إهمال يخرّب المستقبل!!
كما لكل الأشياء درجات، للإهمال أيضاً درجات.. فالمرء إذا أهمل صيانة أسطوانة الغاز، فإنها يمكن أن تنفجر وتموت أسرة بكاملها، وإذا أهمل سلاحاً فردياً فيمكن أن يقتل أحد أشقائه أو أصدقائه، وإذا أهمل ضعف التيار الكهربائي، ولم يضع منظماً كهربائياً في مدخل بيته، فمن الممكن أن يحرق تلفازاً أو غسالة أو براداً...إلخ.
ولكن هل يمكن أن نسمح للإهمال أن يقتل جيلاً كاملاً؟ هل وصلنا إلى هذه الدرجة من البؤس؟
لقد سقنا هذه المقدمة لأننا وجدنا أنفسنا أمام واقعة خطيرة جداً، وهي مسألة تعاطي بعض المصححين مع تصحيح أوراق الثانوية العامة لطلاب محافظة درعا، والتي كان نصيبها أن تصحح في محافظة دمشق، فجاءت النتائج مليئة بالأخطاء، وجرى التهام درجات كثيرة ومؤثرة من رصيد الطلاب، ولولا الاعتراضات الكثيرة المقدمة من أولياء أمور متأكدين من حسن استعداد أبنائهم للامتحانات، لما افُتضح الأمر وجرى تدارك بعض آثاره..
يعلم الجميع في بلدنا أن الأهل يصابون بقلق كبير أثناء الامتحانات، وكأنهم هم من سيخضعون لهذه التجربة المخيفة والمصيرية، وقبل الامتحان يدرسون المنهاج مع أبنائهم ويحرمون أنفسهم حتى من الحديث مراعاةً لوضعهم النفسي، وأمهات الطلاب يقمن في كل صلاة بالدعاء مطولاً، يبتهلن إلى الله أن ييسر أمر أولادهن، وهن يذرفن الدموع، ويتوسلن للباري أن يكون النجاح حليف كل طالب.. فكيف يستهين بعض المصححين بكل هذا الجهد والقلق والانتظار..
عموماً، الطلاب المظلومون من محافظة درعا، قاموا بتقديم الاعتراضات، وقد أثمرت الوجبة الأولى منها عن نتائج معقولة، أما عن الوجبة الثانية فهي ما تزال قيد الدراسة، وقد تبين أن معظم المعترضين جرى حرمانهم من (5 درجات) وحتى ( 20 درجة).. فجرى تصحيح الخطأ..
إننا في قاسيون نطلب من كل الجهات المعنية أن تحاسب المهملين المسؤولين عن هذه الأخطاء المتكررة سنوياً، وتشكر كل المعنيين في الجهاز التعليمي في محافظة درعا الذين أبدوا اهتماماً كبيراً بهذه القضية، وتابعوها، وسهروا على تصحيح الأخطاء، وما يزالون يقومون بهذا الواجب إيماناً بدورهم التعليمي والاجتماعي والوطني.