بيان من الشيوعيين السوريين يجب إزالة آثار رفع الدعم.. و«البادئ أظلم»
تمكن الفريق الاقتصادي في الحكومة من رفع الدعم عن المحروقات، مع إبقائه جزئياً بالنسبة للاستهلاك المنزلي، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة خلال العامين الماضيين للقيام بذلك، كان آخرها محاولة الأول من أيلول الماضي التي لو نفذت بالشكل الذي كان مطروحاً لكانت الأضرار على الاقتصاد الوطني كارثية وقاضية..
إن الوقائع الأولية تبين أن هذه الخطوة غير مدروسة إلا من جهة طريقة رفع الدعم عن المازوت والغاز، بينما بقيت آثارها المحتملة خارج إطار التحكم والضبط، وبرزت أول آثارها في الارتفاعات الهائلة على أسعار النقل، وفي الطوابير غير المسبوقة على الخبز.. وهي تحمل في طياتها أخطاراً كبيرة على الإنتاج الزراعي والصناعي، فالدلائل الأولى تشير إلى توقف جزئي أو كلي في هذين القطاعين الأساسيين من الاقتصاد الوطني. إن أي ضرر يلحق بالإنتاج الزراعي والصناعي يضعف الأمن الغذائي والوطني للبلاد في ظروف المواجهة الشرسة مع الأعداء الخارجيين، وإذا كانت الزيادة التي حصلت على الأجور بمقدار 25 % ضرورية، إلا أنها حتماً غير كافية لامتصاص زيادات الأسعار خلال العامين الماضيين، ناهيك عن حجم الارتفاعات اللاحقة بسبب رفع الدعم، والتي ستتأثر بها كل مواد الاستهلاك الشعبي الواسع، والتي يصعب تقديرها في هذه اللحظة..
لقد أحدثت هذه الخطوة التي حذرنا منها سابقاً ومراراً خلخلة في الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي، وهي لن تساهم حتماً في تمتين الوضع الداخلي في مواجهة الضغوط المستمرة على سورية من الخارج والتي تقودها الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل الصهيونية... وهي لا يمكن إلا أن تدخل في سياق الفوضى الشاملة التي يريدها الأعداء ويحاولون نشرها في منطقتنا..
أثبتت الأحداث مؤخراً أن الجبهة الاقتصادية ـ الاجتماعية قد أضحت جبهة أساسية من جبهات المواجهة، وعليها يركز العدو قواه الآن، ومهمة كل القوى الوطنية والشريفة التصدي له وإفشال مخططاته وتفويت الفرصة عليه ومنعه من إحداث الفوضى المطلوبة. ولن تجدي هنا محاولات الفريق الاقتصادي في الحكومة ترحيل المسؤولية عن نفسه ووضعها على عاتق غيره، فهو يتحمل المسؤولية الأولى عما وصلت إليه أوضاع البلاد والعباد اليوم. كما أن حجة ارتفاع الأسعار العالمية لا يمكن أن تغطي إلا جزءاً يسيراً من الارتفاعات العامة للأسعار في البلاد..
إن الوضع الداخلي الاقتصادي ـ الاجتماعي الدقيق يتطلب اتخاذ سلسلة إجراءات لإزالة الآثار السلبية لرفع الدعم وأهمها:
1 ـ إعادة بحث زيادة الأجور لكي تعود على الأقل إلى المستوى الذي كانت عليه في أوائل 2006 بالمقارنة مع ارتفاعات الأسعار الجارية منذ ذلك الحين.
2 ـ اعتماد سلة لاستهلاك المواطن رسمياً، وتعويضه بشكل مستمر عن مجمل ارتفاعات الأسعار بشكل يضمن له الحد الأدنى الضروري لمستوى المعيشة، وذلك على حساب الضرائب على أصحاب الدخول اللامحدودة، وعلى حساب الموارد التي تنهبها مراكز الفساد، أي على حساب الأرباح التي تتزايد بشكل فاحش..
3 ـ إنقاذ الإنتاج الزراعي والصناعي بشكل عاجل، وإيجاد الآليات التي تكفل تعويضه عن ارتفاع أسعار المحروقات.
4 ـ محاسبة الفريق الاقتصادي على ما آلت إليه أوضاع البلاد الاقتصادية ـ الاجتماعية وترحيله مع سياساته.
لقد قام الفريق الاقتصادي بإجراءات عميقة غير شعبية «باعترافه» وغير مفهومة عبر رفع الدعم عن المواطن، مما أضر وضعه المعاشي بشكل جدي، وهي يمكن أن تؤدي إلى انطلاق وتصاعد احتجاجات شعبية عفوية، وحينها يجب ألا يلوم أحد الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، لأن «البادئ أظلم».
إن سورية المستهدفة اليوم من العدو الأمريكي ـ الصهيوني أكثر من أي وقت مضى، ليست بحاجة لسياسات تضر مستوى معيشة الناس وتضعف لحمتها الداخلية، بل على العكس تماماً، فهي بحاجة إلى سياسات تنموية بعيدة عن الإملاءات الخارجية.. لذلك يجب إزالة آثار رفع الدعم عن المحروقات بالسرعة القصوى..
5/5/2008