الحوارالعام من أجل وحدة الشيوعيين السوريين وقائع الندوة المركزية الثالثة «المهام السياسيةالأساسية» في الجزيرة

عقدت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ندوتها المركزية الثالثة في مدينة الحسكة يوم 17/ 10/ 2003، بحضور حشد غفير من الرفاق من مختلف المحافظات السورية تجاوز الـ 300 رفيق...

وقد قدمت في هذه الندوة خمس مداخلات أساسية حول ورقة «المهام السياسية الأساسية» التي هي جزء من أوراق عمل الحوار من أجل توحيد الشيوعيين السوريين..

المداخلة الأولى، قدمها الرفيق أحمد ذياب (الحسكة)، عالج فيها صيرورة سياسة الحزب خلال العقود الماضية من خلال موضوعات التحالف والموقف الوطني والدستور الدائم للبلاد،  وخلص إلى تحديد مجمل التراجعات في برامج الحزب وسياسته المعلنة.

كما قدم الرفيق حمزة منذر (ريف دمشق) مداخلة بعنوان: «عبر المنظور الطبقي نحو المهام الملموسة»، (تجدون نصها في هذا العدد).

كما قدم الرفيق عبد الرحمن أسعد (الحسكة)، مداخلة تحدث فيها عن واقع الحركة السياسية السورية وظروف الانقسام وتأثيره على الموقف السياسي وعالج مسألة طرح حلول واضحة في المسائل الوطنية والاجتماعية والديمقراطية.

ثم قدم الرفيق منصور الأتاسي (حمص) مداخلة (تجدون نصها في هذا العدد).

وأخيراً قدم الرفيق د. قدري جميل  (دمشق) المداخلة الخامسة التي أكد من خلالها  على أهمية النقاشات الجارية التي أثبتت أن المشترك بين الشيوعيين السوريين أكبر من اللامشترك والمهم الآن هي قضية ربط الأقوال بالأفعال.. ويبقى الأساس لهذه العملية، كما جاء في ميثاق الشرف، هو العودة إلى الجماهير.. حيث كنا سابقاً مهزومين بعقلية المنتصرين.. وتحدث بشكل موسع حول العلاقة بين قضية الأزمة والتراجع والظروف الاقتصادية الملموسة التي تدفع بالولايات المتحدة للحرب على العالم.

 وقد قدم الرفيق عصام الخطيب (اللاذقية) أغنية حول وحدة الشيوعيين السوريين أثارت حماس الحضور.

ومن ثم جرى النقاش الذي شارك فيه أكثر من ثلاثين رفيقاً وهم الرفاق: محمد عبد الوهاب الحلبي (دمشق)، إدوار خوام (حلب)، مصطفى الدروبي (حلب)، عصام حوج (الجزيرة)، معروف أبو الدهن (السويداء)، سعيد إبراهيم (الحسكة)، فهمي العيسمي (درعا)، محمد جوابرة (درعا)، مجدل دوكو (الحسكة)، ميشيل ماغي (الحسكة)، أبو رمزي (حلب)، شيروان جاجان (الحسكة)، سعيد دوكو (الحسكة)، إيمان دياب (الحسكة)، عبد الحليم قجو (الحسكة ـ عامودا) عبدي عابد (الحسكة)، عسكر النجرس (الحسكة ـ تل حميس)، زهدي عثمان (القامشلي)، ديب زكي (الحسكة)، إبراهيم الثلاج (الجزيرة ـ القحطانية)، محمود مراد (القامشلي)، خالد رشيد (اللاذقية)، ياسر الجمال (حمص)، مروان دوشي (الحسكة)، حسين الشيخ (دير الزور)، صالح نمر (دمشق)، غسان مرجانة (حلب)، زيا ابراهيم دنخا (الحسكة)، مسهوج جو يل (الجزيرة ـ المالكية)، أحمد الحسن (الجزيرة)،  يمن قره (درعا)، ابراهيم اليوسف (القامشلي).

«ستنشر مواد الندوة كاملة في كراس خاص»

الحوار الديمقراطي  لتوحيد الشيوعين السورين

  كلمة الترحيب ألقاها مدير الندوة الرفيق عبد الرحمن أسعد:

  باسم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين أرحب بكم جميعاً وأهلاً وسهلاً بكم في هذه المحافظة المعطاء، وأتوجه بالشكر للجميع وخاصة أبناء المحافظات البعيدة الذين تحملوا عناء السفر ليساهموا في رسم الخط السياسي للشيوعيين السوريين، وأرحب بالرفاق الذين يمثلون مختلف الفصائل الشيوعية في البلاد وأصدقاء الشيوعيين والفكر الماركسي اللينيني ورفاق الأمس الذين تهمهم وحدة الشيوعيين السوريين الذين أبعدتهم أزمة الحزب عن التنظيم والعمل السياسي ربما مؤقتاً..

