المشكلة ليست في البيان الوزاري... فقط
قدمت الحكومة بيانها الوزاري أمام مجلس الشعب، وبداْ النقاش حوله، وطرحت آراء عديدة أهمها أن هذا البيان عام ولايختلف عن البيانات السابقة، وأن الحكومة بعد ثلاث سنوات من الأداء لم تتقدم أية خطوة جدية للأمام على طريق الاصلاح الاقتصادي.
والملفت للنظر أن الحكومة وجدت نفسها أمام تقاطع مرمى نيران من طرفين: طرف يرى أن الاصلاحات السياسية هي مقدمة ضرورية للاصلاح الاقتصادي، وطرف يعكس استياء قوى السوق التي ترى أن الحكومة في إيقاعها لا تتماشى مع السرعة المطلوبة لإحداث التغييرات التي يطلبونها. وبغض النظر عن الآراء المطروحة حول البيان الوزاري الحالي، فإن المشكلة تكمن في طريقة تناول الأمور في البيان الحالي، والتي لم تختلف عن البيان السابق.
فهذه البيانات لا تحمل أهدافاً واضحةً وبرامج محددة يمكن محاسبة الحكومة على أساسها.
فاذا غاب عن البيان الحالي والسابق رؤية اقتصادية محددة تلتزم بنسب نمو محددة للدخل الوطني، فكيف يمكن محاسبة الحكومة؟
وإذا غاب عن البيان الحالي والسابق رؤية اجتماعية محددة تلتزم برفع الأجور بنسب محددة مسبقاً من أجل ردم الهوة بينها وبين الاسعار، فعلى أي شيء يمكن محاسبة الحكومة؟
وإذا غاب عن البيان الحالي والسابق رؤية واضحة تلتزم بإيجاد مصادر محددة لتمويل الاقتصاد الوطني وتمويل رفع مستوى المعيشة، فكيف يمكن النقاش مع الحكومة؟
إن طريقة عرض موقف الحكومة من القضايا المنتصبة أمام البلاد حالياً وسابقاً، فيها تهرب واضح من مواجهة الاستحقاقات التي تفرضها علينا الحياة والمستجدات في الوضع العالمي والإقليمي والمحلي.
وهذه الطريقة في نهاية المطاف، وأمام ضغط متطلبات الحياة، تضع ظهر الحكومة على «الحيط»، وهي لاتساعد على تأمين مستلزمات صمود البلاد أمام التحديات التي تواجهها قديمها والمستجد منها.
إن القضية ليست قضية استبدال حكومة بأخرى، بل هي قضية استبدال عقلية البعض في التعاطي والتعامل مع مشكلات البلاد والمجتمع والاقتصاد والمواطن، من أجل عقلية، تتحمل مسؤولية تأمين مستلزمات المواجهة كافة، أي تأمين كرامة الوطن والمواطن.