الشيوعية والأحزاب الشيوعية–ج5

بلدان الاشتراكية العلمية، وأية بلدان مناضلة وطنياً هي بحاجة إلى الديمقراطية، ولكن لا إلى ديمقراطية الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان، أو إلى ديمقراطية الرئيس الحالي جورج دبليو بوش، ولا إلى ديمقراطية شكلية تسمح بنفوذجميع قوى الثورة المضادة إلى البلد ومؤسساته.

لكن من المفتروض أن تقوم الأحزاب الثورية بتربية كادرات قادرة أن تضمن استمرار الحزب، فليس من الطبيعي أن يبقى رئيس الحزب مدى الحياة، حتى ولو أصبح في شيخوخة تمنعه عن تأدية أبسط الواجبات العامة، وأن ترثه طواقم مضادة لاتجاهه، ولاتجاه الحزب ولاتجاه البلد. وهذا لا تحله «الديمقراطية» الرأسمالية، وإنما تحله الأحزاب الثورية، التي من المفترض أن تدرك هذا الخلل الكبير وتعالجه.

رابعاً: هل تحول العديد من الأحزاب الشيوعية إلى الليبرالية يحل المشكلة الإيديولوجية للشيوعية، ويساهم في بناء جديد لها؟

على المسرح الدولي الأحزاب الشيوعية «التائبة» تؤلف قوة ضعيفة جداً إلى جانب الأحزاب الرجعية بمختلف أطيافها، وتأثيرها، أياً كان، لا يمكن إلا أن يكون ضعيفاً فهي على الصعيد العام ليست ذات أهمية، أما على الصعيد الشخصي، فيمكن أن تستفيد قياداتها قليلاً، أو كثيراً. الأممية الثانية، من دون الحزب الديمقراطي الاجتماعي الروسي لم تؤثر رغم حجمها الكبير نضالياً على الصعيد الدولي، والأممية الاشتراكية، التي ورثتها، كانت قوة اجتماعية مساعدة للرأسمالية الدولية.

أما على الصعيد الإيديولوجي، فلا يمكن أن تتفق الشيوعية نظرياً أو نضالياً مع التحالف والرأسمالية الدولية، الأمر، الذي ينطوي على تأييد مختلف جرائمها الاجتماعية والدولية.

خامساً، هل الثورة البروليتارية، أو من أجل البروليتاريا ممكنة في البلد الضعيف التطور؟

الجواب التاريخي هو أن الثورة كانت ممكنة في روسيا القيصرية، وكانت ضعيفة التطور، وكانت ممكنة في الصين، وكانت ضعيفة التطور، غير أنه ثمة نقاط هامة في هذا المجال:

ـ ثورة أكتوبر 1917 ما كان يمكن أن تعيش، لولا الثورة الصناعية؛ ولذا فأية ثورة بروليتارية (أي من أجل البروليتاريا)، في أي بلد، متطور أو ضعيف التطور، مهمتها الأولى هي التطوير.

ـ شيوعية الحرب، رغم أنها كانت إلى حد ما ضرورة تاريخية، كانت لها آثار مدمرة على كل مسار الإرهاصات الثورية في العالم، وأيضاً على البلد السوفييتي، وكان ثمة خطر في أن تنهي الثورة فيه.

ـ الثورة البروليتارية (أي التي من أجل البروليتاريا) ليست ثورة تقشفية. «الثورات التقشفية» تعود إلى ما قبل الرأسمالية، أي هي تراث إقطاعي، أكثر منها ثورة حديثة، وقد تأخذ أشكالاً رهيبة مثل الشكل الذي أخذه نظام بول بوت في كامبودجيا.

ـ في نظام الاشتراكية العلمية يجب أن تكون وسائل الإنتاج ملكية عامة، ولكن وسائل الإنتاج الرأسمالية، لا الحرفية أو الفلاحية. فالاشتراكية العلمية هي بديل للرأسمالية، لا للحرفية. والالتباس هنا يتسبب أحياناً، وقد تسبب، بكوارث اجتماعية في ظل «التقدم»، فقد يتحول عمل الفلاحين إلى سخرة، وإلى جوع، وقد تعاني الفئات الشعبية صعوبات حياتية مرة. أصولاً، شيوعية الحرب في روسيا القيصرية تسببت بمثل ذلك.

وتحويل الإنتاج الرأسمالي إلى ملكية عامة لا يمس فقط الرأسماليين أصحاب العلاقة، وإنما أيضاً شبكة العلاقات الرأسمالية، التي كانت قائمة، ويمس من الجملة الحرفيين والفلاحين، ولذا يجب أن تؤلف السلطة الثورة بديلاً في شبكة العلاقات عن الرأسماليين، كيلا تقطع السبل بالحرفيين والفلاحين، ويجب في الوقت نفسه، أن يكون البديل غير مستغل مثل الرأسمالي، وأن يكون عامل تطوير.

عندما ينتعش الحرفيون والفلاحون، ويجدون أنفسهم يتقدمون باستمرار، فإنما يصبحون مدافعين أشداء عن النظام الثوري.

ـ العامل الدولي له تأثيره الكبير، فأي بلد، كبيراً كان أو صغيراً، لا يؤلف جزيرة منعزلة.

ـ رأسماليو البلد هم غير الرأسمالية الدولية ويتميزون عنها، وإن كانت الصلة بينهم وثيقة، وكثيراً ما وقعت الأحزاب الثورية في مطبات بسبب عدم التمييز ذاك. من المفترض دوماً أن تكون الحرية الثورية، إذا استطاعت موجهة بالدرجة الأولى إلى الرأسمالية الدولية.

آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين2/نوفمبر 2016 23:01