لزوم ما لا يلزم!

عندما تغلق سبل الاتصال والتواصل السياسي المباشر بين البشر وبين أبناء الوطن الواحد بالقمع وقطع الألسن، يصبح الخرس ضرورة أحياناً وليس مصادفة، لضمان البقاء ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولا.. وهذا ما عانى منه السوريون في العقود الماضية من تهميشٍ وحرمانٍ سياسي مما أدى إلى توقف تطور الوعي وإلى تشوهاتٍ في الفكر والممارسة.. مما أدى إلى المغالاة والتطرف والبعد عن الواقع لدى المعارضة والموالاة

واليوم بفضل الحركة الاحتجاجية الشعبية بدأ انفتاح نوافذ وأبواب الحرية.. التي تجري محاولات لإغلاقها من الداخل والخارج..من ذوي المرجعية والرجعية..

 وأمام تطور التكنولوجيا انفتحت فجأةً أبواب أخرى لا يمكن إغلاقها أو قمعها أو ردعها كما في الفيسبوك، وبالتالي صار المتحدث يتكلم ما يشاء..دون رقابةٍ سوى رقابة الضمير والإخلاص للشعب والوطن.. فبرز كثير ممن يمكن تسميتهم (الدون فيسبوكية) الذين منهم من فقد ضميره أولا ينطق عن هوى وإنما عن وحيٍ يوحى.. ومنهم من أصبح منظراً بين ليلةٍ وضحاها ويخترع بطولاتٍ وهمية كدون كيخوته فيصارع طواحين الهواء، أو يصرع سبع (ذبينات) باللهجة الديرية التي تميل الألف إلى الياء والإمالة إحدى اللهجات العربية الفصحى وليست عامية كما يظنها البعض، والمقصود سبع ذباباتٍ بضربةٍ واحدة.. ومنهم من هو صادق فيما يقول.. ونترك التمييز بين هؤلاء للمتابعين والتابعين من أصحابهم..

 لكن ما يلفت الانتباه ولزوم هذا الحديث أنّ أحدهم وأمثاله كُثر، كتب مُنظراً لمفهوم المقاومة الشعبية، يريد أن يعلم الشعب السوري ذا التاريخ العريق في مقاومة أعداء الوطن الخارجيين من مستعمرين وغزاة أو الداخليين من متسلطين وديكتاتوريات. فيقول تحت عنوان ماذا تعني المقاومة الشعبية في جمعة ما سمي بجمعة المقاومة الشعبية: المقاومة الشعبية تعني أنّ السكك الحديدية لا تلزمنا فلندمرها..وأن الطرقات لا تلزمنا فلنخربها..وأن سيارات الدولة لا تلزمنا فلنضع في محركها سكراً ونحرقها..و..و.. وهو بذلك يريد تدمير الوطن وممتلكات الشعب.. هذه هي مقاومته الشعبية وهي مقاومة للشعب.. ولا عجب..

إنه يريد إعادتنا إلى العصر الحجري كما يرغب رعاة الأخويات الصهيونية والاخوانيات الرجعية.. فهل هذا ينطق عن هوى أم عن وحيٍ يوحى..أم الاثنين معاً..؟ ناهيك عمن يقمعون ومن يمارسون القتل من الطرفين..والخاسر الأكبر هو الحركة الشعبية السلمية التي تريد التغيير الديمقراطي والشامل..

إنّ هذا وأمثاله هؤلاء من الدون فيسبوكية الذين فقدوا ضميرهم وحسهم الوطني.. لا يلزمنا.. وكذلك كلّ من يسيل قطرة دم من أبناء الشعب..

معلومات إضافية

العدد رقم:
543