  هذه الندوة أيها الرفاق والرفيقات هي الثالثة بعد ندوة «المرجعية الفكرية» وندوة «أزمة الحزب»، واليوم «ندوة مهامنا السياسية» وهي تقام كجزء من نشاط اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين. وبمشاركة اللجان الوطنية في كل المحافظات.

  ويمكن القول بكل ثقة أن الحوار بين الشيوعيين في سورية بدأ يتسع ويتفاعل ويشارك فيه الكثير من مختلف الطيف الشيوعي في البلاد، ويحدد هذا الحوار ملامح الفهم المشترك في مجالات الفكر والتنظيم وأزمة الحزب ورسم الأفق السياسي، ومهمة ندوة اليوم رسم الأفق السياسي، وقد أكدت الندوتان السابقتان أهمية الحوار بين الشيوعيين وأصدقائهم والقدرة على حوار ديمقراطي يعبر عن تنوع في الآراء وفائدة هذا الحوار في تقريب وجهات النظر بين الشيوعيين. بكلمة، إن الحوار الجاري بدأ يبعث على التفاؤل في مسألة المسائل وأقصد وحدة الشيوعيين في سورية.

■■

عبر المنظور الطبقي نحو المهام الملموسة

مداخلة الرفيق حمزة منذر:

تحية إلى جميع الشيوعيين في محافظة الجزيرة، محافظة مواسم الخير والغذاء والثروة الوطنية والرجال المناضلين الأشداء المعطائين في ساح الكفاح من أجل كرامة الوطن والمواطن.

أيها الرفاق والضيوف الأعزاء.!

إذا كان الحوار الرفاقي الجاد بين الشيوعيين من درعا والسويداء جنوباً وحتى الجزيرة شمالاً قد أغنى وفتح وأضاف مواضيع جديدة لم تكن واردة في أوراق العمل الأربع التي نحن بصدد الحوار والنقاش حولها، فإن هذه ميزة إيجابية لأوراق العمل إنها كانت البداية الضرورية ـ العقلانية نحو مشاركة الجميع في وضع الأسس غير المسبوقة للخروج من الأزمة دون التراجع أو التخلي عن المرجعية الفكرية التي تزداد ضرورتها في هذا الظرف العاصف، كيلا تضيع البوصلة تحت وطأة قرع طبول الحرب ضد الشعوب، ليس فقط لنهب ثرواتها، بل لاستعبادها عبر انتزاع أسلحتها الفكرية  والثقافية وتاريخها وذاكرتها الشعبية المليئة بالبطولات والأضاحي على مر العصور..

منذ أن أعلن فوكوياما عن «نظرية نهاية التاريخ» ازداد الهجوم الفكري على الشيوعيين لتيئيسهم من جدوى التمسك بسلاحهم المعرفي والعمل على إقناعهم بالترغيب والترهيب لتغيير أسماء أحزابهم وإخراجهم من جلودهم.. وإذا كانت فكرة الشيوعية ضعيفة وغير قابلة للحياة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فلماذا كل هذا الهجوم وتسويد صفحات الشيوعية والشيوعيين.

نحن باختصار كشيوعيين سوريين رغم كل ما يجري حولنا اخترنا الثبات على مبادئنا بدءاً من الإصرار على الاسم.. وهنا يطرح سؤال:

لماذا يصر الشيوعيون على المحافظة على اسم الحزب وهم الآن، كما لاحظتم في جميع أوراق العمل، يصرون على تكرار عبارة: «الوصول إلى حزب شيوعي واحد يلعب دوره التاريخي ـ الوظيفي في حياة البلاد»؟.

لنعد إلى تجربة الشيوعيين الأوائل وتحديداً إلى عام 1847 يوم جرى تكليف ماركس وأنجلز في مؤتمر لندن «عصبة الشيوعيين» الألمان بصياغة برنامج مفصل للحزب ـ نظري وتطبيقي قصد نشره..

