وزارة النقل.. فساد أم سوء تصرف؟؟
عودنا أرباب الحل والربط في وزارة النقل بمعظم مديرياتها وفروعها أن يحولوا كل ما من شأنه خدمة الناس والحفاظ على سلامتهم وتسيير أمورهم إلى نافذة واسعة لتنفيع فئة معينة من الانتهازيين والسماسرة والمتنفذين على حساب المصلحة العامة وخزينة الدولة ولقمة المواطنين وراحتهم..
نقول هذا بعد أن أصبح أحد المواضيع الساخنة الآن لدى كل من يعنيهم الأمر، الحيثيات الغريبة والمريبة لقرار تركيب الصندوق الأسود (التاكوغراف) الذي شمل الشاحنات والباصات والمركبات التي تزيد عن 11 طناً.
بداية لابد من التعريف بـ(التاكوغراف)، فهو لمن لا يعرفه أو لم يسمع عنه، عبارة عن صندوق آلي يتم إيصاله بعلبة السرعة في المركبة عن طريق المحور المخصص لمعرفة عدد دورات المحرك، ومن ثم يتم تحويل ذلك إلى سرعة خطية بالكيلومتر على الساعة، بحيث إذا أراد أحد أن يتعرف على الخط البياني لكل مركبة للوقوف على سرعتها، وسيما بعد وقوع الحوادث المؤسفة، فيمكنه ذلك من خلال خط بياني يربط بين عدة بارامترات منها: السرعة والوزن الخ..
وقد تم مؤخراً اعتماد خمس نماذج لهذا (التاكوغراف) لتركيبها على الآليات والمركبات التي طالها القرار، جميعها تركية المصدر والصنع ويتراوح سعرها بين 23 - 26 ألف ل.س.
القرار من حيث المبدأ ضروري وهام، وهو ليس موضع نقاش، وبرأينا أن صدوره قد تأخر كثيراً دون أية مبررات، أما لماذا أحدث جدلاً وأصبح مثاراً للأسئلة الكثيرة، فذلك بسبب قصوره من جهة، والإجراءات التنفيذية المتخلفة والفجة التي اعتمدت في تطبيقه من جهة ثانية..
فالتعميم قضى بتركيب هذا الصندوق على الشاحنات فقط، ولم يلزم باقي المركبات الكبيرة به، ونقصد هنا على وجه التحديد الحافلات السياحية، فهل هذه الحافلات معفاة من الالتزام بحدود السرعة والأمان؟؟؟..
ثم لماذا مُنحت هبة بيعه وتسويقه لجهات محددة في القطاع الخاص، ولم تستفد منه إدارات ومؤسسات الدولة المختصة بشكل يدخل بعض الإيرادات للخزينة العامة؟؟ فبالحد الأدنى، لو قامت الجهات العامة ذات الصلة باستقدامه وتركيبه بنفسها لوفرت على الأخوة المواطنين الأرباح الهائلة وغير المنطقية للتجار، خصوصاً وأن السعر الحقيقي لهذا الجهاز – الصندوق، تتراوح بين 2000 إلى 5000 ل.س في البلد المصدر، أي تركيا..
والطامة الكبرى أن بعض مالكي السيارات الكبيرة ممن يسافرون إلى تركيا بحكم طبيعة عملهم، قاموا بشرائه من تلك السوق بما لا يتجاوز 2300 ل.س، وحضروا إلى مديرية النقل في حلب لتجديد شهادة الميكانيك، فرفضت المديرية الاعتراف بأهلية الصندوق وامتنعت عن تجديد شهادة الميكانيك، بحجة أنه ليس من الأنواع الخمسة التي حددتها الوزارة، داعية أولئك إلى شرائه من الجهات الخاصة المحلية التي حصلت على امتياز استيراده وبيعه؟؟؟
فهل يعقل ما يجري؟؟ إلى متى يبقى المتنفذون في الحكومة يصولون ويجولون بما يخدم مصالحهم ومصالح شركائهم في القطاع الخاص من تجار وسماسرة؟؟.. وإلى متى سيبقى حيتان المال يهرّبون الأموال من الخزينة العامة بأشكال متعددة، لتمتلئ جيوبهم من عرق المواطنين الكادحين الذين لا يألون جهدا ليلا نهارا لإيصال لقمة طيبة شريفة لعائلاتهم؟؟؟