الحوارالعام من أجل وحدة الشيوعيين السوريين السويداء ـ الندوة المركزية الثانية: «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها» 

■ محكومون بأمل الوحدة،  في الحزب الشيوعي المنشود

■ المستقبل للقوى الوحدوية الصاعدة

■ توحيد المواقف والجهود العملية لكل الذين مازالت تجذبهم  راية الشيوعية

■ تعميق الحوار الرفاقي الجاد على طريق وحدة الشيوعيين السوريين من تحت إلى فوق

أقامت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين الندوة المركزية الثانية في مدينة السويداء يوم 26/9/2003 في مضافة الرفيق الشيوعي المعروف «معروف أبو الدهن» حول إحدى أوراق العمل المطروحة للنقاش العام، وهي «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها».

حضر الندوة جمهور كبير تجاوز عدده المئتي شخص من مختلف المحافظات السورية يمثلون الطيف الشيوعي بمختلف ألوانه....

أدار الندوة الرفيق د. نعمان أبو فخر وقُدمت في الندوة خمس مداخلات أساسية من الرفاق: (سلطان قنطار، فيصل خير بيك، فرج أبو فخر، منصور أتاسي،  د. قدري جميل)، وقد داخل حول موضوع الندوة الرفاق: نايف قيسية (السويداء)، سلمان سليم (السويداء)، علي أبازيد (درعا)، حسن رضوان (السويداء)، يمن قره (درعا)، عصام حوج (الجزيرة)، سعيد السغبيني (السويداء)، سليم اليوسف(حلب)، أديب العيد(السويداء)، محمد الأحمد (دمشق)،مجيد الحسين (السويداء)، إيمان ذياب (الجزيرة)، ماهر حجار (حلب)، نبيل عكام (دمشق)، علي خلف (السويداء)، بلشة العقباني (السويداء)،عبد الكريم عاصي (حمص)، مهند أبو الحسن (السويداء)، حمزة منذر (ريف دمشق)، نديم علي (اللاذقية)، رشيد الأشقر (السويداء)، حبيب الضعضي (دمشق).

وننشر فيما يلي كلمة عريف الحفل، وصاحب البيت، وكلمتي الرفيقين فرج أبو فخر (عضو اللجنة المنطقية في السويداء «صوت الشعب»)، وسلطان قنطار (عضو اللجنة المنطقية في السويداء «النور»)، وستتابع «قاسيون» نشر كلمات المداخلين الأخرى لاحقاً، والتي ستصدر في كراس خاص.

 كلمة الترحيب

عريف الحفل: نعمان أبو فخر

الرفاق الضيوف، الرفيقات والرفاق الأعزاء... اسمحوا لي باسم لجنة المبادرة لوحدة الشيوعيين السوريين في محافظة السويداء، بأن أرحب بالرفاق الضيوف وبجميع الحضور، شاكراً لكم هذا الحماس في تلبية الدعوة في هذه الندوة، التي تقيمها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، والتي تأتي في سياق الندوات المركزية بالترتيب الثاني بعد ندوة دمشق التي كانت حول موضوع المرجعية الفكرية. هذه الندوة تتناول مسألة هامة جداً وهي «أزمة الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها».

يداخل في هذه الندوة رفاق من أبناء الحزب الشيوعي السوري بمختلف فصائلهم عاشوا همومه، أزماته وانتصاراته، ولهم تجربة كبيرة في هذا المجال،آملين أن يكون النقاش والحوار ونتيجة الندوة خطوة إلى الأمام على طريق وحدة الشيوعيين السوريين.

في البدء صاحب البيت الرفيق أبو مجد معروف أبو الدهن يرغب بالترحيب بالحضور، وهذا البيت معروف بتاريخه كبيت شيوعي، ونحن أطلقنا عليه من خلال حركتنا «بيت وحدة الشيوعيين السوريين».

كلمة صاحب البيت:

معروف أبو الدهن

أيها الضيوف والأصدقاء والرفاق، إن هذا البيت مكتب وملتقى الشيوعيين في محافظة السويداء منذ عام 1951 وسيبقى هكذا مادمت حياً، فمنذ خمسين عاماً احتفل الشيوعيون في هذا المكان، حيث أنتم الآن بعيد الأول من أيار عيد العمال العالمي، وهانحن الآن نلتقي من جميع أنحاء البلاد للهدف النبيل وهو: تعميق الحوار الرفاقي الجاد على طريق وحدة الشيوعيين السوريين من تحت إلى فوق، في حزب شيوعي سوري واحد يؤدي دوره التاريخي والوظيفي في حياة البلاد، والدفاع عن الوطن وعن لقمة الشعب، والدفاع عن كرامة الوطن والمواطن.