  يعالج فريدريك أنجلز  قضية الاختيار بين تسمية البيان الذي أنجز صياغته مع رفيق دربه ماركس بالبيان الاشتراكي أو بالبيان الشيوعي ويوضح لنا أنجلز الفارق بين التسميتين فيقول:

  «لم يكن في استطاعتنا أن نسميه عند صدروه بالبيان الاشتراكي. ففي عام 1847 كانت كلمة «الاشتراكي» هذه تضم نوعين من الناس: من جهة اتباع مختلف النظم الطوباوية في أنكلترا وفرنسا وكانوا جميعاً قد أصبحوا حلقات بسيطة في دور الاحتضار، ومن جهة ثانية المشعوذون الاجتماعيون من كل شاكلة وطراز، الذين كانوا يريدون بواسطة أكداس العلاجات، وكل أنواع الترقيع والترميم، أن يمحوا البؤس الاجتماعي دون أن يصيبوا الرأسمال والربح بأدنى ضرر.. في كلتا الحالتين لم يكن هؤلاء جميعاً سوى أناس يقفون خارج حركة العمال وينتظرون بالأحرى العون من الطبقات «المثقفة» وبعكس ذلك كان هناك قسم من العمال مقتنع بعدم كفاية الانقلابات السياسية ويسعى وراء تغيير المجتمع تغييراً جوهرياً كاملاً وكان هذا القسم يسمي نفسه إذ ذاك شيوعياً...

    ولما كان رأينا الصريح والواضح منذ ذلك الحين أن «تحرير الطبقة العاملة لا يمكنه إلا أن يكون من صنع الطبقة العاملة نفسها» لم يكن في استطاعتنا أن نتردد لحظة واحدة في الاسم الذي ينبغي لنا  أن نختاره بين الاسمين. ولم يخطر لنا قط منذ ذلك الوقت أن ننبذ هذه التسمية...»!!

(ألا ليت ماركس إلى جانبي ليرى بعينه كل هذا)

لقد تأثرت قيادات بعض الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية وغيرها منذ حوالي عقدين من الزمن بنصائح الاشتراكيين أنفسهم الذين تحدث عنهم فريدريك أنجلز وجازفت بعض تلك القيادات بتغيير الاسم من شيوعي إلى اشتراكي ومنهم من لم يغير الاسم ولكنه أخذ «بالنصيحة» من حيث الجوهر وحاول «التكيف» مع متطلبات وجوهر الاشتراكية الديمقراطية ـ الإصلاحية أي الابتعاد عن المنظور الطبقي والفكرة الرئيسية السائدة للآن في البيان الشيوعي ألا وهي حسب أنجلز نفسه في مقدمة الطبعة الألمانية 1883حيث يقول: «إن الإنتاج الاقتصادي والبناء الاجتماعي، الذي ينشأ بالضرورة عنه، يؤلفان في كل عهد تاريخي أساس التاريخ السياسي والفكري لهذا العهد، ولذا فالتاريخ بأسره منذ انحلال المشاعية البدائية كان تاريخ نضال بين الطبقات ولكن هذا النضال قد وصل في الوقت الحاضر إلى مرحلة أصبحت فيها الطبقة المستثمرة لا تستطيع أبداً أن تتحرر من نير الطبقة التي تستثمرها دون أن تحرر في الوقت نفسه وإلى الأبد، المجتمع بأسره من الاستثمار و... ومن نضال الطبقات».

  إن أولئك الذين يتهمون الماركسية ـ اللينينية بالشيخوخة وهم جوقة ليست قليلة ـ يريدون إقناعنا بتقادم وعطالة نظرية صراع الطبقات وزوال الصراع بين العمل ورأس المال، ويجتهد هؤلاء بالتنظير حول إمكانية الوصول إلى الديمقراطية بأفق رأسمالي دون أية مواجهة مع قوى «السوق والسوء» في الداخل وقوى الرأسمال المعولم الأتي إلينا من الخارج. أي بكلام آخر يريدون، وهم يقفون من خارج مصالح العباد، أن يمحوا البؤس الاجتماعي الناتج عن نهب الثروة من قبل قوى السوق والسوء «دون أن يصيبوا الرأسمالي والربح بأدنى ضرر........ كما قال إنجلز».

  أيها الرفاق:

  عندما نتمسك بمبدأ المنظور الطبقي كأحد أهم الأسس في رسم سياستنا ومهامنا الأساسية لا يعني ذلك البتة أننا نفتعل المعارك الجانبية مع القوى الأخرى، بل لأن في ذلك أمانة تامة للطبقة العاملة وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم الذين يشكلون الكتلة الرئيسية المنتجة للخيرات المادية في المجتمع الذين يقع عليهم العبء الاجتماعي اللاحق عندما تنضج الظروف الموضوعية والذاتية المطلوبة.

  ومن جهة أخرى، فإن التمسك بالمبادئ الشيوعية، والتي هي بجوهرها وطنية حتى النخاع، إلى جانب كونها أممية، لابد أن يفضي إلى ضرورة البحث عن أوسع تحالف وطني في هذه الظروف ا لتي تزداد فيها مخاطر الهجمة الإمبريالية ـ الصهيونية المتوحشة على منطقتنا وبلادنا والتي تستهدف من بين أهدافها العديدة:

أ - استباحة السيادة الوطنية لبلداننا وتفتيت وحدة أراضيها.

