ما لك في الطيّب نصيب!
في أواخر خريف 1953 أخبرني القائد الراحل أراكيل سكرتير منطقية الجزيرة، بأن الحزب سيرسلني للدراسة في أوربا. زودني برسالة إلى الحزب الشيوعي اللبناني، وقال: عليك أن تدبر عبورك إلى لبنان لأنك لن تمنح بطاقة دخول رسمية لأنك طالما اعتقلت.
تذكرت أبناء مدير مال القامشلي وكان من الزبداني، الذين درسوا في تجهيز الحسكة.. توجهت إلى الزبداني فاستقبلوني بترحاب حار، وعرضت عليهم طلبي في العبور إلى لبنان، وهم يعلمون أنني شيوعي، وبدأت استعدادي لدفع المبلغ الذي يطلبه ناقلي. امتعضوا لتغطية الأجرة، وأخذني أوسطهم مأمون إلى بيت أحد أقاربه، علمت فيما بعد أن اسمه محمد عبد القادر رمضان، وحدثه عني بالتفصيل، فرحب بي ونقلني سيراً على الأقدام عبر طرق وعرة حتى وصلنا إلى قرية رعيت. فشكرته بامتنان حار.
بعد أكثر من شهر قضيته في بيروت أخبرتني القيادة اللبنانية للحزب أنه يتعذر إرسالي إلى أوربا، لأني لا أملك جواز سفر، ولا أعرف لغة... وأعطتني خمسين ليرة لبنانية عدت بها إلى سورية، ورددت للمرة الثانية في بيروت عبارة: (مالك في الطيب نصيب)، إذ المرة الأولى كانت عام 1951، حين ذهبت إلى لبنان للسفر مع الوفد السوري إلى مهرجان الشباب الديمقراطي العالمي في برلين، وأصابتني حمى شديدة، فنقلوني إلى مشفى أوتيل ديو، ولما خرجت منه كانت الباخرة قد أقلعت، وسمعت حينها للمرة الأولى عبارة: (مالك في الطيب نصيب)..
عدت إلى سورية بعد أن خسرت سنة دراسية، فقررت أن أربط حياتي بالحزب، وتسلمت قيادة منظمة الدرباسية وريفها.