أولياء الدم وملّاك الثورة!
عامر حسن عامر حسن

أولياء الدم وملّاك الثورة!

منذ بدء الأزمة، أصبح السؤال عن الدم السوري المهدور، والثأر له، عنوان البروباغندا المرافقة لتطور الأزمة، وأداة التحكم بوعي أنصار كل طرف، والمرجع في رسم المواقف، الدم بات سيد الموقف، والحقيقة التي يجب أن تخضع لها كل الحقائق الأخرى.



ومن خلال البكاء على الدم السوري، تم ويتم تبرير كل شيء بدءاً من الشعارات السياسية الخاطئة، التي لا تأخذ أياً من أبجديات علم الاجتماع السياسي في إدارة الدولة والمجتمع بعين الاعتبار، وصولاً إلى تبرير الخيانة السافرة والتنسيق مع - لا بل استدعاء- أعداء الشعب السوري التاريخيين للتدخل، أي: أنه أصبح الستار الأخلاقي للتمترس خلف شعاري «الحسم» و«الإسقاط»
أهداف «الثورة!«
في هذا السياق يصر ما يسمى «الائتلاف الوطني» على التمترس خلف «أهداف الثورة»، دون أن يفوضه أحد بتحديد هذه الأهداف، وطريقة الوصول إليها، ودون أخذ رأي الشعب السوري في تقرير مصيره، واختيار نظامه السياسي، وإذا كانت هناك جهة ما فوضته بهذه المهمة، وفي سياقها البائس، فهي تلك القوى الدولية التي تغير مواقفها اليوم، وبالتالي فإن الأهداف المزعومة تتساقط بتساقط مواقف تلك القوى الدولية، التي تجاهر بضرورة الذهاب إلى الحل السياسي دون شروط مسبقة.
البراغماتية تتكلم!
اضطرت القوى الدولية في ظروف التوازن الدولي الجديد إلى تغيير مواقفها، بعد أن دفعت تلك القوى معارضة «الائتلاف» من مأزق إلى مأزق، عبر التلميح والتلويح باستخدام القوة العسكرية المباشرة بإسقاط النظام، وتسليم الحكم لهذه المعارضة، ليتبين في ظل البراغماتية الغربية، بأنها باتت مجرد أوهام، وليصبح هذا القسم من المعارضة السورية في مأزق جديد، فلا هي قادرة على استكمال مشروعها في «الإسقاط»، لأنه رفعته أصلاً بالاتكاء على أوهام الدعم الدولي، ولا هي مؤهلة للتراجع عن مواقفها السابقة، بعد أن دفعت الآلاف من الشباب السوري إلى معترك الحرب، لتحقيق هذا الشعار، وعليه: فإن هذه المعارضة تمر بمرحلة موت سريري بسبب فشل مشروعها السياسي، مهما تشدقت بالجملة «الثورية» وليس أمامها خيار سوى الانضمام إلى الجهود الدولية للوصول إلى حل سياسي ودون شروط مسبقة، أو أن تحكم على نفسها بالخروج من المشهد السياسي.
الحضيض يشرع أبوابه
إن استمرار متشددي معارضة الرياض في مثل هذا الموقف، يعني أنهم يدفعون أنفسهم دفعاً إلى الحضيض، ليس السياسي فقط، بل الأخلاقي أيضاً.. فالمشروع السياسي تأكد فشله، وهذه الطريقة لـ«للثأر» للدم السوري لم تجلب إلا المزيد من الدم، والشيء الوحيد الذي استطاعت فعله هو إطالة عمر الأزمة، مما يعني أن تتلبس المسؤولية السياسية والأخلاقية كلها فيما وصل إليه الوضع في البلاد، وتوفير مبررات وذرائع لعرقلة الحل السياسي على أساس القرار2254.

معلومات إضافية

العدد رقم:
829