ب - ضرب مفهوم الدولة الوطنية خدمة لأهداف راس المال المعولم.

ج - جعل العرب وشعوب المنطقة عبيداً وبالقوة العسكرية ـ كنقطة انطلاق لغزو وتركيع مناطق أخرى من العالم (وفق نظرية رقعة الشطرنج لبريجنسكي) في إطار استراتيجية الهيمنة الإمبريالية على العالم.

إن إدراكنا كشيوعيين لخطورة تلك الأهداف، واحساسنا بالوقت  المتناقص أمامنا وأمام شعبنا استعداداً للمواجهة جعلنا نطرح وجهة نظرنا في آليات الوصول  إلى الوحدة الوطنية الشاملة عبر الحوار الوطني الذي هو الشرط الضروري للوحدة الوطنية الواسعة وأهمها:

1. حث الخطى على طريق إنجاز وحدة الشيوعيين السوريين «من تحت لفوق» ليس فقط من أجل إلغاء الحالة الفصائلية وعودة ذلك الحزب الشيوعي السوري الواحد إلى دائرة الفعل الحقيقي في حياة البلاد، فمثلما أطلق علينا في الماضي حزب الجلاء لماذا لا نطمح إلى لقب مشرف آخر وهو حزب المواجهة، حزب المقاومة حزب الدفاع عن الوطن وعن كرامة المواطن والاستشهاد، ليس فقط من أجل كل هذا على ما فيه من شرف عظيم، بل كذلك من أجل تسهيل عملية تحشيد وتوحيد كل القوى الوطنية في ساحة الوطن على برنامج وطني شامل.

2. مواجهة برنامج قوى السوق والسوء مسألة ملحة أمام جميع القوى الوطنية المؤمنة بالدفاع عن كرامة الوطن والمواطن، لأن برنامج قوى السوق وقوى النهب هو الجزء الأخطر في المؤامرة على وطننا لأنه ينسف (البرنامج) أية مقاومة وطنية للمشاريع الإمبريالية ـ الصهيونية ومن هنا تصبح مواجهة برنامج قوى السوق مهمة وطنية من الطراز الأول والعمود الفقري لتعزيز الوحدة الوطنية.

3. بقدر الانتصار على برنامج قوى السوق والسوء بقدر ما يصبح للكلام عن تحسين المستوى المعيشي للجماهير معنى وإمكانية ملموسة لتحصين الجبهة الداخلية لأن كل كلام عن تحسين الوضع المعيشي للجماهير في ظل استمرار النهب ـ والكبير منه على وجه الخصوص ـ  واستمرار الخلل في السياسة الأجرية والفارق الهائل بين الحد الأدنى للأجر والحد الأدنى لتكاليف المعيشة ليس فقط ذر الرماد في العيون، بل هو مضيعة للوقت المتناقص أمامنا ويفتح ثغرة جدية في جدار المناعة الوطنية يتمناها الأعداء أن تبقى مفتوحة أمامهم لتسهيل مهمة العدوان المباشر على بلدنا.

4. إطلاق طاقات الشعب من خلال تحقيق المطالب الديمقراطية والتي من أهمها:

■  رفع الأحكام العرفية وقانون الطوارئ.

■   تعديل قانون الانتخابات الحالي بعد أن استنفد نفسه بنفسه وجعل من السلطة التشريعية في الجوهر تابعة للسلطة التنفيذية.

■   إصدار قانون عصري  للأحزاب.

■  إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

■  إلغاء نتائج الإحصاء الاستثنائي 1962 في الجزيرة الذي تسبب بحرمان أكثر من مائتي ألف مواطن من الجنسية.

إن تحقيق عناصر البرنامج الديمقراطي الأنف الذكر وتوسيع الحريات السياسية شرط ضروري لتفعيل دور المجتمع في الحياة السياسية من أجل حشد جميع القوى في المعركة الوطنية ويفتح الطريق نحو الوحدة الوطنية الشاملة في مواجهة التحالف الإمبريالي الصهيوني.

لاشك أيها الرفاق أن هناك ترابطاً جدياً بين المهام التي يجري حولها النقاش والتي تناولها الحوار بين الشيوعيين منذ الاجتماع الوطني الأول إلى بدء قيام لجان التنسيق لوحدة الشيوعيين في المحافظات وصولاً إلى الاجتماع الوطني الثاني الذي أقر أوراق الحوار والعمل إلى قيام عشرات الندوات الفرعية والندوات المركزية )هذه ثالثها)، أجمع ويجمع الشيوعيون «أن القضية الوطنية  والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية هي قضايا مترابطة لا يمكن فصلهاعن بعضها البعض وهي أوجه لقضية واحدة ألا وهي كرامة الوطن والمواطن».

