الافتتاحية وجهان لعملة واحدة

 يحفل الإعلام العربي ووسائل الاعلام الأمريكية والغربية بتحليلات وتصريحات لباحثين ومسؤولين سياسيين ودبلوماسيين غربيين وعرب، حول وجود انقسام في المجتمع السياسي الأمريكي«بين الديمقراطيين والجمهوريين» بهدف إيهام الرأي العام العالمي و«العربي» تحديداً أن الخلاف حول الهدف والاستراتيجيا لايتوقف عند الشكل.

وإذا كان النظام الرسمي العربي قد وجد مخرجاً له، ولعجزه، وارتباطه «على صعيد المصالح بمرجعيته الأمريكية» من خلال ترويج فكرة قرب انفراج الوضع بالمنطقة مع ذهاب الجمهوريين، ومجيء الديمقراطيين بعد سنتين، فإن الشعوب في العالم وفي منطقتنا، لن تنطليَ عليها مخاطر التضليل، وقلب الحقائق أو تجاهل الدروس المستفادة من تجارب شعوبنا المريرة مع الامبريالية الأمريكية وأهمها أن المؤسسة الحاكمة في أمريكا واحدة، وهي مُلاّك أمريكا من كبريات الشركات الاحتكارية العملاقة بغض النظر عن اللاعبين على السطح.

...وإذا عدنا إلى موضوع الخلاف بين فريقي الجمهوريين والديمقراطيين في المنطقة، نجده يتمركز حول العراق ولبنان وفلسطين وإيران. وينحصر الخلاف أو بمعنى أدق، التباين حول الشكل الأمثل للسيطرة على المنطقة في إطار المشروع الامبراطوري الأمريكي على المستوى الكوني، وهو الموضوع الاستراتيجي المتفق عليه من قبل الطرفين. وقد تجلَّى ذلك في تقرير بيكرـ هاملتون المعد من قبل أبرز رموز الجمهوريين والديمقراطيين.

 وهنا يجب التأكيد على أن حجم الخلاف ليس فقط ينحصر في الشكل، والتكتيك، بل إن طرفي الخلاف كلاهما يكمل الآخر. حيث أن المشروع الثاني «هاملتون ـ بيلوسي» هو احتياطي لمشروع الجمهوريين الأول، والأساسي، ويسهل له النجاح وتصويب المواقف، وبالوقت ذاته يستبق آثار الفشل إذا لم تتمكن فلسفة القوة واستخدامها المفرط من تحطيم المقاومة في البلدان التي يستهدفها المشروع الأمريكي التفتيتي من فلسطين إلى لبنان، مروراً بسورية إلى العراق وإيران.

فالمشروع الثاني يهدف إلى تثبيت أكتاف المقاومات وإضعاف حركتها في كل من فلسطين ولبنان والعراق عبر استخدام الحلول التخديرية التي تساهم فيها السعودية بنشاط، كما يهدف إلى شل سورية وفك تحالفها مع إيران، كل هذا في حال حدوث الضربة ضد إيران كي تتفرغ قوى العدوان ضد هذا الهدف دون إزعاجات تذكر في المنطقة.

كما أنه يسعى في حال فشل العدوان العسكري المرتقب في تحقيق هدفه والذي يجري التحضير له على كل المتسويات، إلى لملمة آثار ونتائج الفشل، لمنع قوى المقاومة والممناعة من جني النتائج السياسية الإيجابية المحتملة لهذا الفشل تحضيراً لجولات أخرى.. أي بكلمة أخرى فإن المشروعين مكملان لبعضهما البعض وهما وجهان لعملة واحدة.

وبالتالي لاتجوز المراهنة على مواقف سبق أن اختبرناها، ودفعنا دماء غالية جراء عدم الحزم، وغياب الإرادة السياسية لمواجهة المشروع الامبريالي ـ الصهيوني الذي لاتنفع معه مساومة، أو مهادنة، أو تنازل تكتيكي، لأن المشروع الإمبراطوري الأمريكي محكوم بالعدوان، وتوسيع رقعة الحرب، وتفتيت بنية دول المنطقة عبر استخدام الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية.

 لذلك مَنْ يعوَّل على الانقسام في المجتمع السياسي الأمريكي لينفد بريشه، ليس فقط واهماً، بل إنه يسير إلى حتفه، ولن يجني إلا قبض الريح. وقد صدق الأمين العام لحزب الله السيد «حسن نصر الله» عندما قال: إنه فقط بالمقاومة الشاملة سيتغير وجه المنطقة لصالح شعوبها، وليس لصالح الغزاة. وبهذا فقط يمكن تأمين كرامة الوطن والمواطن.

آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين2/نوفمبر 2016 23:31