«كابلات» التغيير المنشود
يتحدث البعض عن مشكلة في «المخدّمات»، بينما يتحدث البعض الآخر عن مشكلة في العقلية التي تتولى مراقبة «المعلومات»، ويزداد الاختلاف عمقاً حين يستطيع أحد المتعطلين الوصول إلى صفحته الشخصية على موقع الإشكاليات «فيس بوك»، حيث ينتظره خلاف جديد في الرأي ليناقشه مع أصحاب الرأي الآخر في العالم الافتراضي، وتدور طواحين النقاش حول قضية بطء الإنترنت التي يعايشها الجميع تقريباً في سورية، منذ الثامن من حزيران الجاري.
ولكن حقاً ما المشكلة؟ فلا المؤسسة العامة للاتصالات تجيب، ولا موقع «غوغل» الذي طالته المشكلة مرات عديدة خلال الفترة الماضية!.
صمت المسؤولين «المعلوماتيين» عن تبيان الأسباب الحقيقية يدفع الفرضيات إلى الواجهة بشدة، وبعد الغربلة يبقى للمواطنين تبني أحد خيارين كأرضية لمعارك الجلسات النقاشية المتزايدة؛ فإما أن تكون معارضاً وتتبنى فرضية أن «أمن المعلومات» يقف وراء ما يجري لمنع الناس من تبادل الأخبار والأفكار، أو أن تكون مؤيداً فتجهد نفسك بنفي المشكلة، أو بإعادة تجلياتها إلى أن مؤسسة الاتصالات تستبدل مخدمات الوصول إلى الشبكة العالمية بأخرى حديثة ولا شيء أكثر.. ولكن المصيبة ليست هنا، فالإنترنت ما تزال شبه مقطوعة لدى الجانبين سواء أنكرا ذلك أم لم ينكرانه، والنقاش مستمر!.
بالمحصلة، وأياً كان تفسير المواطن للأسباب، يبدو أن السوريين هذه الأيام يبذلون جهوداً جبارةً في المحاججة لإقناع من يخالفهم في الرأي حول كل كبيرة وصغيرة، ويبدو للأسف أن «الثانويات» طغت على «أساسيات» حياتهم، بما في ذلك وعيهم بأن التغيير لا يصل إلى البلاد عبر «كابلات» بحرية أو فضائية؛ وإنما يصلها خارجاً من قلوب أبنائها موحدي الإرادة والهدف.
الاعتراف بالمشكلة يمثل بداية الطريق لحلها، هناك مشكلة «إنترنت» مفتعلة، وهذا خطأ يجب الرجوع عنه فوراً، وهذا الخطأ جاء نتيجة لخطأ أكبر يجب علينا الاعتراف بوجوده لنتمكن من إصلاحه يداً واحدةً ورؤيةً واحدة؛ معاً.. ضد تقييد الحريات.