بقلم هيئة تحرير «قاسيون» بقلم هيئة تحرير «قاسيون»

أهم المهام في: وقت متناقص أمام تصعيد متسارع

تتصاعد الحملة الأمريكية -الصهيونية ضد سورية، وهو أمر متوقع لم يكن يستبعده إلا الواهمون بإمكانية عقلنة الموقف الأمريكي. ونريد أن نؤكد هنا أن هذا الموقف غير مرتبط من حيث المبدأ بهذه الإدارة أو تلك.... أو بهذه المجموعة أو تلك ضمن أية إدارة كانت، بقدر ما هو مرتبط بالمصالح الجذرية الحقيقية للأوساط الحاكمة فعلياً، والتي تمثل الاحتكارات الكبرى والتي تلعب في أكثر الأحيان من وراء الستار، مقدمة إلى المسرح مجموعة ما، أو شخصية محددة، بقدر ما تنسجم تركيبتها مع الأهداف التي تريد الوصول إليها.

لذلك نقول، ومنذ الأن، أن بناء أوهام جديدة استنادا إلى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة هو قبض للريح، فبغض النظر عمن سيأتي لن يتغير شيء من الإستراتيجية العامة للإمبريالية الأمريكية في عصر أزمتها الاقتصادية المستعصية، والتي لا مخرج منها إلا المزيد من التوسع والهيمنة عن طريق المزيد من الحرب.

وإذا كنا ننظر للأمر من هذه الزاوية فإن ذلك لا يعني بتاتا أن هذا المخرج الوحيد مأمون النتائج، بل الأصح أنها تقامر بكل ما لديها لإطالة عمرها، وهذا يعني أنه بقدر ماتجري مقاومة المخططات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية بقدر ما تزداد ليس إمكانية إحباطها فقط، بل أيضاً إلحاق الهزيمة بها، والإنتقال لاحقا إلى مرحلة جديدة من التطور العالمي الذي يتصف اليوم بالاختلال الشديد لميزان القوى لصالح قوى الشر والعدوان.

ولكي نحقق ذلك في بلادنا، وخاصة بعد إقرار الكونغرس الأمريكي لما يسمى بقانون محاسبة سورية، لا بد من نقل مركز ثقل المعركة ضد قوى الهمجية والعدوان الأمريكي -الصهيوني إلى الشارع، إلى المجتمع، أي تفعيل الطاقات الجبارة لدى الجماهير الشعبية عبر إطلاق الحريات السياسية وتلبية المطالب الإقتصادية- الإجتماعية الملحة لها، وكل ذلك ممكن وضروري في الوقت المتناقص بسرعة أمام التصعيد المتسارع للمواجهة التي تسعى إليها الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل الصهيونية.

و مما يزيد الأمر إلحاحاً أن الهجمة الحالية تستهدف ليس السيادة الوطنية والكرامة الوطنية والإستقلال الوطني فقط، بل تستهدف أيضا الدولة الوطنية كمفهوم تاريخي كما تستهدف ايضاً وحدة التراب الوطني، وهو ما لا تخفيه أصلاً عند حديثها عن إعادة رسم المنطقة.

لذلك فإنه في هذه الظروف تزداد، بما لا يقاس، أهمية الوحدة الوطنية الحقيقية التي ستتحطم على متانتها المخططات الجديدة لقوى الهيمنة والعدوان.

ومن الواضح أن هنالك قوى لن يسعدها توطيد الوحدة الوطنية، لأنها تسعى أصلاً لجر عربة «غورو»، كما أن بعض القوى لا تعي أهمية هذا العامل، إما بسبب عدم تقديرها الصحيح لجدية الهجمة الحالية، أو بسبب ضيق أفقها وخوفها من «منافسة» قوى أخرى، مع أن الوطن يتسع للجميع، وبالكاد ان تستطيع كل القوى الوطنية مجتمعة أن تحل المهام التي تفرضها متطلبات اليوم علينا.

 

وفي كل الأحوال سيبقى مقياس جدية أية قوة سياسية هو دورها الفعلي على الأرض في تحقيق الوحدة الوطنية وتوطيدها في الظروف الخطيرة الجديدة، وسيحاسبها التاريخ على ذلك.