وشكراً لكم جميعاً، وأهلاً وسهلاً بكم.

مداخلة الرفيق فرج أبو فخر

أيها الرفاق: يسعدني أن اؤكد على الترحيب برفاق المحافظات الأخرى في محافظتهم الثانية  السويداء، وفي بيتهم الشيوعي العريق، منزل الرفيق معروف أبو الدهن.

آملاً أن تحقق هذه الندوة  الفائدة للجميع بما يدفع قضية وحدتنا إلى الأمام.

أيها الرفاق:  لاشك أننا محكومون بأمل الوحدة، وحدة الشيوعيين السوريين في حزبهم المنشود، وانطلاقاً من الثقة بأن المستقبل هو للقوى الوحدوية الصاعدة في حركتنا الشيوعية السورية. كيف لا وإن الشيوعية ستبقى ـ على حد تعبير سعدي يوسف شاعر عراق المنافي ـ ستبقى هي الحلم الأبهى.

كان ماركس يقول: لكي تختبر أممية الإنكليزي فكلِّمْه عن المسالة الإيرلندية. ولعله يصح القول وعلى غرار ذلك: لكي تختبر شيوعية السوري فكلمه عن مسألة التوحيد، التي اتسعت دائرة الاهتمام به لتشمل رموزاً وطنية أخرى. وهنا أود الإشارة إلى ماكتبه حسين العودات في (النور) بخصوص وحدة الشيوعيين السوريين.

لعلنا نكاد نجمع ـ أيها الرفاق ـ على أن حزبنا يعيش حالة انقسامات داخلية منذ أواسط ستينات القرن الماضي، وهذه الحالة ليست محلية فقد طالت العشرات  من الأحزاب الشيوعية. وإذا كانت الأزمة تعني، فيما تعنيه، أن هناك تناقضاً بين الواقع الموضوعي والأهداف المعلنة، فإن الأزمات لاتنشأ من فراغ، ففي المنعطفات الخطيرة داخل البلاد وخارجها، قد تتباين الآراء وقد تحتدم، فإذا لم يتوفر المناخ الديمقراطي السليم والروح الرفاقية الصادقة، فإن ذلك ربما يؤدي إلى بروز التيارات داخل الحزب والتي بدورها تشكل حاضنة لتفريخ الانقسام.

إن كادراً يتمتع بعقلية الحوار الديمقراطي وبحس نقدي لما حوله، ولا يقبل كل شيء على علاته، ولايتعامل بالثقة المطلقة مع (فوق) كأداة فقط وجدته بوصفهِ شيوعياً قولاً وفعلاً تحقيقاً لمقولة: «مادمت شيوعياً عليك أن تكون شيوعياً في كل شيء». إن كادراً حزبياً كهذا من شأنه أن يساهم في مواجهة الانقسامات والتخلص من الولاءات، ومن الوداع الحقيقي للأنصار.

باعتقادي أيها الرفاق أن التضييق على الديمقراطية داخل الحزب والتضييق على النقد والقرارات الفوقية في المعالجات الحزبية وكذلك الفردية إضافة لضعف المستوى المعرفي الذي لم يكن يسمح بتلمس الجذور العميقة للأزمة.

كذلك العلاقة مع السوفييت من خلال الرؤية السوفييتية الرسمية للمسائل، كل ما سبق من أسباب اشعلت نار الانقسامات في حزبنا. هناك من قال بعدم تواتر المؤتمرات لكن أحزاباً انقسمت بالرغم من تواتر مؤتمراتها. وهناك من أشار للنظام الداخلي، ويمكن القول إن أفضل النظم لم تَحمِ من الانقسامات. باستثناء الانقسام حول مشروع البرنامج المقدم للمؤتمر الثالث والذي أثار قضايا جدية. كان يمكن تلافي كل الانقسامات اللاحقة عبر الحوار الرفاقي والديمقراطية الحزبية. بل حتى أزمة المشروع كان من الممكن تجاوزها لو كان المستوى المعرفي عميقاً، ولو كان موقف السوفييت أكثر موضوعية في بعض جوانبه.

