وطني.. أو لا وطني؟
يستخدم البعض مصطلحات سياسية كثيرة، ومنها مصطلح، وطني، ولا وطني.
فيقولون عن هذا الشخص وطني، وذاك لا وطني، وهذا النظام وطني، وذاك لاوطني. كل ذلك لاعتبارات خاصة بمستخدميه، وبالطبع فإن المقام لا يتسع للخوض عميقاً في هذا الموضوع، لكن أن يستخدمه «وزير» مسؤول عن السياسة الاقتصادية، فهذا يحتاج إلى وقفة ومناقشة!
لعلها المصادفة أن ينشر هذا «القول» في الزميلة «تشرين» في عدد 11 أيلول، وما أدراك ما 11 أيلول؟ ففي اجتماع «المائة» الذي نظمته غرفة تجارة دمشق، وغرفة صناعتها بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، نشرت «تشرين» قولاً لوزير الاقتصاد في هذا الاجتماع، قال فيه: «أي تاجر لا يبرز فاتورة، هو غير وطني».
إن هذا القول يعني أنه يشمل التاجر الكبير الذي يربح الملايين، والبقّال الذي لا يكفيه ربحه حتى لمعيشته، ويعاني كغيره من الغلاء، بالإضافة إلى كونه مقيداً بغارات التموين وقراراتها، بينما التاجر الكبير يتمتع بحرية التلاعب بالفواتير، حتى مع بلد المنشأ، فضلاً عن بلدنا! كما أن أغلب التجار الكبار لهم علاقات مع بعض المسؤولين، أو شركاء لهم، يمررون لهم القوانين والقرارات التي تخدم مصالحهم على حساب المجتمع والدولة، حتى ولو أدى إلى هدمهما، كما أنها تمس أمن الشعب والوطن، وتصب في مصلحة العدو، ومنها محاولات الخصخصة، ورفع الدعم، وآخرها السماح للتجار بتصدير الحبوب والبقوليات، كالعدس والحمص وغيرها، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها، على حساب الفلاح المنتج، والمواطن المستهلك!!
وقول السيد الوزير هذا، يدعونا للتساؤل: لماذا لا يقدم السادة المسؤولون من الوزراء ومعاونيهم والمدراء العامين ومن بحكمهم، فواتير عن مصروفاتهم، وهدرهم و...، وكشوفاً عن حساباتهم، وأموالهم المنقولة، وغير المنقولة؟!
أعتقد أن حديث السيد الوزير، هو محاولة «للهروب إلى الأمام»، وتغطية للأهداف الأساسية لسياسة الفريق الاقتصادي، والحكومة من وراءه، وتحميل المسؤولية للآخرين، وخداع الشعب.
إن التجار الكبار، ومن حولهم من المتنفذين، هم حلقة الفساد الأكبر، ويعرضون أمن الوطن للخطر، وعليهم تقديم فواتيرهم، وعلى الشعب وقواه الوطنية، السعي لمحاسبتهم اليوم قبل الغد. والسؤال الأخير الذي نوجهه للسيد الوزير: ماذا تسمي أصحاب حلقة الفساد الأكبر؟ هل هم وطنيون؟ أم لا وطنيون؟