تلاحظون أيها الرفاق أن التهديدات الأمريكية ـ الإسرائيلية ضد سورية انتقلت من الأقوال إلى الأفعال، فمع استمرار احتلال العراق واستمرار المجازر ضد الشعب الفلسطيني والتحالف المشين للنظام الرسمي العربي مع المخطط الأمريكي ـ الصهيوني جاء العدوان الصهيوني على موقع عين الصاحب ليبرهن لمن أصابهم الصمم والعمى السياسي أن المواجهة آتية لا محالة ولايمكن التصدي لها إلا بخيار المقاومة الشاملة، خيار يوسف العظمة وليس خيار عربة غورو فما أشبه اليوم بالأمس...

أول أمس مساء، وقبل ساعات من إقرار مجلس النواب الأمريكي ما يسمى بقانون محاسبة سورية، كان المركز الثقافي الأمريكي التابع للسفارة الأمريكية في دمشق يقيم حفلة موسيقية في أحد مطاعم دمشق (باب شرقي) للدبلوماسيين العرب والأجانب وبعض النخبة من قوى السوق والسوء السوريين الذين لبوا بالفعل ولم يخجلوا من الدماء الفلسطينية المسفوحة في رفح ولامن وضع سورية على مشرحة المحاسبة الإرهابية الأمريكية في الكونغرس... لكن رفاقكم وبالأحرى الشباب الشيوعيين الذين اعتادوا رفع لافتة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين مع لجنة المقاطعة للبضائع الأمريكية وقوى وشخصيات وطنية أخرى عبروا وجسدوا شعار المقاومة ضد التحالف الصهيوني ـ الإمبريالي بأن وصلوا إلى المكان  مع الأعلام الوطنية وأنشدوا النشيد الوطني وكانوا يستقبلون المدعويين عند الباب الخارجي من أجانب وعرب وسوريين قلائل بشعارات الاستنكار من مثل: «عار عليكم عار عليكم»، «الشعب السوري لايُذل ولايلين»، «الفدائيون بالملايين»، «لا خيار إلا المقاومة»، «أرضي ما بتحمل أنذال».

وتم إحراق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية  مرات عدة إلى أن غادر جميع المدعويين متخفين من الباب الخلفي للمطعم...

أيها الرفاق أوردت هذه الواقعة بالتفصيل لأصل إلى النتيجة الأهم ـ من وجهة نظري ـ  ألا وهي ضرورة تواجدنا في الشارع والقيام بأعمال ملموسة، أي نقل الخطاب النظري إلى العملي يقربنا أكثر نحو الوحدة بين جميع الشيوعيين السوريين فالعدو على الأبواب ولاعذر لواقف عند تفسير نوع الملائكة، وهي فرصة تاريخية أمامنا فلنفعلها ولنكن أمناء لما قام به الأوائل من رفاقنا الشهداء منهم بالدرجة الأولى والذين لازالوا في المتراس على كبر سنهم وتحية من القلب للشباب الشيوعيين في مختلف محافظات الوطن الذين يحملون الراية عن وعي رافضين نظرية التكيف بدون تهور ولا جبن أمام ما يتهدد الوطن وكرامة المواطن من أخطار.      ■■

الحوار الواسع يوصلنا الى استنتاجات مشتركة

مداخلة الرفيق منصور أتاسي:

1. أتقدم للطرفاق جميعاً وخصوصاً منظمة الجزيرة بتحياتنا القلبية.

فإذا كانت الجزيرة هي خزان للاقتصاد السوري فهي أيضاً خزان للوطنية الحقة وخزان للمناضلين الشيوعيين. وهذه واحدة من أهم عناصر الجزيرة وقوتها.

بقدر ما يتطور النضال السياسي في الجزيرة بقدر ما يتطور في باقي المنظمات السورية، تحياتنا لكم أيها الرفاق الذين ستساهمون في تقرير المستقبل اللاحق لسورية. كنت قد أعددت مداخلة يجب الاعتراف بأن الحوار الذي بدأه الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين قد أوصل الجميع إلى استنتاجات واحدة وإلى تصورات واحدة حول أهمية شكل العمل اللاحق في بلادنا. وأعتقد أن هذا أهم نتائج الحوار، ذلك أن الكثير مما كنت سأقوله قد تحدث به الرفاق جميعاً، نحن الآن أمام إجماع حول القضايا الملحة أمامنا وهذه قضية جدية جداً وهامة جداً، وأعتقد أن المداخلات الأخرى ستكون كذلك فهي نتائج الحوار، كما أعتقد أنا.