تأسيساً على ما تقدم ـ أيها الرفاق ـ أرى ضرورة النضال من أجل حزب شيوعي سوري واحد موحد تشكل الديمقراطية في حياته الداخلية، والتي تقود بالضرورة إلى وحدة الإرادة والعمل، تشكل له سياجاً واقياً من كل انقسام وشخصنة.

ففي نداء الرفيق خالد المعروف من  أجل الوحدة والذي يعتبر أننا إذا كنا متفقين على كذا وكذا فما الذي يمنع وحدتنا؟ ثم قبله في أعقاب الأزمة على مشروع البرنامج لعام 72 يقول أبو عمار في مقابلة مع طلال سلمان في مجلة الصياد بالحرف: «إن تمركزنا جميعاً على المهمات يبين لنا كم نحن بحاجة بعضنا لبعض وكيف أن قوانا كلها مجتمعة غير كافية»

أجل أيها الرفاق بعد اكثر من ثلاثين عاماً من تصريح أبي عمار هذا كم نحن بحاجة لبعضنا في أيامنا العصيبة هذه؟ كم زادت المهمات وكم تعقدت وكم ضعفنا؟ وكم أتمنى ممن يتغنون بالبكداشية أن يأخذوا القول بجوهره لا أن يتاجروا باسم صاحبه، ويبقى السؤال شاخصاً: ماالعمل من أجل وحدة الشيوعيين؟

وهنا أعتقد أن ذلك منوط بحشد جهود جماعية ومخلصة على كافة الصعد مع الأخذ بعين الاعتبار أن التوحيد عملية صعبة ومعقدة وشائكة تحتاج إلى السرعة وليس التسرع، إلى المبدئية وليس المساومات والصفقات.

وهنا أود التأكيد على بعض  النقاط التي أراها ظواهر داعمة للهدف الرئيس ألا وهو: بناء حزب شيوعي سوري واحد متقدم على كل التنظيمات التي سيتكون منها، مستند للماركسية اللينينية، منسجم مع روح العصر ومستجداته على مختلف الصعد، فكراً وسياسة وتنظيماً. بنظام داخلي يؤمن حق ممارسة الديمقراطية بما في ذلك حق الرأي والرأي الآخر ولا أقول الأقلية، في إطار وحدة الإرادة والعمل. وبما في ذلك تجديد القيادات الحزبية وتحديد صلاحيتها بدقة ووضوح.

ومن النقاط التي أراها داعمة للهدف الرئيس المذكور:

1. الأعمال المشتركة والتي من شأنها تلطيف الأجواء بين الرفاق وتعميق الثقة المتبادلة، وبالتالي نساهم في تقريبهم من الوحدة. في إطار التخلي عن الذات التنظيمية الضيقة، والشعور بالأفضلية على الآخرين.

2. ميثاق الشرف: هو باعتقادي حالة تشكل مساهمة غير قليلة في سبيل وحدة الشيوعيين بالرغم مما قد يكون له أو عليه من ملاحظات أرى أنها لا تقلل من أهميته.

3. لجنة المبادرة في السويداء والتي تمخضت عن اللقاء الشهري المعروف، والتي استناداً لورقة التعريف بها، وللنشاطات التي بادرت لها وساهمت في تنفيذها هي بدورها ـ طبعاً مع اللقاء الشهري للشيوعيين ـ تشكل حالة على صعيد محافظتنا أرى أنها تستحق الحماية والدعم والمساهمة بنشاطاتها.

4. اللقاءات / السهرات الدورية وشبه الدورية والتي تتم في هذه القرية أو المدينة من محافظتنا والتي يعالج فيها الرفاق الكثير من قضايا الوحدة ومن المفيد أن تتواصل لجنة المبادرة مع هذه التجمعات الشيوعية.

