الوثيقة البرنامجية حلقة أساسية في مهام الشيوعيين في المرحلة المقبلة...

لقد عاشت وتعيش الحركة الشيوعية في بلادنا مرحلة عصيبة خلال العقود الماضية، فالانقسامات، أثقلت كاهلها وأبعدت الحزب عن تأدية مهامه المناطة به مما أبعده عن أداء دوره الوظيفي التاريخي الذي يجب أن يلعبه كطليعة واعية ومنظمة للطبقة العاملة.

فمن هذا المنظور تأتي أهمية الوثيقة البرنامجية فهي تحدد المهام العملية للشيوعيين باستعادة الدور الطليعي في قيادة حركة الجماهير لمواجهة الأخطار المحدقة ببلادنا مما يتطلب استعادة الدور الوظيفي للحزب من خلال استعادة زمام المبادرة الخلافة لنا كشيوعيين تقع على عاتقنا مهام كبيرة في هذه المرحلة.

فاستعادة الدور الوظيفي للحزب تؤدي وبشكل متسارع إلى استعادة وحدة الحزب، هذه المهمة الشريفة والنبيلة التي يناضل من أجل تحقيقها كل الشيوعيين المخلصين للمثل الماركسية ـ اللينيية.

إن أهمية هذه الوثيقة تتجلى من خلال تحديد سمات المرحلة الراهنة التي تندمج فيها بشكل جلي المهام الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، فهذه المهام مترابطة لا يمكن فصل الواحدة منها عن الأخرى.

فالسيادة الوطنية في عالم اليوم باتت مهددة لأنها تعني الحفاظ على الحدود والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديمقراطية للشعوب بمختلف مكوناتها القومية والدينية والفكرية.

ولهذا نرى بأن السياسة الإمبريالية تعمل على تفكيك البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول في هذه المنطقة بما يخدم مصالحها كقوى عظمى من حقها السيطرة على مقدرات الشعوب وتسخيرها لمصالحها الاقتصادية والأمنية.

وتتفرد الإمبريالية الأمريكية بطرح رؤيتها السياسية للمنطقة التي تسعى لتحقيقها وفق مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي يهدف بجوهره إلى إعادة النظر في البنية الجغرافية والسياسية للمنطقة بما يساهم في إعادة تفكيك وتركيب المنطقة من جديد وفق الأجندة الأمريكية التي تهدف إلى:

1 - تحييد وإخضاع شركائها في الثالوث الرأسمالي ويقصد بالثالوث الجهات الرأسمالية المسيطرة على العالم وهي (أمريكا، أوربا، واليابان).

2 - التحكم دون شريك في الشرق الأوسط وبلدان آسيا ببحورها النفطية عبر السيطرة المطلقة على تسويق وتسعير النفط بما يخدم مصالحها.

3 -  تفكيك الصين وفرض التبعية على البلدان الكبيرة الأخرى ومنع تكوين كتل إقليمية تستطيع أن تفاوض على شروط العولمة المفروضة أمريكياً.

4 -  تهميش مناطق الجنوب ودوله التي لا تتمتع بقيمة  استراتيجية.

وبهذه الأجندة لا تخفي الإدارة الأمريكية وجهها الحقيقي فهي تعمل على تنفيذ استراتيجية محددة تحقق أهدافها البعيدة والقريبة، فالسيطرة على بلدان الشرق يتطلب اليوم تغيير الأنظمة في هذه البلدان مع الحفاظ على الحكام الذي ينفذون توجهاتها بأمركة العالم ولو من خلال القيام بحروب دائمة، أو بحروب استباقية.

لقد أصبح الخيار العسكري الأمريكي يهدد جميع شعوب الأرض، وهو ينبع من المنطق نفسه الذي تبناه (هتلر) والذي يعتمد على تغيير موازين القوى الاقتصادية والاجتماعية بالعنف العسكري لصالح الشعب السيد.

ومن هذا المنظور نجد أن الإدارة الأمريكية حولت أمريكا من دولة الديمقراطية المزعومة إلى دولة فاشية تعمل على إبادة الشعوب من أجل الهروب من أزمتها الاقتصادية التي تعيشها فلا يعني لها شيئاً أن تبيد شعوب منطقة بكاملها من أجل تحقيق أعلى معدلات الربح لشركاتها التي تسيطر عليها.

ولهذا فمن أولى مهامنا كشيوعيين في المنطقة أن نمارس دوراً طليعياً وليس ثانوياً بمواجهة هذه الاستراتيجية معتمدين على تفعيل شعار المقاومة الشاملة للمخطط الإمبريالي الأمريكي الصهيوني. وهذا يتطلب تفعيل دور الشعوب في الدفاع عن سيادتها الوطنية.

إن تفعيل الحوار لوضع استراتيجية عملية لحركات التحرر الأساسية في منطقتنا، والتي تعبر عن المكونات الوطنية لشعوب هذه المنطقة برمتها (العربية والإيرانية، والكردية والتركية)

هي من أولى المهام الأساسية لمواجهة المخططات المرسومة لإركاع المنطقة برمتها.

ولهذا علينا أن نسارع بفتح مثل هذا الحوار نظراً لأهميته التاريخية، في هذه المرحلة، وللوصول إلى صيغ عملية للوقوف بوجه هذه المخططات المرسومة لمنطقتنا.

 

■ سهيل قوطرش