2. يجب أن ننطلق عند وضعنا، كما أعتقد، لأي خطة في السياسة لرسم سياستنا الحالية، من بحث كافة النتائج السلبية والإيجابية في السياسات السابقة. من أجل تجاوز النتائج السلبية والتأكيد على القضايا الإيجابية، ومن هنا فإنني أعتقد بأن مثل هذا البحث سيؤدي بنا إلى وضوح في التصور القادم. مثلاً: ماهي الأسباب التي أدت إلى انهيار تجربة الاشتراكية المحققة في الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى، ماهي الأسباب التي أدت إلى هزيمة المشروع العربي التحرري والقومي.

3. لماذا وصلت سورية إلى ما وصلت إليه.

4. ماهي أخطاؤنا نحن الشيوعيين، نتحدث بذلك بصراحة وبثقة ننتقد أخطاءنا.

5. ماهي الأوضاع الحالية وماهو الموقف السياسي الحالي.

6. ماهي المهام الرئيسية المطروحة.

إذا استطعنا أن نبحث هذه العناصر كلها، ندقق في التجربة السابقة ونطرحها بكل جدية وقوة فإننا قادرون على رسم سياسة جديدة قادرة على تأمين فعل سياسي جذري في بلادنا.

■  سأنطلق من البداية: لماذا سقطت التجربة الاشتراكية الأولى؟

هناك عدة عوامل حتى الآن يجب أن نكون قد توصلنا إليها:

أولاً: هو تغليب السياسة على الفكر. كان القادة السياسيون في الاتحاد السوفييتي يطرحون سياساتهم وكان على مراكز البحث الفكري أن تبرر هذه السياسة، فضعف التوجه الفكري وجرى افتراق بين الفكر من حيث التوجه وبين السياسة، ثم وبسبب هذا الخضوع الفكري للسياسة، أدى إلى ضعف الفكري نفسه، أدى إلى ضعف النظرية نفسها، حيث لم تستطع هذه النظرية أن تواكب تطوره الذي جرى في الاتحاد السوفييتي وفي الدول الاشتراكية الأخرى وفي العالم. فأدى إلى ضعف طريقه.

ثانياً: «لينين» طرح قيادة السوفيتات للدولة إما «بريجنيف» فقد طبق سيادة الحزب على الدولة. واندمج الحزب مع السلطة ونمت بيروقراطية، هذه البيروقراطية استطاعت أن تنهب جزءاً من الاقتصاد الوطني، واستطاعت أن تؤمن تراجع في الاقتصاد مما أدى ذلك إلى استياء جماهيري واسع، وأدى ذلك إلى نمو طبقة اجتماعية جديدة داخل الاتحاد السوفييتي، هذه الطبقة ليس من مصلحتها الاشتراكية فدمرت الاشتراكية هي بذاتها، وانتقلت إلى مجتمع آخر، هذا المجتمع ينسجم ومصالحها المادية المتكونة حديثاً، وتم تسييس ذلك عبر مفهوم آخر. عبر سيطرة الحزب نفسه على كل مؤسسات المجتمع، على النقابات على المجالس، على المؤسسات التشريعية، على المؤسسات التنفيذية، هذا التوجه أبطل فعل هذه المؤسسات كلها وأصبحت مؤسسات تنفيذية لسلطة حزبية خارجها وأصبح الناس الموجودون فيها موظفين كباراً لدى السلطة الحزبية وبتراجع دور الديمقراطية داخل الحزب الشيوعي نفسه في الاتحاد السوفييتي، وهي التي كانت توجه، هذه عوامل فساد فظيعة أدت إلى انهيار التجربة الاشتراكية. المحققة وإلى اختلال واسع جداً في التوازن العالمي، هذا واقع إن لم نفهمه تماماً، إن لم ندرسه تماماً، لا نستطيع أن نضع التصورات القادمة أمامنا مطلقاً ولا نستطيع أن نستفيد من التجربة، فنكرر التجربة ونكرر المأساة.

 ■  في المشروع القومي هناك قضايا يجب أيضاً أن ندرسها حتى نستطيع أن نستفيد منها لرسم خطنا السياسي الجماهيري الفعال والمقبول:

النقطة الأولى: هل استطاعت الأنظمة التي طرحت شعار «التحرير» أن تحرر الأراضي العربية المحتلة أن تحل المشكلة القومية؟ الذي جرى أن شعبنا قد فقد حريته، شعبنا العربي كله، وأحياناً قسم من الأحزاب الشيوعية وتحت هوس، تحت ضغط تاريخها العميق اندفعت إلى مثل هذه المواقف الوطنية دون تدقيقها فأدى بنا الوضع إلى ما نحن عليه الآن. الآن نحن أمام هزيمة كبيرة، الآن قوى حكومات مهزومة أمام الولايات المتحدة الأمريكية، وقوى مهزومة بفعل الاضطهاد، وقوى مهزومة بفعل العقم الفكري، وقوى مهزومة بفعل تخليها عن الجماهير، وهكذا تتكون في منطقتنا العربية، وفي كل بلادنا العربية، حالة صعبة جداً هي حالة مثالية للنهب الأمريكي، حالة مثالية للاضطهاد الأمريكي، حالة مثالية للسيطرة والهيمنة الأمريكية على المنطقة بفضل الاستبداد الذي طرح تحت شعار الوطنية.