أيها الرفاق: ظهرت مؤخراً اجتهادات متنوعة بالإضافة لما سبق. بعضها يعتقد أن الأزمة هي أزمة بين قواعد متقدمة على قيادات ترهلت وضعفت روحها الكفاحية، وهزت هيبتها داخل التنظيم وخارجه المكاسب الشخصية ـ طبعاً مع البعد عن التعميم ـ وبعضها يرى أن الأزمة تكمن في المركزية المفرطة وبعضها يختصر المسألة في صراع على القيادات وصراع قيادات على المكاسب والمغانم..إلخ وبعضها يتحدث عن المال السياسي أو الإقطاع السياسي.. والحزب الأم، والحزب النقي 

أو الديمقراطي أو التقليدي…إلخ. كما يعتقد البعض أن كل الذين خرجوا من معطف خالد بكداش لم يقدموا جديداً ـ من حيث الجوهر ـ بحيث ظلوا تلاميذ في مدرسته، إنما بغطاء اختلف لونه وتجديد لم يطل إلا الشكل مع بعض الاستثناءات في اجتهادات متفرقة هنا وهناك. وبصدد الحديث عن القيادات أعتقد أن الأهم من تناولها هو البديل هو تقديم نماذج أفضل، وبصدد الموقف من الماضي من المهم جداً أن لا نبقى أسرى له وهذا لا يمنع أبداً من الاستفادة من دروس الأزمات. أنا شخصياً لست من أنصار التشهير بماضي حزبنا تحت يافطة المراجعة النقدية، كما يحلو للبعض أن يفعل. فماضي الحزب محسوب علينا جميعاً بحسب الموقع والإمكانات وبنسب متفاوتة وأرجو ألا يفهم من كلامي هذا معارضتي لأية مراجعة. خاصة تلك التي تقوم على الموضوعية والعلمية والابتعاد عن جلد الذات.

كما أرى أنه من غير المجدي القيام بمثل تلك المهمة تحت ضغط المعاناة في حياتنا الحزبية.. كأن يقول أحدهم: لاضرورة لمنصب الأمين العام بصفته مركزة عملية للصلاحيات، أو أن نصوغ نظاماً داخلياً يحول الحزب إلى تجمع تحت ضغط ماقد عانيناه من مركزية مفرطة.

عموماً أيها الرفاق: يبقى جوهر الجوهر هو الإجابة على السؤال: كيف يمكن الخروج من الأزمة والوصول للوحدة؟ وهنا من المفيد أن نستذكر كيف أن مؤتمرات الفصائل طرحت تصورات للوحدة أو مواقف منها. وهي تصورات اصطدمت بواقع عصي على الأمنيات والرغبات، فقد جربت وسائل وحدوية صنعت من فوق سماها  بعضهم صفقات ولعله محق في ذلك، لأنها عكست موازين قوى ثبتت مواقع هنا أو هناك متفقاً عليها، وجرى خروج من هنا أو هناك ربما بهدف إضعاف هذا أو تقوية ذاك، وتحت راية التوحيد.

وتبين فيما بعد عدم جدوى إن لم أقل بطلان مثل أساليب كهذه.

مرة أخرى. ما العمل في مواجهة كل ما سبق؟ بداية أود التأكيد على أن النشاط القاعدي الضاغط يشكل عنصراً قوياً في إشادة صرح  الوحدة. وبالمقابل أرى أنه من غير المفيد التجاهل الكلي للقيادات ـ وهذا ماتنبهت له اللجنة الوطنية وحسناً ما فعلت .

لعل أحد الأساليب التي قد توصلنا للوحدة، هو ما يمكن تسميته الدمج التنظيمي من تحت إلى فوق والمستند لمشاريع الوثائق الحزبية اللازمة وهي خطة ليست جديدة تماماً ـ فقد جرى تداولها سابقاً إلا أنه يمكن ـ باعتقادي ـ العودة إليها والعمل على تطويرها وإغنائها وجعلها أكثر قابلية للتطبيق.

تشرف على تنفيذ خطة التوحيد لجنة عليا يمكن تسميتها مثلاً «اللجنة المركزية لتوحيد الشيوعيين السوريين»، يتمخض عنها لجان فرعية على مستوى المحافظات.

فيما يتعلق بقوام لجنة التوحيد المركزية يمكن أن تتمثل بكافة الفصائل وفصيل التاركين وبالتساوي. والمبدأ ذاته يجري اعتماده في تشكيل لجان التوحيد بالمحافظات.

