسية لمن هو المسيطر السياسي في اللحظة الراهنة، تمهيداً لمرحلة يسمح فيها للمدنيين، سواء كانوا في مناطق النظام أو في مناطق المعارضة، أن يصلوا إلى إمكانية تقرير مصيرهم بأنفسهم عبر الوسائل الديمقراطية المختلفة.
«حياد الموقف المصري».. يساعد
طبعاً هذا الاتفاق ليس الاتفاق الأول كما أشرت حضرتك وجاء بالتقرير كما ذكرت، هناك اتفاقات عديدة تمت بهذا الشكل، اللافت بهذا التقرير الدور المصري أي: هذا الاتفاق تم برعاية مباشرة من الاستخبارات المصرية وبضمانة روسية، علامَ يدل ذلك برأيك فيما يتعلق بالدور المصري تحديداً؟
مصر عملياً حاولت أن تلعب دوراً ايجابياً، دور تقريب بين وجهات النظر المختلفة، على الأقل خلال السنوات الماضية القليلة، وهي دولة لها وزنها وتأثيرها في المنطقة، وبالنسبة للسوريين المواقف المصرية عموماً مواقف مقبولة، ولا يصنف السوريون الموقف المصري على أنه موقف «موالٍ أو معارضٍ» وإنما هو أقرب بالنسبة لهم لموقفٍ محايدٍ، وبالتالي مصر قادرة على لعب دور جيد بإطار التسويات والاتفاقات، بخفض التصعيد وغيرها، انطلاقاً من وزنها بالمعنى الإقليمي والعربي من جهة، ومن جهة أخرى من دورها الذي يرتسم بدرجة مقبولة من الحياد بالنسبة لموقعي الاتفاق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
832