وحدة الشيوعيين وإنجازهم لمهامهم يعني جميع السوريين
وصلتنا المداخلة التالية من إحدى قارئات قاسيون، ننشرها كما وردت مع التوقيع الرمزي الذي ذيّلها..
«السادة في هيئة تحرير صحيفة قاسيون المحترمة..
ما دعاني للكتابة إليكم اليوم – أنا التي لا أنتمي لأي من الفصائل الشيوعية- هو مشروع الموضوعات البرنامجية، نحو الاجتماع الوطني التاسع الذي نُشر في العدد 454 في صحيفتكم، والنقاش الذي أثارته لاحقاً، إذ أنني كمواطنة سورية متابعة للشأن العام، والذي بات اليوم، يخص كل إنسان ومواطن تعز عليه نفسه ووطنيته وانتماؤه لهذا البلد بشكل مباشر، بحكم الظروف التي يعيشها العالم اليوم وبلدنا بشكل خاص، أجد نفسي معنية بمشروع موضوعاتكم ومهامكم البرنامجية، والتي لم تعد شأناً داخلياً يخص الشيوعيين وحدهم أو الحركة السياسية، بل إن هذا المشروع مثله مثل قضية وحدة الشيوعيين السوريين، وهي أيضاً لم تعد قضية داخلية تمس الذين ينتمون للبيت الشيوعي فقط، بل أصبحت قضية وطنية بامتياز، تمس المجتمع السوري بجميع شرائحه وجماهيره، من جهة لأن الشعارات التي يرفعها هذا الحزب أو ذاك ليست هي التي تحدد مصداقيته أمام الناس أو الجمهور الذي يدعي أنه يمثله وإنما برنامجه السياسي والمهام التي يضعها أمامه ومقدار ما ينفذ منها، فهذه الجماهير في النهاية هي مالكة الحق في منح الشرعية سواء للحركة السياسية ككل، أو للأحزاب التي تنتمي إليها؛ ومن جهة أخرى لأن الحركة السياسية في سورية، والتي كان الشيوعيون السوريون أحد أعمدتها تاريخياً ولا يستطيع أن ينكر عليهم أحد ذلك، متخلفة اليوم عن جماهيرها وتعيش حالة أزمة في علاقتها بهذه الجماهير، ولكنها أيضاً بالمقابل لا يمكن أن تقوم دون وجود الشيوعيين الفعلي فيها، هذا الوجود يثبته ويؤكده فقط ما ينجزونه على أرض الواقع من مهام (أنجزوا الكثير منها تاريخياً عندما كانوا حزبا واحداً)، واليوم أمام الحقيقة الواضحة البسيطة التي تقول إن مهام وتحديات معقدة يفرضها عليهم واقع معقد لن يتمكنوا من إنجازها وهم موزعون ومشتتون في فصائل مختلفة، مما لا يدع مجالا للشك أن وحدة الشيوعيين السوريين ستصبح المهمة الأولى الواجب عليهم إنجازها أمام جماهيرهم أولاً، وأمام التاريخ ثانياً، وهو الذي لن يسامحهم ويرحمهم إذا لم يقوموا بها.
وهذا الكلام ليس من باب المجاملة للشيوعيين السوريين، وإنما يفرضه واقع ملموس، فالسياسة في سورية تصبح يوماً بعد يوم الخبز اليومي للسوريين بكل شرائحهم في ظل واقع مستوى معيشتهم المتدني، والذي يسير يوماً بعد يوم من سيئ إلى أسوأ، فهذا الواقع المقلق هو ما سيدفعهم في نهاية المطاف للعودة إلى السياسة ومباشرة العمل السياسي ثانية بعد انقطاع طويل عنها كان أحد أهم أسبابه الضعف العام والتراجع الذي تعانيه الحركة السياسية، والذي كان من نتائجه الطبيعية ابتعاد الجماهير عن الاهتمام بالتحزب أو الشؤون العامة،وهذا سيؤدي بدوره إلى نتيجة أخرى هي: أن أي قصور في عمل هذه الحركة أو بعض الأحزاب التي تنتمي إليها منذ الآن فصاعداً لن تتحمل وزره الجماهير كما كان يُعلن سابقاً من جهة بعض الأحزاب، وإنما من يمثلها سياسياً، فالجماهير الآن بحكم الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية المتردية التي تعيشها تسبقُ من يفترض أنه يمثلها. ومن هنا تستمد وحدة الشيوعيين السوريين أهميتها كقضية وطنية بامتياز، كقضية أساسية لكل السوريين، ويصبح من يقف أمامها ويتخاذل عن إنجازها، وقد استحق أوانها، خائناً ليس لحزبه فقط وإنما لكل المواطنين. ومِثلها أيضاً مشروع الموضوعات البرنامجية والذي لا يخفى على أحد أنه يحمل في ثناياه مشروع برنامج سياسي حقيقي وجدّي تقدمه إحدى أهم القوى الوطنية السياسية في البلاد، وهذا أيضاً ليس مجاملة لأن مجرد اقتراح نموذج بديل ومتطور في الاقتصاد مع تعرية النماذج السابقة ومناقشة عيوبها بكل هذه الموضوعية والدقة العلمية، والذي لم يسبقهم إليه أحد من الأحزاب السياسية الأخرى، سيجعل السوريين يفكرون بنماذج بديلة لمجالات أخرى تشمل بقية تفاصيل حياتهم اليومية، والتي ما عاد ممكناً تحملها أو السكوت عن مساوئها، ولن يجد السوريون أمامهم بداً من التفكير ملياً بالبديل إذا لم يكن اليوم، فغداً بالتأكيد، فالسوريون وإن كانوا غير معنيين بالسياسة الآن على الأقل، فهم معنيون بحياتهم وما يتعلق بها..
أتمنى لكم النجاح وأشد على أياديكم»..
■ فاطمة الزهراء