تقوم لجنة التوحيد المركزية بإنجاز المهام التالية:

1. صياغة مشاريع الوثائق اللازمة وفي هذا الصدد يمكن أن تكون هناك صياغة واحدة لكل ما هو مشترك في وثائق الشيوعيين البرنامجية بمختلف فصائلهم مضافاً لها المهام السياسية الراهنة التي تفرضها المرحلة الحالية. أما ما هو مختَلَف عليه فيمكن معالجته عن طريق الحوار الرفاقي الذي يعني أن نضع هدفاً لكي نصل إلى نتائج. وقد يجري مثل هذا الحوار في إطار المؤتمرات والمجالس الوطنية والاجتماعات الموسعة…إلخ.

ولايغيبن عن الذهن أن الحياة نفسها أحياناً تحسم الكثير مما لم يمكن حسمه بالحوار وغيره.

2.  إقرار اللائحة التوحيدية الخاصة بدمج الهيئات والإشراف على دقة تنفيذها.

3. تشكيل لجان التوحيد الفرعية في المحافظات ومتابعة عملها وبالطريقة السابقة ذاتها، وبخصوص السير العملي باتجاه التوحيد يتم التنفيذ كما يلي:

أولاً: على صعيد المحافظة الواحدة: تعمل لجنة التوحيد الفرعية استناداً للائحة التوحيدية وبإشراف لجنة التوحيد المركزية على:

1) تشكيل فرق حزبية موحدة وذلك على أساس العمل أو السكن: قوامها كل الشيوعيين المعنيين في الفصائل وخارجها. تعقد الفرقة الموحدة مؤتمرها وتنتخب أميناً لها ومندوبها أو مندوبيها إلى مؤتمر الفرعية الموحد.

2) الخطوات التي جرى تطبيقها على الفرقة الموحدة تطبق تماماً على المنظمة الفرعية بحيث تنتخب اللجنة الفرعية وممثليها إلى المؤتمر المنطقي الموحد.

3)  المؤتمر المنطقي الموحد ينتخب أيضاً لجنة منطقية ومندوبين للمؤتمر العام الواحد.

تقوم الهيئات السابقة الموحدة بدراسة مشاريع الوثائق البرنامجية وتضع ملاحظاتها عليها، مع ملاحظة: أنه ليس من الضروري الاتفاق على كل شيء. إذ يمكن أن تبقى هناك مسائل معلقة هي ملك للحوار وللحياة التي قد تحسمها بحيث لا يشكل التباين في بعض المسائل عائقاً أمام التوحيد.

ثانياً: المؤتمر العام الموحد: وبوصفه أعلى سلطة في الحزب يقوم بإنجاز مايلي:

1) مناقشة الوثائق الحزبية المذكورة وإقرارها.

2) انتخاب هيئات الحزب القيادية.

3) الاهتمام الخاص بالنظام الداخلي من حيث الديمقراطية الحزبية ـ تجديد القيادات وصلاحياتها ـ الرأي الآخر ـ الدقة والوضوح في صياغة مواده وفقراته، وضع لائحة تنفيذية لبعض مواده التي تحتاج لذلك.

أيها الرفاق: ماعرضته أنفاً هو مشروع خطة متواضع لاأزعم أنه من اجتهادي، وإن كنت قد اجتهدت فيه، وهو يحمل توجهات عامة تفترض الدخول بالتفصيلات أو ما يمكن أن نسميه التدابير التنفيذية.

ولا يغيبن عن البال أن المسألة ليست بهذه البساطة لكنها تبقى طموحاً ممكناً ومطلوباً. وأخيراً أعتقد أن كل ما يطرح يغتني بالحوار وينضج بتبادل الآراء رغم أن الحياة وبتسارع خطاها قد تحسم الكثير الكثير

مداخلة  الرفيق سلطان قنطار

أيتها الرفيقات والرفاق: يسرني أن أكون من بين المكلفين بإلقاء مداخلة في هذا اللقاء الهام الذي يناقش أزمة الحزب الشيوعي السوري وسبل الخلاص منها.

لقد تأسس الحزب الشيوعي السوري اللبناني عام 1924، فكان مشروعاً أثار في البيئة المحيطة الاستغراب والاستهجان لأن مؤسسيه طرحوا هدفاً كبيراً جداً وبعيداً عن متناول ذلك المحيط. رواد لا يكتفون بالتفكير في الساحة الوطنية والقومية كي تنال استقلالاً ناجزاً، وسيادة غير منقوصة، وكرامة لكل مواطنيها، وإنما أيضاً يفكرون في ساحات الوطن والأمة كأجزاء مترابطة مع النضال العالمي الأممي الشامل في سبيل الحرية لكل بني البشر، ومحو أي استغلال بين إنسان وإنسان.

