بقلم هيئة تحرير «قاسيون» بقلم هيئة تحرير «قاسيون»

نحو أوسع تحالف وطني 

مع انفتاح شهية الإمبريالية الأمريكية على العدوان والهيمنة، بعد التقدم الأخير الذي أحرزته، تزداد المخاطر على كل البلدان المحيطة بالعراق والتي تستهدف كرامتها وسيادتها الوطنية، وحتى وحدة أراضيها، والتي تريد أخذها كلاً على حدة.

ولاشك أن المراهنة على التعقل الأمريكي هو باطل الأباطيل وقبض للريح. فهذه القوة الغاشمة تحركها مصالحها القريبة والبعيدة المدى، والتي تتناقض جذرياً مع مصالح شعوب وبلدان وحتى دول المنطقة. ونقول دول، للتذكير، بأنه مهما كان حجم التنازلات المطلوب تقديمها من قبل هذه الدول، سواء أكانت هذه التنازلات صغيرة أم كبيرة فالمطلب الأمريكي  الحقيقي ليس هذه التنازلات بحد ذاتها، بل يختفي وراء هذه المطالب والإملاءات، أهداف بعيدة المدى تهدف إلى إسقاط الدول وصولاً إلى تفكيك البلدان من أجل رسم خارطة جديدة تتماشى مع أهدافها الإمبريالية الاستراتيجية التي تؤمن هيمنتها العالمية التي هي مخرجها حسبما ترى من أزمتها المستعصية. لذلك فإن هذه التنازلات تتحول، إذا ما حصلت عليها الإمبريالية الأمريكية، إلى نقطة انطلاق جديدة لتحقيق أهدافها اللاحقة.

لقد اختارت الإمبريالية الأمريكية الحل الوحيد المتبقي لديها، ألا وهو الحل العسكري، ولم يبق أمام الشعوب إلا خيار وحيد ألا وهو خيار المقاومة الشاملة.

وحين الحديث عن المقاومة الشاملة يجب عدم تبسيط الموضوع وتصويره على أنه يقتصر على مجال من المجالات فقط بل هو واسع ومتعدد الجوانب ويمكن أن يدخل فيه الجانب السياسي بأشكاله المختلفة والاقتصادي والفكري والأخلاقي إلخ...

وفي ظل استحقاق بهذا الحجم يصبح مطلب تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيزها مطلباً أساسياً لايحتمل التأخير والتأجيل.

وهذه الوحدة الوطنية لايمكن أن يكون عمادها إلا الشعب وقواه الحية وهو الوحيد القادر، إذا أطلقت طاقاته، على مواجهة طغيان الإرادة السياسية الأمريكية وجبروتها. ولهذه الوحدة الوطنية مقومات لايجوز تجاوزها أو إغفالها، وأهمها:

■ ملاقاة مطالب الجماهير الشعبية بتحسين أوضاعها المعيشية، ومن الواضح أن برنامج قوى السوق المدعوم من قبل قوى السوق الدولية يسير بالاتجاه المعاكس لذلك وبالذات من أجل إضعاف أساس أي مقاومة وطنية للمشاريع الإمبريالية، فهذه القوى التي أساءت للوضع الاقتصادي والاجتماعي حتى الآن من خلال تواطئها مع قوى السوء لايمكن أن تكون المنقذ له ومقاومة ضغوطاتها هو الذي يعزز الوحدة الوطنية وليس العكس.

■ إطلاق طاقات الشعب من خلال تحقيق المطالب الديمقراطية المطروحة والتي تحاول  بعض القوى المعيقة لها حتى الآن استغلالها كي تكون كلمة حق يراد بها باطل في المستقبل. فتجربة العراق برهنت على أن نظام صدام حسين الديكتاتوري قد منع عملياً الشعب العراقي من الدفاع عن استقلاله الوطني عن طريق تفتيته لوحدته الوطنية. لذلك فالوحدة الوطنية تتطلب أوسع ديمقراطية للقوى الوطنية المكونة لها.

 

■ من هنا يصبح اليوم الوصول الى أوسع تحالف وطني يكون استمراراً تاريخياً لصيغة الجبهة الوطنية التقدمية التي تكونت في السبعينات من القرن الماضي، والتي لعبت دوراً هاماً في حينه، والتي تعثرت فيما بعد، ولم تستطع أن ترتقي إلى مستوى المهمات والمسؤوليات المستجدة، وليس آخر أسباب ذلك تخلف بعض قياداتها ونظرتها إلى العمل الجبهوي كامتياز وليس كمسؤولية، يصبح الوصول الى ذلك والتوافق عليه بين مختلف القوى الوطنية الحقيقية والفاعلة مهمة المهام التي ستؤمن تحصين كرامة الوطن وتحقيق كرامة المواطن.