الافتتاحية سورية أمام خطر جديد: «المعتدلون العرب»
لعل من أخطر ما تواجهه سورية في المنظور القريب والمتوسط هو ما يقوم به «المعتدلون العرب» من حملات سياسية ودبلوماسية عشية عقد القمة في الرياض، تهدف في إطارها العام إلى تمهيد الطريق أمام العدوان المرتقب على سورية، وجني ثماره سياسياً قبل حدوثه عبر محاولة «فرض التنازلات عليها» وصولا إلى تثبيت أكتاف المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين قبل بدء التحالف الإمبريالي الأمريكي بتوسيع رقعة الحرب والعدوان، سواء باتجاه سورية وإيران أو لبنان مجدداً،
ومن جهة أخرى تحتاط دول ما يسمى بالاعتدال العربي ومن يواليها من بعض النخب تنفيذاً لتعليمات السيدة رايس، إنه في حال الفشل العسكري للعدوان المرتقب يجب منع المنتصر وهو المقاومة من استثمار النتائج سياسياً على مستوى الشارع العربي كما حصل في لبنان بعد الانتصار الأسطوري على عدوان تموز 2006، أي تأريض النتائج ومحاولة منع تكرار التجربة، وإحباط القائلين بخيار المقاومة الشاملة، وضبط سقف العمل العربي الرسمي بصيغة المبادرة العربية وما دون، بغض النظر عن الموقف الأمريكي الصهيوني الواضح والمعادي لإقامة أي سلام في المنطقة.
- إن ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها، بأن فرنسا ممثلة بشخص رئيسها المنحاز لفريق 14 شباط عرضت على الكيان الصهيوني في الأيام الأولى من الحرب «فكرة اجتياح سورية وإسقاط النظام فيها»، وكثرة الضخ الإعلامي الإسرائيلي حول استعدادات سورية العسكرية على جبهة الجولان، وكذلك قيام الجيش الإسرائيلي بأكبر مناورات عسكرية في تاريخه تتعلق بإعداد الجبهة الداخلية للحرب، والتصريحات الأوربية بأن «موقف سورية من لبنان هو بوابة العبور إلى أوربا»، ناهيك عن التصريحات الأمريكية حول «ما هو مطلوب من سورية إزاء العراق»، كل ذلك يؤكد أن سورية في قلب العاصفة وأمام مخاطر جدية محدقة لا بد من مواجهتها اليوم قبل الغد.
- فمن الواضح لكل ذي بصيرة أنه منذ سقوط بغداد أصبحت سورية بين فكي كماشة الاحتلال، وأن الجيش الأمريكي لن يخرج من العراق (الذي تتظاهر شعوب العالم انتصاراً له عدا أهله في العواصم العربية) في عام 2008 كما يتوهم البعض، وفي حزيران القادم سيبلغ قوام الجيش الأمريكي 160 ألف عسكري، أي أكثر من ذروة وجوده في العراق في عام 2003، وهذا يؤكد ليس فقط استمرار الخطر وقرب العدوان، بل أن كل بلدان المنطقة ستبقى تعيش تباعاً تداعيات احتلال العراق خصوصاً بعدما دخل المشروع الأمريكي مرحلة الفشل والتعثر، الشيء الذي سيجعل إدارة متوحشة كإدارة بوش، تتجه للهرب إلى الأمام بتوسيع رقعة الحرب بضربة عسكرية لإيران ومحاولة الإجهاز على كل مواقع المقاومة في المنطقة.
- إن كل ذلك يفرض على سورية وبكل ما تملكه من تراث وطني عريق ضد المشاريع الاستعمارية، الاستعداد لخيار المواجهة،ورفض التنازلات مهما كانت التضحيات، وكي نجعل من سورية محكومة بالانتصار لابد من:
* موقف واضح لا لبس فيه ضد التحالف الامبريالي الصهيوني والموالين له من الحكام العرب الذين لا تفيد معهم أية مساومة أو تنازلات حتى لو كانت تكتيكية.
* التزام خيار المقاومة الشاملة وصولاً لتحرير الجولان بالمقاومة الشعبية.
* اجتثاث قوى النهب والفساد في الداخل بتطبيق الأحكام العرفية وقانون الطوارئ عليهم لتكامل مخططاتهم مع أعداء الخارج جهاراً نهاراً على حساب قوت الشعب وثروة وحرية البلاد.
* إطلاق الحريات السياسية والديمقراطية في المجتمع موضع الرهان الحقيقي في الدفاع عن الوطن والسيادة الوطنية اليوم، وفي كل وقت.