ثانياً: هل استطاعت المقاومة الرسمية العربية أن تحقق شيئاً؟ يجب الاعتراف الآن ونحن أمام مفصل وتحد جديد، وأمام حرب جديدة في هذه المنطقة، أن المقاومة الرسمية عندما انفصلت عن  الشعب لم تستطع أن تفعل شيئاً، ويجب أن نؤكد أن المقاومة الشعبية هي التي حققت عناصر الانتصار. بدءاً من جنوب لبنان وانتهاءً الآن بالمقاومة العراقية التي تلعب دوراً كبيراً في لجم السياسات الأمريكية، وفي إنهاض أوروبا وفي إنهاض روسيا، وفي تأمين مواقف جديدة لروسيا، كما يجري الآن وهذا شيىء جديد إن المقاومة والمنطقة هي مركز الثقل في الصراع العالمي. ماهي المناطق التي نجحت فيها المقاومة نجحت في المناطق التي فيها هامش ديمقراطي بسيط، في لبنان حيث يوجد تمايز فيها في المنطقة في الانتفاضة حيث استطاعت أن تحقق هامشاً من الديمقراطية، وفي العراق بعد إسقاط النظام الاستبدادي، هذا شيء جدي، إذاً المقاومة والقضية الوطنية مرتبطتان بالمسألة الديمقراطية ارتباطاً وثيقاً والمقاومة شيئاً فشيئاً تتحول لتكون مهمة أمام الشعوب وقواها الوطنية والتقدمية كلها، هذا واقع أيضاً وهذه مهام جديدة أمامنا، يجب أن نصل منها إلى الاستنتاجات التي ذكرناها ويجب أن نعمم استنتاجاتنا حتى نستطيع فعلاً رسم سياسة قادرة على الفعل.

 وفي سورية يجب أن نتحدث بصراحة، هناك الكثير من العوامل، هناك قطاع عام لايزال موجوداً ولكن بإدارة بيروقراطية نهبت وهناك موقف وطني، ولكنه بفضل الوضع الداخلي، بحاجة إلى تقوية ولايمكن تقويته إلا بتأمين عنصر تماسك داخلي جدي وهناك وضع اقتصادي سيىء جداً لابد من تحسينه، لماذا نما كل هذا  الواقع، وهناك كما يتحدث الجميع إذا أردنا أن نصف الوضع في سورية توصيفاً جدياً، فساد شامل وانهيار أخلاقي شامل وبطالة كبيرة جداً واقتصاد منهوب. هذا الواقع كيف يمكن أن نخرج منه، لماذا تم ؟ نحن نعتقد لسببين:

الأول: هو إبعاد السياسة عن المجتمع عن طريق الضغط أو عن طريق الترغيب حاول الحزب الشيوعي السوري خلال فترة تحالفه مرتين أن يخرج من هذه الحالة وفي المرتين انهزم، انهزمت قيادته ولم تهزم قواعده. 

■  في المرة الأولى بعد المؤتمر الخامس وأثناء انتخابات مجلس الشعب عندما اصطدمنا مع السلطة من أجل القضية الاجتماعية. تراجع. والمرة الثانية، عندما اصطدم فصيل الرفيق يوسف فيصل مع السلطة أيضاً من أجل برنامجه الديمقراطي إن هذه التراجعات التي تمت أدت إلى نمو سهل للبرجوازية البيروقراطية، وإلى نمو سهل للبرجوازية الطفيلية. القوى الكابحة لهذه البرجوازية وبطبيعتها الاجتماعية والفكرية والسياسية التي هي نحن، نحن قلب الحركة الوطنية كنا مهزومين، ولم نستطع أن نفعل شيئاً وتأقلمنا مع حالة الفساد وتحت شعار القضية الوطنية. وهكذا نمت ظواهر قسم كبير منها سبب تراجع الحزب عن قضاياه عن طبيعته الاجتماعية الفكرية.  الآن ما هو المطلوب؟ المطلوب خلق أجواء أخرى، إعادة الحياة السياسية للمجتمع، إعادة الصراع إلى المجتمع السياسي على أساس البرنامج إعادة النشاط السياسي إلى المجتمع النشاط السياسي في سورية، كما تحدث الرفاق جميعاً، هو صراع بين فئتين ناهبتين فئة البرجوازية الطفيلية والمدعومة من البرجوازية العالمية، وفئة البرجوازية البيروقراطية المسيطرة على مراكز الاقتصاد السوري، أين هم العمال في هذا الصراع؟ أين هي قوى اليسار في هذا الصراع؟

