عرفات: هل أصبحت «النصرة» معتدلة أم من رحب بـ«تحولها» إرهابي؟

عرفات: هل أصبحت «النصرة» معتدلة أم من رحب بـ«تحولها» إرهابي؟

أجرت إذاعة ميلوديFM يوم الأربعاء 3 آب 2016 حواراً مع الرفيق علاء عرفات، أمين حزب الإرادة الشعبية، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، تناول الأجواء المحيطة بجولة جنيف المرتقبة وآخر تطورات الوضع السياسي والميداني في سورية.

ورداً على سؤال حول على ماذا تدل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن ما اتفق عليه بالقرار 2254 بأن يكون بداية آب هو بداية المرحلة الجديدة في سورية أصبح من الماضي، قال عرفات: «كيري نفسه له تصريح سابق بأن موعد الأول من آب هو موعد تأشيري، تطورات الوضع الآن والمفاوضات الجارية بين الروس والأمريكيين لم تنته بعد، الاتفاق لم ينته، وهذا ما يتحدث عنه كيري، أي أن الموضوع موضوع تأجيل فقط».

ما الذي تم تأجيله؟ 

وأوضح أن التأجيل لا يتعلق بتأجيل الجولة القادمة من المفاوضات، بل «كان من المقرر أن يعلن كيري ولافروف في أوائل آب تفاصيل الاتفاق، وكان الخبراء الروس والأمريكيين في جنيف يضعون التفاصيل، وعلى ما يبدو لم تنته هذه التفاصيل والتأجيل المقصود هو تأجيل إعلان الاتفاق الروسي الأمريكي».

وعن حديث وزارة الدفاع الأمريكية أن لا توافق عسكرياً بين الروس والأمريكيين، أجاب عرفات: «هناك توافق عام، والخلاف على التفاصيل والبحث مستمر فيها. التصريحات الأمريكية اعتدنا عليها ويجب أن لا نقف عندها، لأن أحاديثهم تتغير بسرعة، وهذه أداتهم الإعلامية للضغط على المفاوضات الجارية، ولإخفاء تراجعهم. الأمريكيون يتراجعون بالمعنى الدولي، ويتراجعون عن أقوالهم. كانوا يطالبون في البداية برحيل الأسد، وتصريح رئيس الاستخبارات يمهد للتراجع اللاحق، الأمور تطورت بعكس رغبة الأمريكيين، وحليفهم الأكبر تركيا، انشغل بنفسه».

تراجع الحلف التركي- السعودي

وأوضح أن «التحالف التركي الأمريكي مازال موجوداً، وتركيا دولة أطلسية موجودة بالناتو حتى اللحظة. ولكن الحليف الأكبر هذا لم يعد قادراً على لعب دوره الوظيفي الذي كان يلعبه في السنوات الماضية. وهذا الضعف سينعكس فعلياً على الدور الأمريكي، وسينعكس أيضاً على أثر تركيا في الأزمة السورية الذي سينخفض بشكل سريع، وربما إلى حد التلاشي قريباً. وإن تراجعهم هذا موضوعي ناتج عن الضعف».

وأضاف عرفات: «السعودية تتراجع أيضاً، فعندما بدأوا بما يسمى بعاصفة الحزم كانت شعاراتهم شيء والآن شيء آخر. وهم في النهاية مضطرون للذهاب إلى تفاوض مع الحوثيين ومع علي عبد الله صالح، وإن هذا تراجع. وفي سورية تراجعوا أيضاً، تصريحات الجبير النارية غابت، وهذا انعكاس لميزان قوى دولي، بالتالي الدور السعودي إلى تراجع مستمر أيضاً». 

أنقرة.. واشنطن و«الأكراد»..!

وحول ما إذا كان الضعف التركي سيعطي الضوء الأخضر لمشاركة الأكراد في المفاوضات، أجاب عرفات: «قبل أي شيء، لاشك أنه من حيث الشكل يظهر أن تركيا هي من وضعت الفيتو على مشاركة الأكراد، ولكن ليس من الذكاء تصديق هذا الكلام، الأتراك من يتكلمون ولكن الأمريكيين هم من يفعلون، الأتراك لا يستطيعون منع الأكراد من المشاركة».

وحول كيف يكون ذلك و«الأمريكيين حلفاء للأكراد»، قال عرفات: «من قال ذلك؟! هذا نوع من التعاون المؤقت بالنسبة للأمريكيين، لأنهم بالأساس لا يرون أن أحداً من شعوب المنطقة هذه هو حليف لهم. حلفاؤهم الأساسيون هم الصهاينة والقيادات التركية التاريخية التي كانت منذ زمن بعيد عميلة لهم، فيما عدا ذلك، الجميع هم أعداء بنظر الأمريكيين. والحقيقة أو الدرس المحفوظ لدى شعوب المنطقة جيداً هو أن الأمريكيين لا يؤمن جانبهم وهم يخذلون حلفاءهم».