ومن نظرتهم إلى أن لكل زمان دولة ورجالاً، اعتبروا رسالة الشيوعية متممة لكل رسالة إنسانية سابقة، وفهموا أن ماركس شخصية عبقرية لم تدّع الألوهية، ولكنها فكرت بطريقة تجعل الإسقاطات التي أسقطتها البشرية على الآلهة وعلى مر التاريخ مشروعاً إنسانياً، وليس إلهياً، وفتشت عن جماعة إنسانية تنسجم  مبادئها مع مصالحها الشخصية ومع المصلحة العامة، جماعة ترى أن تحرير نفسها  مرتبط بتحرر المجتمع بأسره، وسلاحها الرئيسي الفكر والتنظيم. فبالفكر كشفت الماركسية كل التناقض السابق بين القول والعمل، وطلبت التفتيش عن أسبابه الأساسية في الواقع وليس في السماء، وأوضحت التضليل الذي رافق التعصب الديني والتعصب القومي، ودعت للتحرر الفعلي من الصنمية، سواء أكان مترافقاً مع مظاهر العبادة الخرافية للأشخاص أو مترافقاً مع مظاهر الأوهام حول عبادة الأفكار.

ومن هنا جاءت مهمة تأسيس نظام يلغي أسس الاستغلال في البناء التحتي وأولها الملكية الخاصة، نظام يعيد الحقوق إلى أصحابها والذين هم سائر البشر فملة الاستغلال واحدة وليس له قومية ولادين.

نعم لقد رفع مؤسسو الحزب الشيوعي السوري راية النضال في سبيل الحرية ومحو الاستغلال، والآن وبعد ما يقرب من ثمانين عاماً، ورغم كل التغيرات والانهيارات، ومسيرة الانتصارات الكبرى والهزائم الكبرى تبقى المهمة مطروحة، والراية تجد من يحملها.

إن وحدة الشيوعيين، تعني ـ كما أرى ـ أول ما تعني توحيد المواقف والجهود العملية لكل الذين مازالت تجذبهم هذه الراية مهما كانت شدة هذا الجذب قوة أو ضعفاً، ومهما كان موقعهم التنظيمي الآن، ضمن التنظيمات المعروفة، أو خارج هذه التنظيمات. ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى مقال الأستاذ حسين العودات الذي نشرته «النور» في عددها رقم 119 تاريخ 17/9/2003 بعنوان «وحدة الشيوعيين» إن وحدة ناجحة وفعالة للشيوعيين إنما هي قوة مؤثرة في نسيج الوحدة الوطنية تحصيناً ومنعة ينعكس بدوره على التضامن القومي نهوضاً وتراصاً وصموداً. وطريقة التفكير هذه ليست خاصة بنا نحن الشيوعيين وإنما هي عامة من وجهة النظر المنطقية ومن وجهة النظر العملية، ويبقى الشرف للمطبقين عملياً، فالحقيقة تفرض نفسها.

إني كواحد من دعاة وحدة الشيوعيين السوريين، أدعو لها اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأرى أن المبررات التي قُدمت لأي انقسام حصل في الحزب ليست مقنعة، أمام قليل من التدقيق والتمعن. وأن الخلافات كان بالإمكان حلها بالصبر وبالإحساس العالي بالمسؤولية وبالترفع عن الصغائر. فمدّعو حملة التفكير الديالكتيكي يفترض أن يفهموا قبل غيرهم التنوع في الوحدة، فاللحن السيمفوني الواحد تصنعه آلات  موسيقية متعددة، واللون الأبيض يحلله الطيف إلى ألوان رئيسية متعددة وتدرج في الألوان، وليس الفهم وحسب وإنما الالتزام بما تم فهمه والسلوك حسب ذاك الفهم وحسب. 

كما أن منطق الديالكتيك ينطلق أساساً من المضامين، أما الذي ساد في جو الانقسامات فكان مماحكات في جدالات لا تنتهي حول تفسير الألفاظ والتزمت والمترسة خلف الفهم الميتافيزيقي والشكلي والأحكام المسبقة، وكانت هذه ترفع جبالاً من الأوهام عن وجود خلافات.

