ذكرى مؤلمة من انتخابات نيابية «سابقة»

لاحظ وكيل مرشح نقابي لعضوية مجلس الشعب، أن اليوم الثاني للانتخابات، تميز بنشاط مكثف، لآلية قوائم حيتان المال، سيارات لا تهدأ في نقل الناخبين، يرافقونهم حتى الصندوق، رجال يحملون أكداساً من البطاقات الانتخابية، والهويات الشخصية، الوكلاء والوكيلات الأنيقات، يهجمون على كل ناخب قادم، ويضعون بطاقات مرشحيهم في أيديه، المرشحون الحيتان، يستقبلون بترحاب حار، ويودعون بتطمينات: «إن شاء الله نكون عند حسن ظنكم سيدي، صواني المشاوي، ولفّات الكباب، والمياه الغازية، لا تنقطع، قال أحد وكلائهم:

ـ هذه ثالث انتخابات أتوكل فيها عن معلمي، إنه ناجح بها أو بدونها..

ـ ولماذا كل هذا النشاط من صور وناشطين وخيام وطعام وشراب وتوزيع علب سمن ومنظفات و..

ـ دعاية شخصية، من مظاهر الزعامة الجديدة، يستفيد منها أهالي حينا أكثر من غيرهم.

ـ هل تلتقون نائبكم، وتكلفونه بطرح مطالب حيكم؟

ـ كلا، فلا فضل لأحد عليه بنجاحه، إنه يحققه كما يقول نزار قباني «بدراهمي».

ـ هذا اغتراب وقطيعة بين النائب والناخب، إلا في أيام الانتخابات.

ـ لا تكبرها يا شيخ.. إنها تمثيلية للاستهلاك، ألا ليتها تتكرر كل عام (لنفك زنقتنا).

بدأ الفرز، الأصوات تنصب بغزارة لقوائم الحيتان، علق أحد الوكلاء:

ـ أهي انتخابات أعضاء مجلس الشعب، أم مجلس اللوردات؟! ضحك الجميع.

المرشح النقابي لم يفز بأي صوت، نهض وكيله محتجاً:

ـ هل أنا في حلم أم علم؟! لا أسأل عن عشرات الأصوات من عائلة موكلي وأصدقائه وأقاربه، لعلهم انقلبوا عليه وغدروا به، ولا أسأل عن عشرات الأصوات من أهلي وأصدقائي ومعارفي، الذين زودتهم بيدي، بطاقات انتخاب موكلي، لعلهم هم أيضاً كانوا يحملون بطاقات أخرى في جيوبهم، قبضوا ثمنها، ولا أسأل عن مئات الأصوات من زملائه العمال، الذين انتخبوه عضواً في اللجنة النقابية للمعمل، ضد قائمة الإدارة وأنجحوه رغماً عنها، إذ لعلهم رضخوا لتهديدات الإدارة بمعاقبة كل من ينتخب موكلي العامل. كل هذا جائز، لكن أسألكم بربكم، كيف تبررون ضياع صوتي الذي وضعته في الصندوق أمامكم؟

 أجابه رئيس الصندوق:

ـ شوفة عينك، أنت لم تغادر الصندوق لحظة واحدة.

ـ باستثناء ليلة الأمس، حيث منعت قسراً من المبيت إلى جانب الصندوق.

ـ ماذا تقصد؟

ـ اقلب لي عقب الصندوق ستعرف.

قلب رئيس المركز الصندوق الخشبي متحدياً وقال:

ـ ماذا في أسفله!

بعد أن تمعنه الوكيل قال:

ـ انظر يا أستاذ، إن حواف الصندوق محفورة حديثاً، أي أن الصندوق فتح ليلاً وجرى تزوير الأصوات لصالح قوائم حيتان المال.. انظر وتأكد.. والسلام عليكم!!

■ عبدي يوسف عابد

آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين2/نوفمبر 2016 23:02