الافتتاحية هل نحن عشية انهيار قريب لمشروع القطب الواحد

بانهيار الاتحاد السوفياتي، اختل ميزان القوى الدولي لصالح قطب الإمبريالية والقوى المعادية للشعوب، وأدى هذا الاختلال إلى نشوء وهم «القطب الأوحد»، فهو لم يكن ولن يكون أوحد، فكل الذي جرى أن القطب الآخر أي قطب الشعوب الذي كان الاتحاد السوفياتي يمثل قوته الطليعية والضاربة، تراجع بشكل جدي ولكنه لم يختف، وهذا التراجع خلق لدى أعدائه وبعض أصدقائه السابقين وهم قيام قطب واحد مما استدعى جملة من ردود الفعل يمكن تلخيصها بالتالي:

ــ جنوح الإمبريالية الأمريكية نحو الاستفراد بالعالم.

ــ اندفاع الوسطيين في الصراع العالمي السابق، نحو استرضاء المنتصر والاستسلام له دون قيد أو شرط.

ــ الانهيار والإحباط، وبالتالي الارتداد إلى موقع العدو الذي أصاب فاقدي الرؤية والعزيمة ممن كانوا محسوبين على قطب الشعوب، مع كل ما يرتبط بذلك من تكفير عن الذنوب السابقة إثباتاً لمقولة «المرتد أشد كفراً».

وبكلمة أدق، إن انهيار الاتحاد السوفياتي لم يلغ الثنائية القطبية، بل غيّر التوازنات بين القطبين إلى حين. فقطب الشعوب التحرري الساعي إلى العدالة الاجتماعية استطاع بعد عقد من انهيار الاتحاد السوفياتي أن يستعيد شيئاً من قواه، وبسبب الأزمة العميقة التي يعيشها النظام الرأسمالي العالمي توفرت الظروف الموضوعية كي ينتقل هذا القطب المتراجع من الدفاع إلى الهجوم في بعض النقاط والبؤر في بادئ الأمر، ومازالت هذه العملية قيد التشكل والتطور وأصبح واضحاً أننا نعيش اليوم عشية هجوم عالمي جديد لقطب الشعوب على كل الجبهة في عرض الكرة الأرضية وطولها.

وهذه العملية الثورية ستتسارع وتنجح بقدر ما يتوفر لها العامل الذاتي الذي هو دور القوى الطليعية وشعوبها واستعدادها للمواجهة وتوفر الإرادة والعزيمة لديها لإحباط وهزيمة مخططات وأهداف قطب الإمبريالية المعادي للشعوب الذي تقف الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية على رأسه.

ومن الجدير بالذكر، أن محاولة الإمبريالية الأمريكية الاستفراد بالعالم، وفرض القطب الواحد خلافاً لمنطق الطبيعة والمجتمع قد أدى عملياً إلى نشوء فوضى عالمية، أصبح من غير الممكن التحكم بها دون دخول قطب الشعوب على خط التأثير والتغيير على الظواهر السلبية التي تتعاظم في كل العالم من مشاكل الفقر والجوع والمرض والبيئة... إلخ.

والآن، وفي اللحظات الأخيرة تاريخياً لترنح القطب الأوحد المزعوم، تراهن الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل الصهيونية على استخدام القوة العسكرية الفجة لإخضاع منطقتنا من قزوين إلى المتوسط، وها هي طبول الحرب تزداد قرعاً تحضيراً للمواجهة القادمة مع من تبقى ممن لم يستسلم على هذه البقعة الجغرافية، التي سيحدد مصير المعركة فيها مجرى سير التاريخ العالمي للقرون القادمة.

إن كل المؤشرات تؤكد أن المعركة قد اقتربت، وأن المشروع الأمريكي قد دخل مرحلة الفشل والتراجع، ولكن هذا الفشل والتراجع محكوم بعامل واحد فقط لا غير، هو إرادة المقاومة والتصدي، وهذه الإرادة لها شروطها الداخلية عندنا بالدرجة الأولى، والتي ستحدد قدرتها على الانتصار، وعماد هذه الإرادة هو وحدة القوى الوطنية المعادية فعلاً للمخطط الأمريكي الصهيوني على المستوى الشعبي، لذلك يجب تأمين كل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتوفير هذا العامل الذي دونه لا يمكن تحقيق أي انتصار في المعركة القادمة، لأنه ببساطة مادامت الشعوب هي القطب الآخر فتوفير أفضل الظروف للوحدة الوطنية شعبياً هو الضمانة للحفاظ ولتعزيز كرامة الوطن والمواطن، وبالتالي يجب أن يكون دور جهاز الدولة دوراً مساعداً على تحقيق هذه المهمة وليس معرقلاً لها، وإذا كان هناك من لا يريد تحقيق هذه المهمة لسبب أو لآخر، فإن تحالف القوى الحية والنظيفة في المجتمع والدولة كفيل بإنجاز هده المهمة.

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 12:18