إن الخلاص يكمن في اعتماد النية الصادقة بممارسة النقد والنقد الذاتي بنزاهة وتواضع ومبدئية بما يمليه السير القويم نحو هدفنا العظيم في الحرية ومحو الاستغلال.

إن رايتنا تقدمية، واعتمادها الأساسي على الحاضر والمستقبل على قوى الحاضر والمستقبل، مستفيدة من دروس الماضي بموضوعية غير متأثرة بالبكاء على الأطلال ولا بالاكتفاء بأمجاد الماضي، غير متلذذة بجلد الذات. ولامتباهية بالتبريرات المفتعلة والمضللة.

ومن هنا ينصب تركيزي في موضوع  اليوم على سبل الخلاص، مستعيناً بحكمة الفكر البشري مثل إشعال شمعة خير من لعن الظلام، نريد أكل العنب وليس قتل الناطور، صاحب البيت أدرى بالذي فيه، من كان بيته من زجاج عليه ألا يرمي الآخرين بالحجارة، قل لي من يعظمك اقول لك فيما تضل السبيل، اختلاف الرأي لا يفسد الود بين العقلاء…إلخ

وأول ما يتبادر للذهن هو مهمة التخلص من أي راسب من رواسب الذاتية المفرطة والغرور، والتخلص من عقلية الوصاية، والضامن الأول للنجاح في هذه المهمة هو الحوار المتكافئ والشفاف، وفي أجواء مثل هذا الحوار سينمو الأمل بالتغلب على سائر الأمراض، ويتوفر المناخ الذي تستعاد فيه العلاقات الرفاقية التي افتقدت خلال الانقسامات حسبما ذكرت ورقة العمل.

إن إثارة المناقشة والحوار هي فضيلة لأوراق العمل، وللمجتهد أجر حتى ولو أخطأ، ويُنشر في «قاسيون» آراء ناقدة هامة وأنا أتقاطع مع بعضها ومنها عدم الوقوع بغلبة النزعة الدعائية كما أتحفظ على طريقة المعالجة التي توحي بأن صاحبها يرفع نفسه من بين الصفوف وينتقد هذه الصفوف، فأنا أطلب أن يقترن النقد بالنقد الذاتي وأن يذكر كل مسؤوليته مهما كانت درجتها عند تحميل الآخرين المسؤولية، وبشكل محدد وملموس، بعيداً عن العموميات، وعنما يصعب الاتفاق عليه.

وكذلك عند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفييتي، لايمكن إغفال موازين القوى، ولادور قيادات الدول الاشتراكية السابقة، وحركة التحرر الوطني والحركة العمالية، ولا أقبل ببساطة تبرير ضعف مبادرة أي منهم بأن يلقيها على السوفييت، فعندما تحرك ثوار كوبا لم يكن ذلك بطلب من السوفييت، وكان كاسترو يكرر قوله: سيبرئني التاريخ.

ولعل نجاح الإمبريالية مع «السادات» و«غِيرك» وأضرابهما من الانتهازيين في صفوف العملية الثورية أسهم في سرعة نجاحهم مع يلتسين وشيفرنادزه وغورباتشوف.

لقد كانت الدعاية الإمبريالية خلال الحرب الباردة منَّصبة على العداء للسوفييت وبلد ثورة أكتوبر العظمى، وكان الجواب المناسب على هذه الدعاية في ظل اختلال ميزان القوى ليس الرد بالمدح، وإنما بالقيام بالثورات وتلبية نداء غيفارا لأكثر من فيتنام. فما بالك بالذين كانوا عالة على الاتحاد السوفييتي يكيلون له المديح من جهة ويساهمون في تقوية خصومه عن حسن نية أو سوئها من ناحية أخرى.

إن ما يسمى بالتيار الأصولي لم يكن له أثر قبل السبعينات في سائر بلدان حركة التحرر الوطني العربي على سبيل المثال، لكنه نما وترعرع مترافقاً مع نمو بورجوازيات بيروقراطية وطفيلية في هذه البلدان، وكان نمو هذين التيارين معاً يستجيب للطريقة السياسية المعتمدة لدى رأس الحربة الإمبريالية في الولايات المتحدة الأمريكية. ويحضرني قول لأحد رجالات الثورة الجزائرية، حسين آيت أحمد، كان يكرره في التسعينات: «لست مع دولة أصولية وبنفس الوقت لست مع دولة بوليسية، وإنما مع نظام ديمقراطي».