■  القوى البرجوازية لها برنامجها تطرحه بصراحة على لسان مفكريها التي لابد أنكم تابعتموها في «قاسيون» تصدينا لهذا الطرح، نحن الآن لانطرح قضية التصدي فقط لهم، ولا نطرح قضية تحسين الوضع الاقتصادي للجماهير فقط، نحن نطرح طرحاً تقدمياً اشتراكياً بمفهومه ومضمونه، أي تحسين آليات القطاع العام وتحسين آليات الملكية الاجتماعية وتحسين أدوات الطبقة العاملة للاستفادة من التجربة المحققة عبر الخسائر السابقة في دول أخرى والانطلاق منها بخطى أفضل نحو الاشتراكية، لذلك نحن لانطرح في برنامجنا الطبقي الاقتصادي والاجتماعي  الصراع مع القوى الطبقية الأخرى المعادية فقط رغم أهميته وهذا موقف لا خيار لنا فيه وبل  نطرح أيضاً بالإضافة إلى ذلك، فهمنا الفكري الجديد لشكل إدارة المجتمع الاشتراكي وقد تكون سورية متفردة، الحزب الشيوعي السوري متفرد، الشيوعيين السوريين متفردون لأن التجربة في سورية لم تنهر بعد وهناك صراع.

إما اتجاه ليبرالي، كما تتحدث غالبية القوى السياسية، أو اشتراكي تقدمي، كما نتحدث نحن. ونحن نربط القضية الوطنية بالقضية الطبقية ونعتقد بأن البرجوازية هي أخيراً ليست وطنية بطبيعتها، وهاهي تجربة مصر وتجربة الأردن وهذه تجارب أخرى ندرسها بعمق ونعرف إلى أين تؤول التوجهات ذات الطبيعة الرأسمالية. وبالإضافة إلى ذلك فإن القضايا القومية  التي يجب أن تحل والتي طرحت هنا لاأريد تكرارها. وخصوصاً فيما يخص إلغاء الإحصاء وإعادة المواطنة لعدد كبير من المواطنين هم سوريون ووطنيون وناضلوا من أجل استقلال سورية من فرنسا وقدموا الشهداء. هؤلاء هم المحرومون من الجنسية في منطقتكم الآن. هذه القضايا تتطلب دقة، تتطلب روحاً كفاحية عالية وتتطلب بحثاً علمياً جدياً عالياً وتتطلب رؤية صارمة للفترة الماضية وإذا لم يكن كل ذلك فنحن سنخطئ.

■  من هذا التوجه، إن القضية الوطنية مرتبطة بالقضية الاجتماعية ، مرتبطة بالقضايا الديمقراطية لأن الديمقراطية (ليست محجوبة عن قوى النهب ولا هي محجوبة عن الفاسدين والمفسدين ولا هي محجوبة عن الآخر بينما هي محجوبة عن القوى التقدمية الطليعية).

القضية الديمقراطية والمسألة الوطنية والمسألة الاجتماعية، هي مهمات ثلاث لها نفس الدرجة. مهمات ثلاث من الدرجة الأولى وأثبتت التجربة القاسية السابقة التي عشناها وأدت إلى بعثرة حزبنا وأدت إلى هذا الواقع الصعب، إن أي تراجع أو أي تراخ في قضية من هذه القضايا الثلاث كمسألة الديمقراطية والمسألة الاقتصادية والاجتماعية والمسألة الوطنية سيؤدي إلى انهيار وإلى هزيمة، هل نجحت الورقة في تأمين هذه التصورات من خلال ما قلته في المقدمة إننا بدأنا جميعاً نصل إلى رؤية مشتركة، أعتقد أن الورقة نجحت في إثارة هذه المسائل، وفي طرحها، هناك أمامنا الكثير من المهام التي يجب أن نحددها، هناك مرحلة مرت، هناك فترة ماضية ونحن في حوارنا لأن نسبق الفترة الجديدة التي من خلالها سندرس الماضي بدقة ونرسم الجديد. إذا استطعنا أن نرسم الجديد في الطريقة المقبولة سيتوحد الشيوعيون إذا استطعنا أن نرسم الجديد بالطريقة المفهومة للجماهير. سنتحول إلى حزب جماهيري، إذا استطعنا أن لا نقدم مرحلة على مرحلة أخرى سنتحول إلى حزب صلب نستفيد من دروس التراجعات.

وأعتقد أننا فاعلون وأن الورقة قد أثارت هذا الحوار الهام وقد أثارت ما يمكن أن تثيره من بحث.