في أربعينية الرفيق فارس فارس «أبو وليد»الراحل ربط القول بالفعل فكان مثالاً في نكران الذات

في حفل مهيب حضره أصدقاؤه ورفاق دربه، أقامت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في حوران حفل تأبين للرفيق الراحل فارس فارس أبو وليد، بعد مرور أربعين يوماً على رحيله في مدينة ازرع.

افتتح الحفل د. خلدون عزام قائلاً في رثاء الفقيد: «أحبَّ الوطن، فعمل طوال حياته ليراه حراً وعزيزاً دوماً. أحبَّ الإنسان، كل إنسان وفي كل مكان، فما بخل بوقت ولا جهد لأنه المؤمن دائماً أن الإنسان هو أثمن ما في الوجود. إنه شعار رفعناه عالياً معاً؛ (كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار)، كنتَ نعم الزوج والأب والأخ والصديق والرفيق وأينما بكت أعين الفقراء مستنجدة تمسحها بيديك الممدودتين للخير والعطاء. فإن غيب الموت جسداً فالأفكار باقية والقيم والمبادئ حية لا تزول إنها رسالة حملها فقيدنا الغالي، ونحن على العهد باقون».

وبدوره ألقى الرفيق عادل ياسين كلمة هيئة رئاسة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين فقال: «رحل عنا الفارس، وهو الذي كان اسماً على مسمى، بتمسكه بالمبادئ التي حملها بحبه للوطن والشعب، كان شيوعياً حقاً، وكان وطنياً صلباً مدافعاً قوياً عن المستضعفين لا يكلُّ ولا يملُّ من الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن، كان دائماً ثابتاً على رؤيته والخط السياسي الذي ينتمي إليه. غادرنا رفيقنا، وسورية اليوم على مفترق طرق، والكل يدلو بدلوه بطريقته، حيث بدأ الفرز يأخذ شكلاً محدداً بين كل القوى، وبدأنا ننتقل وبوضوح من الثنائيات الوهمية التي كان البعض يظن أنها الأساس، ولكننا في اللجنة الوطنية أكدنا مراراً بالقول والفعل، وبناء على الرؤيا والخطاب، والخط السياسي على تلازم المسارات كافة سياسياً، واقتصادياً واجتماعياً، وديمقراطياً.

قلنا إن الإصلاح الشامل هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة، وهذا ما أكدناه في البلاغ الصادر بـ 25/2/2011، باسم اللجنة الوطنية وكان أهم وثيقة في البلاد حددت عمق الأزمة والمخرج الحقيقي لها. وقلنا في افتتاحية جريدة قاسيون أن ما يبدأ بالفساد ينتهي إلى الخيانة، وها نحن نشهد اليوم النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية الليبرالية التي بدورها رفعت درجة حرارة المجتمع إلى درجة الانفجار، احتجاجاً على الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد.

لقد استنفد الدستور القديم نفسه تاريخياً، وإذا عدنا إلى قوى النهب والفساد الكبير التي تعتبر بوابة العبور للعدو الخارجي هي التي تقف اليوم ضد الإصلاح وتشوه الحراك الشعبي السلمي، وبناء على ذلك فإننا مع الحفاظ على الحراك الشعبي لأنه ضمان الإصلاحات الجذرية والشاملة، وتعزيز الحوار الشامل الذي هو المخرج الحقيقي من الأزمة الوطنية العميقة».

كلمة لجنة المحافظة ألقاها فهمي العاسمي قال قيها: «منذ أربعين يوماً غاب عنا الجسد الطاهر، وهو مشيئة القدر ولقاؤنا اليوم هو ليس للذكرى فقط، بل هو تأكيد منا بأن فكره باق، وسوف يعيش دهراً. خمسة وسبعون عاماً من العمل الدؤوب بفكره وجسده هدفه حياة الناس والوطن، وإذا صلى قبل قليل الآباء الكرام لراحة نفسه في هذا المكان المقدس، فقد صلى الأب السياسي كثيراً على طرقات حوران من أجل راحة جميع الناس بدون تمييز لعرق أو دين، يقطع المسافات بين القرى سيراً على الأقدام في الحر والمطر ليوصل فكرة مهمة إنسانية، وليزرع الأمل في نفوس الجميع ويساهم في صنع مستقبل مشرق لهم، كان الراحل إنساناً بكل معنى الكلمة طالما حمل الهم العام سنين طوالاً على حساب الشأن الخاص دون تعب أو كلل، لقد كان شيوعياً حقيقياً بالفعل لا بالقول ناضل من أجل الوطن والشعب من أجل الحرية والديمقراطية، ومن أجل كرامة الوطن وكرامة المواطن. كان عاصفة في هدوئه وثورة صمته في كلمات الصدى جريئاً في قول الحقيقية لم يطمع في منصب أو جاه هدفه أسمى من المصالح هذه شهادة يعرفها أهل أزرع وحوران عامة.

نقول يا رفيقنا الغالي لقد تعجل القدر قبل أن ترى سورية أكثر إشراقاً ونحن سوف نبقى على عهدك ونسير على دربك لنصنع وطناً جميلاً وطناً لكل الناس فيه الخير والآمان والسلام».

كلمة آل الفقيد ألقاها الرفيق وليد فارس:

«إنها الذكرى وإنا للذكرى لحافظون، كيف لا، والذي نتذكره إنسان بحجم أبي وليد حيث الكلمات تكون عاجزة عن الرثاء، وأنا لا أقف اليوم راثياً بل أرثي أنفسنا.

أبي يا من اختزلت الحياة بالحب والعطاء، فحبك ليس له حدود وعطاؤك بلا نهاية.

قلبك الدافئ وعقلك الراجح ويدك النظيفة كانت منارة مجسدة بحياتك اليومية، رابطاً القول بالفعل صادقاً مع نفسك ومع الآخرين.

يقول السيد المسيح يجب على الإنسان الارتقاء إلى صفوف الملائكة، وكنت لا تكل ولا تمل ولا تتنازل للوصول إلى الكمال، كنت زاهداً في كل شيء إلا في حب الناس والأرض، لم تغرك المناصب والجاه والمال، فما من أحد ركض وراء القشور إلا خسر نفسه.

أحب والدي الحياة ورآها في بساطة مأكلها ومشربها وعلاقاتها، ورآها عظيمة في الأهداف والآمال التي رسمها وسعى إليها، لذلك تستحق أن نحياها بكل تجلياتها.

على دربك سائرون ولن نسأل ما حيينا، أيها الغائب الحاضر أبداً.

وإني لأتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من شاركنا بجميع أشكال المشاركة».

وألقى الرفيق الشاعر سليمان السلمان قصيدة تغنى فيها بالمبادئ التي آمن بها الرفيق أبو وليد وبقي مؤمناً حتى أخذه القدر ومما قاله الشاعر:

ترجل الفارس عن صهوته

وبدّل الزمان والمكان

دنيا بلا آمان

تعانق الرحيل

فتعبر الأيام

صدر الزمن الثقيل

وترتمي الأحلام

في مجاهل الغياب

بعد زحمة العويل

وأنت يا «فارسنا»

كنت على ما شئت من أمانة الرجال

أنت كما الحقيقة

لا زيف في جملتك الثورية

أصولك العريقة

في الفكرة الأبية.