وأريد أن أذكر هنا بأن كثيراً من الدول العربية عرفت النظام السياسي الديمقراطي مباشرة بعد استقلالها، ومنها بلادنا سورية، كما أذكر بموضوعة ماركسية تشير إلى أن النضال في سبيل الديمقراطية جزء لا يتجزأ من النضال في سبيل الاشتراكية، وتبين هذه الموضوعة الترابط الديالكتيكي بين الديمقراطية والاشتراكية.

ولكن الغريب أن بعض الرفاق يقيمون سور الصين بين الديمقراطية والاشتراكية بفهم ميتافيزيقي جامد وبنظرة أحادية ضيقة، فيشنون هجوماً على الديمقراطية باسم الاشتراكية، فإذ بهم يفضحون أنفسهم كمدافعين سيئين عن ماركس والماركسية وعن لينين واللينينية، ومهاجمين دونكشوتيين على ما يفترضونهم العدو الأول.

صحيح إن ماركس ينتقد الديمقراطية البرجوازية، وينتقد اعتبار المجتمع المدني في النظام البرجوازي نهاية التاريخ، ولكن ماركس لا ينتقد الديمقراطية بشكل عام، وعندما صاغ مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا، فقد صاغه وفق الفهم الديالكتيكي والمادية التاريخية ليعني النضال في سبيل إقامة الصرح الواقعي لأعلى درجات الديمقراطية وأرقى مستويات المجتمع المدني.

إننا نحن الشيوعيين مشتركون مع أي نضال ديمقراطي، ولسنا حمقى لكي نقدم صورة وكأننا ندافع عن الاستبداد أمام ثنائيات المنطق الصوري رغم أننا مزودون بسلاح الديالكتيك الحي. وأن نبدو كما قال الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما          والماء فوق ظهورها محمول

أيتها الرفيقات أيها الرفاق:

لقد جرت انقسامات الحزب الشيوعي السوري يعد السبعين من القرن الماضي، واليوم فإني أرى أن النضال في سبيل وحدة الشيوعيين ينسجم مع النضال في سبيل وحدة الوطنيين والتقدميين ضد الفساد والقوانين الاستثنائية والإفراج عن معتقلي الرأي وفي مقدمتهم الدكتور عارف دليلة وفي صدور قانون للأحزاب، و في سبيل قضاء نزيه، وسيادة القانون على الحاكم والمحكوم وفي سبيل العيش الكريم للجميع. 

ألا يجمع على هذه القضايا وما يرتبط بها في المجال الداخلي كل وطني حقيقي وتقدمي شيوعي أو غير شيوعي؟ وألا تلاحظون أنها تتصدر صحف الشيوعيين ومطبوعاتهم داخل الجبهة وخارجها؟

ألا يصلح تنظيم الجهود العملية حول مثل هذه المطالب لأن يكون نقطة التقاء للشيوعيين على طريق وحدتهم؟ أم سنبرر يأسنا من الوحدة بسرعة اللجوء إلى الطريقة التصفوية إزاء القلة، وبإثارة نقاشات عقيمة ومماحكات حقيرة إذا اقتنع أصحابها بجدواها فهي تكشف عن فقر حالتهم وبؤس مصيرنا على أيديهم؟

وإذ تطرح ورقة العمل مناقشة غياب الديمقراطية من الحزب والمؤتمرات ودور المؤامرات الخارجية أؤكد على أن أية نقطة ضعيفة عن المستوى المطلوب حسب العصر في البناء الحزبي وفي الوضع الداخلي هي بؤرة مواتية لجراثيم  الإمبريالية  والصهيونية القاتلة. وأرى أن المطلوب رؤية شاملة تدرك ترابط القضايا وتكاملها بين الخاص والعام بين الداخلي والخارجي بين الديمقراطية والالتزام بما تقره وتنفيذه.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق:

 

تنتهي الندوة  ولاينتهي الحوار، وينتهي وقت المداخلة ولايستطيع صاحبها أن يعرض كل ما يخطر بباله من أفكار. آمل النجاح لعملنا وأشكر إصغاءكم.