بين حلب وجنيف

وعن حلب وجبهاتها وشكل ارتباطها بموضوع جنيف، أجاب عرفات: «معركة حلب هي انعكاس لميزان القوى الدولي، وفي هذه المعركة توجد قوى الصراع الداخلية والخارجية كلها، والمحصلة كانت كما شاهدناها على الأرض هي حصار حلب وخسارة الطرف الذي يقوده الأمريكيون. وهذه المعركة عملياً فتحت وستفتح باب الحل السياسي، بمعنى حصار المسلحين في حلب سيفتح الباب لجنيف، خاصة وأن جنيف القادم هو آخر جنيف حسب قرار مجلس الأمن 2254، أي بالمختصر عمل عسكري سيفتح طاولة المفاوضات من جديد». وأضاف: «ما جرى هو فصل الخطوط التركية عن حلب، حاول المسلحون ايجاد خطوط إمداد جديدة لحلب الشرقية وهذه عملية صعبة وأعتقد أنها ضمن حساب الطرف الآخر، ولن تنجح».

وعن تعليقه على رفض منصة الرياض لمقترح ثلاثة نواب للرئيس قال عرفات: «أسعد الزعبي رفض الاقتراح، وبعدها صدر بيان بالترحيب بتغيير جبهة النصرة اسمها وفك ارتباطها بالقاعدة. بجمع هذه المواقف، نستنج أن الهيئة العليا للتفاوض تحاول أن تطرح السقف السابق نفسه لحفظ ماء الوجه، وباعتقادي هم ذاهبون لجنيف. وهذه الطروحات كلها ستذهب أدراج الرياح، وهذه الأسقف هي ليست تفاوضية، بل هي لمنع التفاوض. الوقت وميزان القوى لم يعد يسمح بذلك». وأوضح أن «جزءاً من القوى العسكرية الموجودة في وفد الرياض بات وضعها سيئاً، وبعضها غادر، مثل محمد علوش، ما يعني أن هناك تغييرات ستجري في تركيبة الوفد، والتغيرات فيما يحصل على الأرض أيضاً تدفع في هذا الاتجاه».

تبييض «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» 

وحول قراءة حزب الإرادة الشعبية وجبهة التغيير والتحرير لتغيير جبهة النصرة لأسمها وما الهدف منه، أجاب عرفات: «إن مجرد محاولة جبهة النصرة تغيير اسمها وعلمها وإعلانها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، يعني إفلاساً وتراجعاً معلناً بالمعنى السياسي. والمقصود من ذلك محاولة تحويل جبهة النصرة لمفاوض معتدل، بمعنى أن لا يتلقى ضربات بصفته الإرهابية، وأن يكون جزءاً من المفاوضات المقبلة، وهذا الكلام يضمر رغبة لديهم بالذهاب لحل سياسي».

وحول مدى إمكانية رؤية «النصرة» في جنيف قال عرفات: «لا، طبعاً، أنا أتكلم عمّا يدور في مخيلتهم. هم يعتقدون أن تحويل «النصرة» لمفاوض حتى وإن لم يحصل، يسهل عليهم موضوع تحويل «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» إلى مفاوضين. بالتالي صاحب الفكرة لا يستهدف «النصرة» بل يستهدف إخراج «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» من قائمة الإرهاب.

وأوضح عرفات: «نحن موقفنا يقول أن من رحب بهذا التحول يريد النفخ بروح من يذهب للموت، بصفتها (النصرة) قوة إرهابية مصنفة دولياً، وبصفتها أيضاً لا تمتلك أرضية، لا شعبية، ولا سياسية، ولا اجتماعية. بالتالي، موقف الهيئة العليا للتفاوض هو موقف مشبوه وهذا يشير إلى تورط بعض القوى السياسية بإنعاش الإرهاب وحمايته. وإن الولايات المتحدة طرف في هذا الملعوب، والتيار الفاشي الأمريكي هو صاحب اليد الطولى بمحاولة تحويل جبهة النصرة من تنظيم ارهابي إلى تنظيم معتدل».

وأضاف: «السؤال الواجب توجيهه لمن رحب بالتحول: هل النصرة أصبحت معتدلة أم أنه هو أصبح إرهابياً؟».

«2254» واضح..!

وحول فرص وجود وفد واحد بمنصات عدة للمعارضة في جنيف قال عرفات: «الوفد الواحد هو استحقاق لا بد منه من أجل عقد مؤتمر جنيف والذهاب لمفاوضات مباشرة»، موضحاً أن «ما تحدث عنه الأستاذ حسن عبد العظيم لا يدخل في خانة تشكيل الوفد الواحد، لأنه يحاول تشكيل وفد واحد تحت راية الهيئة العليا للمفاوضات، وهذا غير مقبول من بقية المنصات، لأن الانضمام إليها يعني الانضمام إلى برنامجها في نهاية المطاف».

وحول ما ستجري مناقشته في جنيف وهل ستفرض الأمم المتحدة أجندتها على المتفاوضين قال عرفات: «لن يفرض أحد على أحد شيئاً. هناك قرار دولي هو 2254 ، غالبية الأطراف موافقة عليه، وبالتالي موضوع المفاوضات هو تنفيذ القرار. وإن الفكرة العامة لتنفيذ القرار هي موضوعتان أساسيتان، محاربة الإرهاب والانتقال السياسي، وهناك مواضيع لا تقل أهمية مثل موضوع الإغاثة الإنسانية وموضوع المخطوفين والمعتقلين».

وحول حجم الفرص أمام نجاح اقتراح النواب الخمسة للرئيس، أجاب عرفات: «أعتقد أن لها فرصاً عالية بالنجاح لأن هذا الاقتراح عملي، ووسط، بين الطرحين السابقين، وهو دستوري ويحقق ما جاء في 2254 وببيان جنيف1».